عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - في أكثر من مرة صرّح الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الدكتور رامي الحمد الله بأنه لا بد من تسليم حركة حماس الحكومة الفلسطينية قطاع غزة بالكامل وتسهيل مهماتها هناك، في ظل تمسك الأخيرة بحكم غزة التي استمر منذ عام 2007 وهو عام الانقسام الفلسطيني.
الرئيس عباس أرسل رسائل عديدة لحماس عن طريق القيادة المصرية المعنية بإنهاء الانقسام، والتي تعمل جاهدة في رأب الصدع بين الحركتين، خصوصاً وأنها أرسلت وفوداً لرام الله وغزة مؤخراً، وإستقبلت وفوداً من كلا الطرفين في القاهرة، مفاد هذه الرسائل بأنه لا بد من تسليم غزة للسلطة.
وعلى الرغم من عدم رد حركة حماس على هذه الرسائل وأن لديها مهلة للرد عليها، إلا أن بعض قيادات السلطة وحركة فتح اعتبروا أن ردود حماس على الرئيس عباس، جاء من خلال تصريحات بعض قادتها والتي كان آخرها تصريحات عضو المكتب السياسي لحماس، صلاح البردويل ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، والتي تؤكد على رفض حركة حماس مطالب الرئيس الفلسطيني.
تصريحات سلبية
ومن تصريحات حركة فتح التي أكدت هذا الجانب، تصريحات عضو الهيئة القيادية لفتح، يحيى رباح، الذي قال في وقت سابق لـ"النجاح" إن رد حركة حماس على رسالة الرئيس محمود عباس بتسليم قطاع غزة بالكامل للسلطة الفلسطينية واضحاً، وذلك من خلال التصريحات السلبية التي أطلقها ويرددها قادة حماس مؤخراً، وبالذات تصريحات كلا من صلاح البردويل وإسماعيل هنية".
وأشار رباح إلى أن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية قد وجه رسالة سلبية في خطابه الأخير"، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن حركة فتح بانتظار رد رسمي من حماس بما يتعلق بتسليم غزة للسلطة الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء رامي الحمد الله، قال اليوم الأربعاء، إن المطلوب من حماس تسليم قطاع غزة بالكامل كما قال الرئيس محمود عباس وإلا فلن يكون شيء.
وأضاف الحمد لله خلال مؤتمر أمني في أريحا: "توجهنا مرة تلو الأخرى إلى قطاع غزة، ودعونا بتوجيهات فخامة الرئيس محمود عباس حركة حماس في كل مناسبة ومن على كل منبر، للتمكين الشامل والجاد للحكومة والتسليم الكامل من دون تجزئة، والاستلام الكامل لكافة المهمات في القطاع، وتجنيب شعبنا المزيد من ويلات الانقسام المرير، لنتمكن من إدارة شؤون ومصالح المحافظات الجنوبية بكفاءة ونجدة أهلنا فيها، واكساب قضيتنا الوطنية المزيد من المنعة والصلابة والقدرة على مجابهة التحديات".
التباس في التسليم
وحول إمكانية تسليم حركة حماس قطاع غزة بالكامل للحكومة والسلطة الفلسطينية، يرى المحلل السياسي، إبراهيم أبراش أن حماس لا يبدو لها أنها تريد تسليم غزة للحكومة، مشيراً إلى وجود التباس في مفهوم التسليم عند الأطراف.
وتسائل أبراش في حديثه لـ"النجاح"، قائلاً: ما معنى التسليم ؟ لأن هناك التباس في مفهوم التسليم، فإذا كان الأمر يتعلق بمقرات الوزارات فحماس قالت أنها سلمت المقرات، ولكن إذا كان التسليم بمعنى الإدارة هذا سيطرح قضية الموظفين وهذه قضية شائكة".
وأضاف " أما إذا كان المقصود بتسليم المعابر فهذا الأمر ليست عند حماس وحدها، فهناك أطراف مشتركة مع حماس في هذا الشأن كإسرائيل ومصر، وإذا كان التسليم يعني تسليم الوزارات والقطاعات السيادية كالقضاء فهذا الأمر لم يحدث.. لأن حماس لم تسلم هذا الجهاز لأنه بحاجة إلى سنوات حتى تستطيع أن تغير الجهاز القضائي وإعطائه الطابع الوطني لتغيير من عينتهم حماس".
وبيّن أن التسليم سيشمل أيضاً التسليم المدني والعسكري " والرئيس قال لا بد أن يشمل كل شيء ما فوق الأرض وتحتها"، لافتاً إلى أن حماس أبدت استعداد بأن تسلم الإدارات المدنية، ولكن الجانب العسكري من جماعات مسلحة وأسلحة هذا تضعه تحت عنوان سلاح المقاومة مما سيشكل عائقاً.
أمر معقد
وفي الوقت ذاته تسائل المحلل أبراش، كيف ستعمل حكومة ستحكم غزة وهناك قوة عسكرية أقوى منها وهي قوات كتائب القسام وما تملك من أسلحة وصواريخ وأنفاق، تضاف إليها الأجنحة العسكرية المختلفة كسرايا القدس وكتائب أبو علي مصطفى وغيرها من الجماعات المسلحة في غزة ؟
واعتبر أن موضوع تسليم غزة أمراً معقداً، لكنه استدرك قائلاً " لكن هذه أمور يمكن أن تحل إذا كان لدى حماس إرادة أن تكون جزء من الحالة الوطنية".
وعلى حد اعتقاد أبراش فإن المشكلة لدى حماس أنها ما زالت تشتغل إلى الآن في مربع الإخوان المسلمين وتقدم نفسها أنها مشروع إسلامي، وهذا سيشكل عائقاً أن تصبح جزء من المشروع الوطني، متابعاً "بالتالي أن تخضع خضوعاً كاملاً لسلطة أسستها منظمة التحرير الفلسطينية.
وأردف قائلاً " يضاف إلى ذلك التلويح الأمريكي بصفقة القرن وخصوصاً بعد انعقاد مؤتمر واشنطن الشهر الماضي والحديث عن غزة وإنقاذها"، مشيراً إلى ان هذا أعطى إشارة لحركة حماس بأن تستمر في السلطة "ويبدو أن صفقة القرن ستًبنى على واقع فصل غزة عن الضفة".
كما لفت المحلل السياسي إلى أن هناك مشروع أوروبي قُّدم لحركة حماس مؤخراً من حيث التمويل المالي بالمقابل سلاح حماس، بما في ذلك إطلاق سراح جثث الإسرائيليين وهناك أطراف دولية وإقليمية تدفع في عكس ما تريده القيادة الفلسطينية.. فهذه الجهات تريد أن تُبقي الانقسام مع بقاء حماس، ولكن تفريغ حماس من مضمونها كحركة مقاومة وتحويلها إلى مجرد سلطة تتكيف مع الاستحقاقات الإقليمية والاستحقاقات الدولية"، على حد تعبيره.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، صلاح البردويل قد قال في وقت سابق، إن مصطلح "المصالحة الفلسطينية" فُهمَ خطأ، مؤكدا أن المصالحة هي الوحدة الفلسطينية القائمة على الشراكة وعلى القرار الواحد والمؤسسة الواحدة، "لكن للأسف هناك من فهم المصالحة على أنها تسليم من جهة إلى جهة وما يسمى بـ التمكين، مشددا على أن مصطلح "التمكين" أساء إلى الوحدة الوطنية وللكرامة الوطنية.
وأكد البردويل أنه لا رجوع للمصالحة بمعني التمكين، ولن يستطيع أحد فرضها على حماس، مشددا على أن هذا المصطلح انتهي عصره وأن الحركة مع الوحدة والشراكة في القرار وفي المؤسسات الوطنية.