هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - بعد خروج تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة، خلال خطاب ألقاه بفلوريدا، حول شعوره بأن الزعماء الإيرانيين سيتحدثون قريبا جدا مع الولايات المتحدة، ضجت وسائل الإعلام بالخبر الذي يفتح الباب أمام احتمالات حذرة، قد تنعكس على العالم والشرق الأوسط بشكل خاص.
فما دوافع ترامب من الحوار مع إيران؟ وهل سيتبع ذلك تغييرا سياسيا يشمل عقد اتفاق نووي جديد؟ وكيف سيكون الرد الإيراني؟ وما الذي يجبر الأخيرة على القبول؟ هل يوجد احتمالية لاندلاع مواجهة عسكرية مفتوحة؟
المحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي د. رويد أبو عمشة أكد أن تصريح ترامب حول الحوار مع إيران دون شروط كان تلقائيا، مشيرا إلى أنه فور خروج هذه التصريحات أيد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ما قاله ترامب لكن بشروط محددة لمثل هذه المناقشات.
وقال بومبيو: "قلنا ذلك سابقا، الرئيس يريد أن يلتقي بهم (في إشارة إلى الإيرانيين) لحل المشكلات".
وعدد 3 شروط لعقد مثل هذا اللقاء، قائلا: "إذا أبدى الإيرانيون التزاما بإجراء تغيرات جوهرية في كيفية تعاملهم مع شعبهم، والحد من سلوكهم الخبيث، والاتفاق على أنه من المفيد الانخراط في اتفاق نووي يمنع فعليا انتشار الأسلحة النووية".
وعلى الرغم من التوقعات التي تشير إلى أن تصريح ترامب بشأن عدم وجود شروط مسبقة لإجراء محادثات مع إيران سيضعه على خلاف مع بعض كبار مستشاريه وربما جمهوريين آخرين، وفقا للتجربة السابقة مع أوباما، توقع أبو عمشة في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أن تصريحات ترامب قد تحدث تغييرات سياسية، وانعقاد اتفاق نووي جديد، حيث يعتمد الرئيس الأمريكي التلقائية في تصريحاته ولكنه معظمها تكون قد قدمت من قبل مستشاريه".
10% فقط لإيران
وأشار المحلل السياسي أن الرد الإيراني كان واضحا، والتي أكدت فيه على لسان خارجيتها أنها فاوضت أمريكا سابقا، وخرجت باتفاق ملزم للجميع ويمكن لامريكا ان تخرج منه وحدها لكن هذا لا يعني انهاء الاتفاق.
ورأى أبو عمشة أن لا مشكلة لدى إيران بالتفاوض مع أمريكا كونها قامت بذلك مع الرئيس السابق باراك اوباما عن بعد وفي مفاوضات 5+1، مستدركا أن المشكلة لديها في التفاوض مع الإدارة الأمريكية الحالية التي تفرض شروطا إسرائيلية بحتة، مؤكدا أن إيران ستحصل من خلال التفاوض الجديد على 10% مقارنة بالإتفاق السابق، ومن هذا المنطلق قد لا تستجيب لذلك.
واستبعد أبو عمشة اندلاع مواجهة عسكرية مفتوحة في الأفق القريب، مشيرا إلى أن القرار بذلك يعود لإسرائيل، قائلا "إذا كان لدى إسرائيل قرار بمواجهة إيران وبرنامجها النووي ففرصتها الذهبية في عهد هذه الإدارة.
وفي المقابل، رد مسؤولون إيرانيون، الثلاثاء، على التصريحات الأميركية، قائلين إنه إذا كان ترامب يرغب في إجراء محادثات مع بلاده فعليه أولا أن يعاود الانضمام إلى الاتفاق النووي، الذي انسحب منه في وقت سابق من العام.
اختراقات
بدوره أوضح المحلل السياسي المختص بالشأن الفلسطيني والشرق أوسطي د. حسام الدجني أن ترامب يعتمد على تجربته مع كوريا الشمالية في التعامل مع إيران، حيث أصبح الحوار المدخل لإنهاء أزماته التي كانت تهدد النظام الدولي بكامله.
وأشار الدجني في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أن ترامب يريد ترسيخ نظريته في العلاقات الدولية لإحداث اختراقات.
وأكد أن الحوار الأمريكي مع إيران سيحدث اختراقا في الملف الإيراني، ونقطة تحول في الإقليم والشرق الأوسط خاصة الدول التي تقاطع طهران.
وتوقع الدجني أن يستطيع ترامب إحداث تغيير سياسي واعادة صياغة الاتفاق النووي، وتحييد ايران في المنطقة لتمرير صفقة القرن.
إيران مجبرة على القبول لأسباب
وعن امكانية التجاوب الإيراني، قال قائد الحرس الثوري الإيراني محمد علي جعفري، إن شعب بلاده "لن يسمح بالتفاوض مع الشيطان الأكبر"، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
وردت إيران على ترامب بوضع شرطين مسبقين لاجتماع محتمل وقال حميد أبو طالبى أحد مساعدي الرئيس الإيراني حسن روحاني على تويتر: إن ترامب يجب أن يوافق على العودة إلى الاتفاق النووي المدعوم دوليا مع إيران كما سيتعين عليه تعليق العقوبات الجديدة ضد طهران قبل أي محادثات، واحترام حقوق الأمة الإيرانية والحد من الأعمال العدائية والعودة إلى الاتفاق النووي هي خطوات يمكن اتخاذها لتمهيد الطريق للمحادثات بين إيران وأمريكا.
وعبر ايضا علي مطهري عضو البرلمان الايراني البارز "ان الوقت الحالي ليس مناسبا لايران للتفاوض مع الولايات المتحدة ولو لم ينسحب ترامب من الصفقة النووية الإيرانية (مع القوى العالمية) ولم يفرض عقوبات على إيران فلن تكون هناك مشكلة في المفاوضات مع أمريكا".
وحول ذلك رأى الدجني أنه من المنطق الدبلوماسي عدم رفض إيران لهذا العرض، متوقعا خروج ترحيب بذلك في الساعات القادمة.
وأوضح أن ما يدفع إيران إلى القبول في اللقاء، هو الحصار الأمريكي على الوضع الاقتصادي، ونظامها المهدد بعد آخر مظاهرات فيها.
وحول سيناريوهات المواجهة، بين الدجني أنه احتمال ضعيف، خاصة وأنها دولة شاسعة المساحة، وتحتاج لقدرات عسكرية هائلة، مشيرا إلى أنه في حال اندلاع الحرب بين أمريكا وايران فسينعكس ذلك على خطوط الغاز والنفط على امتداد اوروبا، والاقتصاد الدولي المنهك نتيجة الأزمات المستمرة.
واستغل الرئيس الأمريكي الخطاب حول التفاوض مع إيران لكي يذكر مجددا بقراره سحب بلاده من الاتفاق النووي الذي وقعته الدول العظمى مع إيران عام 2015، بحسب "فرانس برس".
وفي 8 مايو / أيار الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق الذي يقيد البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات الغربية عن طهران، والموقع بين الأخيرة والمجتمع الدولي عام 2015.