منال الزعبي - النجاح الإخباري - "كلنا فداء حق العودة" كلمات مؤثرة قالتها والدة الشهيد عبدالله الشمالي الذي استشهد في مسيرات العودة التي دخلت شهرها الثاني، هذه المسيرات السلمية التي تخوضها غزَّة وحدها ولا تقف معها إلا الريح راح ضحيتها حتى الآن (40) شهيداً وأكثر من (5000) إصابة منها (138) بحالة الخطر.
يوم الجمعة في غزَّة والذي تحوَّل من إجازة أسبوعية، تجتمع فيها العائلة والأقارب على وجبة غذاء دسمة و أقداح الشاي و الأحاديث الدافئة، إلا أنَّ غزَّة التي ترتدي السواد منذ وقت طويل أصبح يوم الجمعة فيها يومًا تمتلئ فيه المستشفيات بالجرحى . ويوم وداع أخير لأرواح تزهق زورًا وبهتانًا
وفي حوار النجاح الإخباري مع المتحدثة باسم اللَّجنة الدوليَّة للصليب الأحمر سهير زقوت التي تقضي وقتها في المستشفيات بين الجرحى والمرضى الغزيين، قالت: "الخسائر البشرية التي تكبدتها غزة منذ اندلاع الأحداث في الثلاثين من مارس حتى اليوم، كانت باهظة."
غزَّة التي تستعد لجمعتها الخامسة مرابطة في مسيراتها السلمية والتي أطلق عليها مسيرات العودة أملًا في عودة الحقوق إلى أهلها والتئآم الجروح والحدود .
وأضافت زقوت: "أنَّ هذه الأحداث المؤلمة جاءت لتضفي المزيد من الوجع على غزة التي أرهقها الحصار والدمار، والأوضاع الإنسانية المتردية، من فقر وبطالة وانقطاع الرواتب والكهرباء، والانقسام وقيود الاحتلال المفروضة على سكان القطاع، ما شكَّل ضغطًا عاليًا جدًا عليهم.
وكبدّتهم آلاف الجرحى في تزايد وصولها إلى المستشفيات الممتلئة أصلًا، ما أدَّى إلى شح في الأدوية والعلاجات المطلوبة في المستشفيات.
وبيَّنت زقوت، أنَّ الحالة المادية السيئة التي يعيشها أهل القطاع تقف عائقًا أمام توفير ما يلزمهم من أدوية وعلاج خارج المستشفيات، ولا تقتصر المعاناة على الجرحى بل هناك المصابين بالأمراض كالضغط والسكَّري والسرطان.
هذا الشح في الموارد في مستشفيات القطاع جعل التعامل صعبًا مع الجرحى خلال شهر من الأحداث،وسط التدفق المستمر للجرحى.
وأشارت إلى أنَّه يتمُّ غالبًا تخريج عدد من المرضى كلَّ خميس من المشافي لفتح المجال لاستقبال الجرحى في الحالات الجديدة يوم الجمعة ما يؤخر حالات الشفاء ويؤدي إلى تبعات صحية ومضاعفات على الجرحى أنفسهم.
وذكرت أنَّ بعض الجرحى يستكملون علاجهم في البيوت ما يؤدي إلى مضاعفات على جراحهم أحيانا قد تصل إلى البتر.
وقالت زقوت: "نحن كمنظمة إنسانية نركز على هذه التكلفة الإنسانية التي تدفعها غزّة ويهمنا أكثر النهج الذي تتبعه قوَّات الاحتلال في الرد على الأحداث الجارية من مسيرات سلميَّة وهذا ما تحدَّثت عنه اللجنة الدولية علانية يوم الخامس من إبريل."
وشددّت على أنَّ عمليات إنفاذ القانون والقوة المميتة يجب أن تلتزم بمعايير دوليَّة، وهذه المسيرات السلمية من غير المقبول أن تقابل بذلك الكم من القتل والإيذاء الذي تلحقه قوات الاحتلال بالمواطنين الغزيّين.
أمَّا في الميدان فذكرت أنَّ المسعف يتعامل مع حالة من مشاعر القلق و الغضب أحيانًا ورغم أنَّ هذا يثقل كاهل أفراد الطاقم و يعرقل عملهم إلا أنَّهم يبدون تفهُّمًا كبيرًا و يحاولون طمأنت الناس على محبيهم وذويهم.
المشرط و خيوط الجراحة التي لا يتوفر معظمها في مستشفيات غزَّة تبدو كأنها تنسج رابطًا قويًّا مع المصاب، لا تستطيع أن تُرقِّع الجرح الفلسطيني الغائر والنازف حتى الحرية.