منال الزعبي - النجاح الإخباري - في وقت شاعت فيه المشجارات والمشاحنات التي يذهب ضحيتها شباب في عمر الورد تاركين وراءهم حقدًا يملأ قلوب ذويهم ويؤجج الثأر.
يحتاج الإنسان أن يُحكِّم عقله فمسؤولية حقن الدماء تقع على عاتق العقلاء وأصحاب الضمير.
وفي سياق ليس غريب عن عادات شعبنا الفلسطيني والعربي الأصيل عفت الحاجة رتيبة محمد السويطي من بلدة بيت عوا قضاء الخليل عن قاتل ابنها عماد بعد اثني عشر عامًا والذي كان قد قتل إثر شجار في رمضان عام (2006)، وضجت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام في هذا الخبر.
وهي لحظات حريٌّ بنا أن نتوقف عندها ونمحِّصها علَّها تسعفنا في تخفيف الحقد الحاصل بين أبناء الشعب الواحد.
وقالت الحاجة سويطي لبرنامج صباح فلسطين عبر إذاعة صوت النجاح، "الله يعفو عن عباده وإحنا لازم نعفو"، وتمنَّت أن يعمَّ العفو العالمَ بأسره.
وعن قراراها قالت بكلمات مُأثِّرة: "سنوات والحقد معبي قلبي، ودائمًا كنت أتمنى أشوف عيسى قاتل ابني ميّت أو مبتلى بمصيبة، لكن بمجرد ما حطوه أمامي، حنَّ قلبي، لمَّا سمعته يقول أعطوني رشفة مي وخلوني أحكي مع أهلي، اهتز شعوري وقلت: إني عفوت، إني عفوت، إني عفوت".
وفي سؤال للحاجة الملقبة بأمِّ العفو"، حول تأثير العفو على القاتل؟ فأجابت: "كان شديد الأثر فبعد ما جف ريقه، وكان بين الحياة والموت هجم عليّ يقبل يديَّ ورجليَّ ويعترف بحق الجوار وفضلي عليه، الفضل لله سبحانه وتعالى".
وأرجع عيسى الحادثة إلى القضاء والقدر وأنَّه في حينها لم يكن ينوِ القتل فيما تحدَّثت الحاجة رتيبة عن شعورها بالارتياح بعد العفو، وقدر للحاجة موقفها حول العفو وايجابيته. وأضافت الحاجة رتيبة: "أشعر أنَّ ابني مرتاح في قبره، وأنا ضميري مرتاح".
كلمة واحدة تحقن دماء شباب قد تصادر أعمارها بداعي الثأر، كلمة واحدة تلغي أرقَ سنواتٍ أكل وشرب في قلوب عائلتين، فلا راحة لأهل قاتل ولا قتول.
الحقد يثقل الصدر ويؤرق الشعور وعلاجه العفو الذي يبقى سيّد الأحكام، و" أشرف الثأر العفو ". وبهذا اثبتت الحاجة رتيبة السويطي أنَّها أكفأ من بعض المخاتير والشيوخ وقادة العشائر، قدَّرت قيمة الحياة وأنَّ البقاء للحيّ فحقنت الدماء بقلب أم مكلوم تعالت على جراحها وهذا جلُّ ما نحتاج كشعب فلسطينيّ لنواجه التحديات العصيبة.