منال الزعبي - النجاح الإخباري - بعد ضبط آلاف الأشتال من "الماريجوانا" و"القنب الهندي" في أرض زراعية في إحدى قرى محافظة جنين، وقبلها ضبط أضخم مشتل لزراعة المخدرات بداخله (11) الف شتلة تراوحت أطوالها ما بين (50 - 150 سم) بالإضافة إلى بذور جرى زراعتها في منطقة فرش الهوى بمدينة الخليل.
دقَّ ناقوس الخطر وبات الأمر يدعو لجهود مكثفة، وحثيثة من قبل الجميع وتكاتف الجهود من قبل الأجهزة الأمنية ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين والأسر وكلّ إنسان غيور على مجتمعه.
باتت المخدرات تزرع وتُصنَّع وتوزّع بطرق احترافيّة في فلسطين حتى شكَّلت ظاهرة مؤرّقة، ويستغل البعض المناطق (c) التي يصعب وصول الشرطة الفلسطينية اليها في زراعة المخدرات، فأصبح لدينا مشاتل مستأجرة وأصحابها مشبوهون، وإن كانت الجهات المختصة تلاحق الفاعلين، إلا أنَّ رئيس جمعية أصدقاء الحياة لمكافحة المخدرات د.إيّاد عثمان تحدّث عن خطورة الموقف لـ"النجاح"، لافتًا إلى أنَّ القانون لا زال خجولًا في التعامل مع تجار المخدرات ومدمنيها على حدّ سواء، وإن كان في الدستور الفلسطيني قانون يُجرّم المرتكبين لهذا الفعل بالحكم من خمس سنوات إلى الأعمال الشاقة فإنَّ المحاكم لم تسجل للآن سوى حالة واحدة.
وأضاف عثمان أنَّ الجانب السياسي في انتشار المخدرات لا يمكن إغفاله، خاصة في استغلال الأراضي ( (C، وليس هناك اهتمام رسمي في محاربة هذه الظاهرة على جميع الأصعدة.
وأكَّد عثمان أنَّ المخدرات في المجتمع الفلسطيني أصبحت ظاهرة وخرجت عن السيطرة ونحن أمام جريمة منظمة.
وقال: "إنَّ الاهتمام بهذا الخصوص انفعالي موسمي، ثمَّ يفسح المجال للتفشي بشكل أكبر، ولا يتم التركيز إلا على منطقة القدس في حين تُهمل المناطق الأخرى، إذن نحتاج خطة استراتيجية وطنية لمحاربة هذه الظاهرة".
وتناول الخبير الاجتماعي د.ماهر أبو زنط الأسباب وراء انتشار المخدرات وتفاقمها إلى ظاهرة، مُشدِّدًا على أنَّنا أمام مرحلة خطرة مع رواج المخدرات التي باتت تزرع بسهولة وتصنع وتباع ببساطة.
وأرجع الإقبال الكبير عليها من قبل الشباب الفلسطيني لإهمال الأسرة، وسوء التوعيّة، والانفلات من العادات والتقاليد، وأسباب أخرى اجتماعية، كالفقر والبطالة والحالة النفسية السيئة التي يمرّ بها الناس من يأس وإحباط، وكذلك الظروف السياسية كلّها عوامل مساعدة، بحسب أبو زنط.
وأردف قائلًا: "المحزن في الأمر أنَّ نسبة من الإناث والأطفال يتعاطون المخدرات ويستخدمون في ترويجها، وهذا أمر طارئ على مجتمعنا ومخجل ومؤسف ومقلق أيضًا" .
وأكَّد أبو زنط أنَّه ليس لدينا برامج واضحة لحماية الشباب من المخدرات أو معالجة المدمنين منهم، مشيرًا إلى جمعية أصدقاء الحياة لمكافحة المخدرات كشاهد حيّ تشهد ضغطًا كبيرًا من الحالات دلالة على تفشي الانتشار.
وناشد الأهل بالاقتراب من أبنائهم والاهتمام بهم، خاصة المراهقين منهم في فترة العطلة الصيفية حيث يزداد ترويج المخدرات وتعاطيها.
ونوَّه إلى أنّ هناك سوق للمخدرات وترويج بشكل كبير، ولا يدري الأهل بأبنائهم إلا في المرحلة الأخيرة رغم أنَّ هناك ملاحظات وعلامات تغيّر في سلوك المتعاطي يجب الانتباه لها في بدايتها، لعلاجها.
وشدَّد أبو زنط على أنَّ الأوان قد آن لتصبح مكافحة المخدرات مسؤولية فردية، وأن نطرق الموضوع بجدية أكثر لنتجنّب طامة كبيرة.
وأشار المختصون إلى ضرورة تعريف الأهالي بهذه النباتات المخدرة التي يستسهل الشباب زراعتها في بيوتهم.
تجربة تاجر
أحد تجار المخدرات وهو متعاطي أيضًا قال لـ "النجاح": "بدأت بالمشروبات الروحية، بعدها وأنا بين أصحابي في أريحا نشرب أرجيلة غاب وعيي بشكل تلقائي، ساعة ونصف تقريبًا، لم أدرِ ما يجري، ثمَّ فهمت وعرفت الكثير من المعلومات عن المخدرات، نباتات تزرع ويستخدم زبل الأغنام لتخصيبها، ويتم توجيه المكيفات عليها، لتوفير بيئة مناسبة لنموها، عرفت المرغوانا، ثمَّ حبوب الإكستازي المخدرة والتي تعطي للدماغ نشاطًا وجرأة، ومادة الهايدرو وتستخدم في الاسقاط، والنايس والحشيش، والكثير من الأنواع جربتها وتعاملت فيها، وساء وضعي بعد الزواج حيث عجزت عن القيام بمسؤولياتي فضلًا عن العار الذي لحق أسرتي وأبنائي".
وأضاف صاحب التجربة أنَّه نادم ويشعر بالخزي إضافة إلى تورّطه وتغير مسار حياته كليًّا، قال: "بعد المخدرات الموت بصير أرحم من الحياة، ووارد جدًا تموت بجرعة زايدة، غير الطمع في إنك تحصل ع فلوس بأي طريقة مش مهم كيف، المخدرات بتفسد كلَّ شيء في الإنسان، وهي أسوأ طريق ممكن حد يسلكه طريق اللارجوع".
ولفت العقيد أحمد أبو الرب، إلى أنَّ كمية المخدرات التي تمَّ ضبطها داخل المشتل في الخليل تعدُّ الأكبر في الضفة.وذكر أنَّ الجهود المبذولة حثيثة للتصدي لهذه الظاهرة وملاحقة مرتكبيها بتوجيه شديد اللهجة من الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء د. رامي الحمد لله، وقال: "نحن بالمرصاد لضعاف النفوس الذين يتاجرون بأرواح شبابنا، ونهيب بالمجتمع بأركانه كافة بالتواصل مع عناصر الشرطة والتبليغ وطلب المساعدة التي سنوفرها فورًا لأي مواطن.
وكانت عناصر الأمن الوقائي قد استطاعت الكشف عن (3) بيوت بلاستيكية بمساحة ما يقارب (3) دونمات مزروعة بأشتال من الماريجوانا والقنب الهندي في مدينة جنين.
وأضاف أنَّ الوقائي استطاع القبض على مشتبهين وما زال آخر فار، مؤكدا أن النيابة العامة اشتركت بالتحقيق والمتابعة حسب الاصول القانونية المعمول بها.
وشدد مدير وقائي جنين العميد مهند أبو علي، على أنَّ جهاز الأمن الوقائي سيلاحق كل من يتعاطى أو يبيع أو يروج المخدرات المدمرة لمجتمعنا والتي تهدد السلم الأهلي، محملا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن ترويجها، مناشدًا المواطنين بالإبلاغ عن أيّ شخص يشتبه بتعاطيه أو متاجرته بالمخدرات.