هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - قررت ما تسمى الجبهة الداخلية للاحتلال الاسرائيلي استدعاء 15 فرقة من جنود الاحتياط وضمها إلى فرق مكافحة الحرائق على حدود قطاع غزة، وقالت القناة الاسرائيلية الثانية: "ان المطالبات بنشر الجنود بدات قبل عدة ايام, لكن اليوم الاربعاء سيتم نشر 15 فرقة سيتعاونون مع رجال الإطفاء في محيط القطاع فضلا عن المساعدة في مكافحة الطائرات الورقية التي يطلقها المتظاهرون باتجاه مستوطنات غلاف غزة والتي ادت الى اشتعال الحرائق في الاف الدونمات.
ويهول الإعلام الإسرائيلي من الآثار الناجمة عن إطلاق الطائرات الورقية والبالونات المشتعلة (الحارقة) باتجاه المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، حيث تعالت تهديدات قادة الاحتلال وصرح وزير التعليم العالي في حكومة الاحتلال المتطرفة "نفتالي بينت" "بأنه قد حان الوقت لاستخدام القوة المفرطة، والاستهداف المباشر لمطلقي الطائرات الورقية الخطيرة والقاتلة، كما يدعي."
فيما يرى بعض وزراء حكومة الاحتلال مثل رئيسها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، أنه يجب تجنب قتل مطلقي الطائرات لتفادي تأثير سلبي على صورة إسرائيل عالميا على عكس رأي بينيت ووزير الأمن الداخلي، جلعاد أردان الذين أوصوا بضرورة السماح للجيش بقتل مطلقي الطائرات من غزة.
فهل يخدم هذا التهويل الإعلامي تحقيق أغراض سياسية؟ وهل ستكون هذه الطائرات الحجة لاندلاع الحرب؟ وما مدى تأثير استخدام مصطلحات خاطئة كالإرهاب الورقي على الرأي العام وإلى أين سيصل بذلك؟ وهل يعتبر قصف الليلة الماضية على غزة ردا على الطائرات الورقية؟
وحول هذا أكد المختص في الشأن الإسرائيلي والفلسطيني د. مأمون أبو عامر، أن الاحتلال يحاول تهويل الطائرات الورقية بتحويلها لأداة إرهابية خطيرة كعادته، مشيرا إلى أن الاحتلال معتاد على تحويل حتى الشعارات البسيطة التي توقظ الوطنية إلى ارهاب.
وأوضح أبو عامر، في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري" أن الطائرات الورقية أشعلت حرائق بمناطق واسعة لكنها لم تؤثر على التكلفة الاقتصادية إذا ما قورنت بقوة الاقتصاد الاسرائيلي.
وحاول مصدر عسكري رفيع لدى الاحتلال أن يشرح الرد الإسرائيلي على الطائرات الورقية وحذر: "أن البديل عن الإرهاب الورقي هو الحرب ... إذا تصرفنا بقوة، ويمكن أن تتصاعد الاوضاع إلى حرب".
من جهته نوه أبو عامر، إلى أن الطائرات الورقية شكلت حالة من استنزاف الشعور بالأمن لدى الاحتلال، موضحا أنها تقوض فكرة الاستيطان بمحيط غلاف غزة، وتشكل تهديدا للأمن والاستقرار في المنطقة.
تكتيك التهويل
ورأى أبو عامر ،أن الاحتلال استخدم مراحل عدة من أجل الوصول الى مواجهة مباشرة، من خلال اللعب على المصطلحات باستخدام مصطلح الإرهاب الورقي أو تشبيهها بالقذيفة والأنفاق من أجل التأثير على الرأي العام، وتشكيل صورة بأن طائرات الأطفال أصبحت طائرات إرهابية وسلاح مزدوج، الأمر الذي يبرر استخدام قوى نارية لمواجهتها.
وقال وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الطائرة الورقية التي تطلق من غزة هي مثل قذيفة الهاون ومثل النفق، مضيفا أن الاحتلال الإسرائيلي وضع خطا أحمر حيال هذا الأمر. على حد تعبيره.
وأضاف:" رسالتنا واضحة وهي الهدوء سيقابله الهدوء، والنار سنقابلها بالنار، والمعضلة الآن في يد حركة حماس".
ورفض كاتس الادعاء بأن الردع قد ضعف في مواجهة حماس.
بدوره أكد أبو عامر أن المرحلة الثانية لدى الاحتلال محاولة استصدار قوانين تشرعن استهداف من يقوم بإطلاق الطائرات الورقية.
أما عن المرحلة الثالثة فأوضح أبو عامر أنها استهداف غير مباشر والتهديد بالقتل لمطلقيها.
فرض قواعد جديدة
وفيما يتعلق باستخدام الاحتلال الطائرات الورقية كحجة لاندلاع حرب أو تحقيق أغراض سياسية أشار أبو عامر إلى أن قرار الحرب غير مرتبط بإطلاق الطائرات أو الصواريخ، مؤكدا أنه قرار سياسي في حال قرر الاحتلال اندلاع حرب سيشنها بمجرد رصاصة تخرج من غزة.
وأكد أن اسرائيل غير معنية باندلاع حرب وتحاول فرض قواعد الاشتباك بأنها صاحبة اليد العليا بخيار الحرب، على الرغم من فرض المقاومة خيار القصف بالقصف، مستدركا أننا في فجوة بين الطرفين حول احتمالية التصعيد.
وكان قد أصيب 3 مواطنين بجراح متفاوتة الليلة، جراء سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت مواقع للفصائل في قطاع غزة، فيما ردت المقاومة بإطلاق صواريخ وقذائف هاون صوب مستوطنات غلاف القطاع.
ورأى أبو عامر، أن قصف الليلة الماضية على قطاع غزة، غير مرتبط بأمر الطائرات الورقية بقدر ما هو توصيل رسالة لحماس بقواعد اسرائيل.
من جهتها قالت قوات الاحتلال ان الطائرات الحربية قصفت 25 هدفا داخل قطاع غزة وخاصة في منطقة رفح وان الغارات وجهت الى مواقع لحركة "حماس" من بينها تحصينات عسكرية ومناطق تدريب على حفر الانفاق واخرى لاطلاق الصواريخ ومجمعات عسكرية للحركة.
وزعم بيان الاحتلال ان حركة "حماس" هي المسؤولة عن التصعيد الاخير بدفعها الشبان الفلسطينيين الى اطلاق الطائرات والبالونات الحارقة التي تسبب اضرارا كبيرة للزراعة وقد تسبب حرائق في المستوطنات.
وتابع بيان الاحتلال ان افراده ودورياته تقوم بما اسماه العمل الروتيني وان ذلك لا يعني مواجهة مفتوحة الا ان استمرار سقوط الحارقات سيواجه برد فعل ضد حركة "حماس" باعتبارها تحكم قطاع غزة.
واقر الاحتلال ان عشرات الصواريخ الفلسطينية سقطت الليل الفائت وذلك منذ الحادية عشرة مساءا وحتى السادسة صباحا وان القبة الحديدية اعترضت سبعة صواريخ فيما سقطت صواريخ في مناطق مفتوحة وثلاثة منها سقطت داخل المستوطنات فتسببت باضرار في المنازل والسيارات لكن دون خسائر بشرية.
مواجهة التهويل
الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون يرى أن عفوية الطائرات الورقية سر قوتها، معتبرا أنها جزء من مسيرات العودة وفعالياتها السلمية للاحتجاج على الحصار والتضييق.
واتفق المدهون مع أبو عامر بشأن التضخيم الإعلامي الاسرائيلي حول الطائرات الورقية.
وحول كيفية مواجهة هذا التهويل الاعلامي والتأثير الاسرائيلي على الرأي العام، شدد المدهون لـ"النجاح الاخباري" على ضرورة التفكير جيدا بكيفية التركيز على أمور أخرى للموازنة إعلاميا وتحشيديا، قائلا "لا نريد أن تتحول المسيرة لحالة طائرات ورقية فقط ونحصرها بهذا الشكل، مسيرة العودة حالة نضالية إبداعية تزهر كل يوم بما يفاجئ الاحتلال وسر قوتها عدم تنظيمها".
وأكد أن الاحتلال الاسرائيلي يحاول تصوير الطائرات الورقية كوسيلة عسكرية ويعمل اعلاميا على تحميل حماس المسؤولية، على الرغم من أنه فعل شعبي إبداعي راقٍ كان له اثر كبير.
ومنذ أكثر من 80 يومًا، يواصل الشبان الفلسطينيون اطلاق الطائرات الورقية المشتعلة تجاه المستوطنات المحيطة بالقطاع والتي أدت حتى اللحظة إلى اشتعال النيران في أكثر من 20.000 دونم.
وحتى اليوم ، اندلعت حرائق عدة في المنطقة المحيطة بقطاع غزة. وتمكن رجال الإطفاء الذين تم استدعاؤهم والتابعين لمراكز الإطفاء الإسرائيلية إلى المراكز المختلفة من السيطرة على الحرائق .
وحول قصف الاحتلال عدة مواقع بغزة الليلة الماضية، أوضح المدهون أن الاحتلال لا يستطيع فرض معادلات بقوة النار، مشيرا إلى أنه ما فشل فيه في 2014 لن يحققه بأي عدوان على غزة أ وما يسمى بصفقة القرن.
واختتم المحل السياسي حديثه مع "النجاح" مؤكدا ان معادلة القصف والعدوان مقابل الطائرات الورقية تعبث بقواعد الاشتباك، مرجحا أن المقاومة لن تقبل بذلك.