هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - كشف ميخائيل بوغدانوف الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسي، عن أن بلاده تدرس دعوة مختلف الأطراف الفلسطينية إلى طاولة الحوار في موسكو لإنجاز المصالحة والوحدة الوطنية، تمهيدًا للوصول إلى وحدة التمثيل الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
جاء ذلك خلال لقاء أجراه وفد قيادي من حركة حماس برئاسة عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق، مع بوغدانوف في مقر وزارة الخارجية الروسية يوم أمس الاثنين.
فهل ستنجح روسيا بأن تلعب دور الوسيط في المصالحة؟ وهل ستستطيع أن تكون بديلا عن امريكا في عملية السلام؟ وماذا عن تدخلها بصفقة القرن؟ وما مصلحة حماس من التوجه لروسيا؟ وهل لتوجه الرئيس أبو مازن لروسيا علاقة بالحراك الروسي؟
وحول هذا الموضوع أوضح الكاتب والمحلل السياسي ابراهيم المدهون أن روسيا تقوم بدور موازٍ للدور الأمركي في المنطقة، لافتا إلى أن حماس لجأت لروسيا لتعزيز كفة التوازن أمام التدخل الأمريكي.
وتوقع المدهون في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري" أن روسيا تستطيع بثقلها وحضورها المتزايد أن تشكل إضافة نوعية بأي حراك سياسي خاصة وأنها لا تنحاز بشكل كامل للاحتلال.
وأكد أن لروسيا مرونة ورؤيا تمكنها من التأثير على الأطراف وقوى المنطقة مثل مصر وغيرها فيما يخص المصالحة، وتلقى احتراما من السلطة وحماس الأمر الذي قد يساعد بشكل ايجابي لتحقيق المصالحة، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الإجراءات المفروضة على غزة مرتبطة بضغوط إسرائيلية لبقاء الانقسام الفلسطيني، قائلا "ما زالت اسرائيل تضع الفيتو على المصالحة".
ومن هذا المنطلق يؤكد المحلل السياسي أن بمقدور موسكو أن تشكل ضغطا حقيقيا على الاحتلال للتهدئة في بعض القضايا السياسية.
وفيما يتعلق بأن تكون روسيا بديلا عن أمريكا لتحقيق عملية السلام، ودورها في صفقة القرن، أوضح المدهون أن روسيا لن تكون بديلة عن الولايات المتحدة ولا شريكة في "صفقة القرن"، ولكن ربما تُحدث بعض التعديلات على الرؤية الأمريكية.
بدوره أطلع وفد حماس بوغدانوف على جرائم الاحتلال الإسرائيلي والتي كان آخرها استهداف المدنيين المتظاهرين في مسيرات العودة، وما يحمله ذلك من تصعيد واحتمالات الوصول إلى مواجهة شاملة، وطلب الوفد من روسيا الاتحادية لعب دور أكبر في التصدي لهذا العدوان، وأن تكون فاعلة في خدمة الشعب الفلسطيني فيما هو متاح لها من مساحات.
وبحث الوفد مع بوغدانوف صفقة القرن، والذي أكد بدوره أن الولايات المتحدة لم تعرض على بلاده خطتها للسلام في الشرق الأوسط، وأكد كذلك على ثبات الموقف الروسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، والرغبة في دراسة تقديم مساعدات روسية لتفكيك الأزمة الإنسانية في غزة.
هدف حماس
وعن مصلحة حماس من التوجه لروسيا، قال المدهون "لدى حماس أولوية في كسر الحصار عن غزة، اضافة إلى رغبتها بالدخول في أي تركيبة سياسية اقليمية ودولية لتكون جزءا من القرار الفلسطيني وأي عملية سياسية"، وتابع "روسيا متفهمة لحجم حماس وتريدها عنصرا مهما وفاعلا بأي معادلة تخص القضية".
ويشار الى أن أنباء تحدثت عن زيارة الرئيس محمود عباس الى روسيا في الأيام القادمة، وحول ذلك توقع المدهون أن يكون لزيارة عباس علاقة ايجابية في التحرك الروسي.
وعن خشية اسرائيل من التحرك الروسي أكد المدهون ان اسرائيل غاضبة ولا تريد سوى ابقاء الحراك السياسي بيد أمريكا، لافتا إلى أن روسيا تتمتع بقوة علاقاتها ونفوذها في الشرق الأوسط ما يؤهلها للعب دور هام في المنطقة، ولكن سيبقى الاحتلال غير راضٍ عنه ولن يستطيع مقاومته بشكل علني، ولكن سيحاول الالتفاف عليه والمراوغة أمامه.
وقال مسؤول كبير في حماس في غزة، وفق ما نقلته "هآرتس" إن توقيت الزيارة لم يكن مصادفة، وأنها جاءت بالتوازي مع زيارة الوفد الأمريكي برئاسة صهر الرئيس الأمريكي جارد كوشنير، إلى الشرق الأوسط. وقال إن "روسيا هي لاعب مركزي جداً في الشرق الأوسط، ولديها علاقة مباشرة مع جميع اللاعبين في المنطقة، من إسرائيل والسلطة الفلسطينية وحتى إيران"، مضيفاً أن الاجتماعات في موسكو ستتناول العديد من القضايا، من الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى التحركات الدبلوماسية التي يحاول الأمريكيون قيادتها، وحتى محادثات المصالحة. إن تنسيق المواقف حول هذه القضايا مهم جدا بالنسبة لحماس".
ووفقًا للمسؤول الكبير، تتوقع المنظمة تدخلًا روسيًا في قضيتين رئيسيتين، إحداهما حصار قطاع غزة والأخرى المصالحة مع حركة فتح. وقال "إن موقف المنظمة هو أن الولايات المتحدة، وخاصة الإدارة الحالية، لا ينبغي أن تعمل كلاعب حصري في المنطقة وهي تقوم في الواقع بتطبيق السياسة الإسرائيلية".
روسيا لن تنجح
بدوره أوضح المحلل السياسي طلال عوكل ان دراسة روسيا دعوة الأطراف الفلسطينية لطاولة الحوار في موسكو، مهمة جدا ولكنها ليست الاولى من نوعها ولن تنجح.
مضيفا "يمكن الحكم على ذلك من التجربة المصرية".
وأكد عوكل لـ"النجاح الاخباري" أن الطرف المصري هو الأكثر آهلية بالتدخل في تنفيذ المصالحة، مشيرا إلى ان روسيا لن تزاحم مصر لأخذها كبديل للمصالحة ولكن يمكن أن تأخذ الدور المساعد فقط.
ورأى أنه من المبكر الحديث عن طرح روسيا بديلا عن الولايات المتحدة في عملية السلام، نظرا الى ان اسرائيل ترفض بشدة أي تدخل، لافتا إلى رفض الاخيرة التدخل الفرنسي والاوروبي في ذلك.
ونوه إلى ان العوامل المحيطة بالعملية السلمية لا تساعد على تدخل روسيا، مؤكدا أن هذا له علاقة بمنظومة العلاقات الدولية وعلاقتها بالمنطقة، مؤكدا انها لا ترقى لمستوى أن يكون لديها دور فاعل ومؤثر بديلا عن الولايات المتحدة.
وأوضح أن روسيا تحاول اعادة احياء دورها في الشرق الأوسط بناء على موقف الاتحاد السوفيتي التاريخي من القضية الفلسطينية.
واستبعد عوكل وجود علاقة بتوجه الرئيس أبو مازن لروسيا في الأحداث مؤخرا، مؤكدا ان هدف الزيارة غير سياسي، وأضاف أن احتمال لقاء الرئيس برئيس وزراء حكومة الاحتلال غير وارد ايضا، مستدركا أنه لابد أن تطرح القضية الفلسطينية عرضا أثناء لقاء الرئيس في بعض الأطراف المسؤولة هناك.
ويذكر أن أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير صائب عريقات طالب حماس بأربعة متطلبات لإنهاء الانقسام قائلا "يجب على حركة حماس إنهاء (الانقلاب) في قطاع غزة وتغليب المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وتمكين حكومة الوفاق في قطاع غزة، وتنفيذ اتفاق المصالحة الموقع في اكتوبر 2017، والذهاب إلى انتخابات عامة".
بدوره قال القيادي في حماس سامي أبو زهري في تغريدة عبر حسابه الشخصي أمس ردا على تصريحات عريقات:" أربعة متطلبات على فتح فعلها لإنجاز المصالحة" وهي: إنهاء سياسة التمييز ضد غزة وتطبيق الاتفاقات كاملة بعيدا عن الانتقائية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بدلا من (حكومة فتح) الحالية وإجراء الانتخابات".على حد قوله.