نهاد الطويل - النجاح الإخباري - رغم الضبابية التي تحيط بموعد إعلان الإدارة الأمريكية تفاصيل خطة ما تطلق عليه "صفقة القرن" تشير تقديرات المراقبين أن أرجح التوقعات أن يتم مثل هذا الإعلان من طرف واحد في خريف هذا العام.
وفي هذا الإطار يؤكد الكاتب الأردني حمزة أبو رمان إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما زالت تقيس ردة الفعل حول ملامح الصفقة التي ما زالت تسريبات حتى الآن.
ويتوقع أبو رمان لـ"النجاح الإخباري" أن تواصل الإدارة الدفع بالمستقبل القريب للمزيد من المحاولات لمعرفة حجم ردود الأفعال العربية الشعبية على وجه الخصوص.
"خاصة أنها مرفوضة شعبيتا بكل المقاييس وستكون نقطة تحول كبير في مسار عملية السلام بالمنطقة" أضاف أبو رمان.
وعن الموقف الأردني لفت أبو رمان أن لقاء الملك عبدالله الثاني بترامب يؤكد أن الصفقة مرفوضة حتى لدى النظام الرسمي.
ضمانات عربية ..
مصدر قيادي مقرب من القيادة الفلسطينية اكد لـ"النجاح الإخباري" أن الرئيس محمود عباس تلقى ضمانات عربية لجهة عدم تمرير صفقة القرن رافضا الكشف عن تفاصيل هذه الضمانات والأطراف التي تقدمت بها للرئاسة.
كباش الضغوط
بدوره يؤكد الكاتب المصري عبدالله السيناوي أنه من الآن إلى الخريف سوف تزداد الضغوط الأميركية لدفع دول عربية حليفة إلى تمويل مشروعات توصف بـ"الإنسانية" في قطاع غزة بحدود مليار دولار فيإطار الدعم لمساعي الخطة ، قبل الكشف عن تفاصيلها واتخاذ مواقف تؤيدها باسم السلام والواقعية ورفع المعاناة عن القطاع المحاصر.
وتفصيلا لما سبق يرى السناوي أن هناك خطان رئيسيان متداخلان في التفكير الاستراتيجي الأميركي الذي يطرح نفسه الآن بقوة الضغوط استثماراً لأوضاع بائسة في العالم العربي.
أولهما، يعمل على تصفية نهائية للقضية الفلسطينية باسم "سلام القوة"، وفق تعبير الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه، يلغي الحق العربي في القدس ويضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية ، ويبقي على غور الأردن تحت السيطرة الإسرائيلية وينزع أي سلاح ثقيل من الدولة الفلسطينية المفترضة.
"يلفت الانتباه ـــ حسب التسريبات الإسرائيلية ـــ أن مصمّم الخطة يحاول القفز بالخديعة فوق ملف القدس الملغم حتى يمكنه أن يقول إن البلدة القديمة ضمت وانتهى أمرها، وإن بوسع الفلسطينيين والعرب معهم أن يطلقوا ما شاءوا من أوصاف على عاصمة مقترحة خارج أسوار القدس تضم عدة أحياء وبلدات أهمها أبو ديس. وهذه فكرة قديمة طرحت أثناء مفاوضات أوسلو وما بعدها لتجاوز أزمة القدس." يؤكد السناوي في تقديره للموقف.
معالم الصفقة
ووفقا لأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية عبير أبوثابت فإنه طبقا للتسريبات المتعاقبة عن الصفقة ، فإن قضية القدس: ستضم إسرائيل جغرافياً لها مساحة 70 كم من الضفة الغربية وهى المساحة التى كانت قد أعلنت عن ضمها مطلع الثمانينات من القرن الماضى؛ ضمن ما عرفته بمدينة القدس الموحدة؛ وهذه المساحة تتضمن كل الحدود البلدية لمدينة القدس الشرقية أبان الحكم الأردنى عشية الرابع من حزيران 1967، والتى كانت قرابة 70كم، ومن المعروف أن المدينة القديمة التى تضم المسجد الأقصى تقع ضمن تلك الحدود؛ وتقترح الخطة أيضا أن تتخلى إسرائيل عن بعض المناطق محدودة المساحة وذات الكثافة السكانية العالية داخل 70 كم آنفة الذكر كمخيم شعفاط فى الشمال وجبل المكبر فى الجنوب لتم يضمهما لمدينة جديدة شرق حدود ال70 كم تسمى القدس الفلسطينية وتكون هى عاصمة الكيان الفلسطبنى الناتج عن هذه التسوية مع العلم أن تلك المناطق داخل 70كم لن تكون ذات تواصل جغرافى مع القدس الفلسطينية المقترحة.
وفيما يتعلق قضية الحدود فترى أبوثابت أنه لن يكون للكيان الفلسطينى الناتج عن التسوية فى الضفة الغربية أى حدود شرقا مع الأردن على الأقل فى المدى المنظور؛ وهو ما يعنى أن منطقة الغور ستنتقل من التصنيف ج إلى ب وليس أكثر، وأما شمالا وغربا وجنوبا فقد رسم الجدار العازل سلفا تلك الحدود؛ وما تبقى من مستوطنات وبؤر استيطانية خارجه فستكون محل للتفاوض بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى.
وتشير أبوثابت أن اللاجئين هم أكثر الخاسرين من هذه التسوية بشطب حقهم فى العودة وإلغاء صفة اللاجئ عنهم عبر تصفية وكالة الغوث؛ والاستعاضة عنها بهيئة أخرى تتولى تنمية مناطق تواجدهم وتعويضهم ماليا عن حقهم المسلوب بعد أن يتحولوا إلى مواطنين فى الكيان الفلسطينى الناتج أو مواطنين للدول التى يقيمون فيها حيثما أمكن ذلك .
شرعنة للواقع
وترى ابوثابت أن مشروع صفقة القرن هو ببساطة شرعنة للواقع القائم على الأرض فلسطينيا وعربيا ليس إلا؛ وعليه فإن التصدى للصفقة فعليا وليس نظريا منوط بالبدء فورا فى تغيير هذا الواقع فلسطينيا على الأرض؛ وأول هذا التغيير يبدأ بإنهاء الانقسام الفلسطيني.
ويبدو من خلال الحراك الأميركي المكثف والمواقف التي أدلى بها صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأحد كبار مستشاريه، جاريد كوشنر، يؤشر الى أن الإعداد لهذا المخطط بلغ مراحل متقدمة جداً.
"قطار السلام"
على الجانب الاخر في سياق متصل، كشفت تقارير إسرائيلية عن أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو اتفق مع وزير الاستخبارات والمواصلات يسرائيل كاتس، على تسريع مبادرة "قطار السلام" الذي سيربط بين القارات ويعتمد بمساره على سكة الحجاز. وبموجبه سيجري توسيع وانتعاش التجارة بين دول الخليج وموانئ البحر المتوسط، وإن انتعاش التجارة بين هذه الدول وبين إسرائيل له دلالات واسعة تشكل رافعة اقتصادية لتعزيز التجارة القائمة، ورافعة لتحقيق السلام الاقتصادي في الشرق الأوسط قبل أن يجري الحديث عن سلام سياسي.
تسقط الصفقة ..
"صفقة القرن لن تمر ..سيفشلها شعبنا بصموده في أرضه وتمسكه بحقوقه وثوابته" #تسقط_صفقة_القرن ، هذا ما أجمع عليه النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في إطار الحملة التي أطلقت مؤخرا وسط دعوات للنزول الى الشوارع.
وقالت الحملة الوطنية لإسقاط صفقة القرن في بيان لها:" إنه استشعاراً بالمخاطر المحدقة بالمشروع الوطني الفلسطيني برمته، وما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها من محاولة لفرض رؤية دولة الاحتلال، وإجهاض حلم الدولة الفلسطينية والاستقلال الوطني، عبر تمرير ما يسمى بــ " بصفقة القرن "، فقد بادر الغيورون من أبناء شعبنا الفلسطيني بمشاركة ومباركة وطنية من شرائح وقطاعات عديدة من " الشباب، والطلاب، والمرأة، والأكاديميين، والمثقفين، وكتاب الرأي، والسياسيين، ورجال الدين، والإصلاح، والعشائر، والقطاع الخاص"، لمناقشة هذه المخاطر وسبل التصدي لها ومجابهتها، عبر إطلاق الحملة الوطنية لإسقاط صفقة القرن، والتي تهدف إلى توضيح مخاطر هذه الصفقة سيئة السيطـ، وكيف يمكن لها ان تعمل على إجهاض المشروع الوطني، وطرح حلول بديلة تلتف على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، عبر حزمة من التسهيلات الإنسانية والإغراءات الاقتصادية.
ودعت الحملة وفق بيان لها، الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية، والشرفاء والأحرار في العالم أجمع إلى المشاركة في هذه الحملة، عبر تعبئة " وثيقة رفض الصفقة " التي ستكون بعدة لغات ونماذج أعدت لهذا الغرض.