هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - أعلن القادة والزعماء العرب دعمهم لرؤية الرئيس محمود عباس للسلام كما أكد عليها في خطابه أمام مجلس الأمن، وشدد البيان الختامي لإعلان الظهران الصادر عن القمة العربية التاسعة والعشرين "قمة القدس" أمس، على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، ولكن الصيغة الإنشائية للبيان كانت غامضة بعض الشيء وفقا لتحليل مختص بشؤون الشرق الأوسط لـ"النجاح الإخباري" الامر الذي أثار بعض التخوفات بأن تكون غطاء لمزيد من التطبيع مع الاحتلال، فهل كان البيان الختامي بحجم التوقعات الفلسطينية المرتقبة؟، وما القرارات الغائبة عن بيان القمة؟، وماذا أضافت القمة العربية للقضية الفلسطيينة؟، وكيف يمكن البناء عليها فلسطينيا؟، والأهم من ذلك "متى ستعقد قمة عربية ترضى عنها الشعوب؟".
القيادة تسعى إلى أكثر من ذلك
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف أكد أن المطلوب بعد البيان الختامي للقمة العربية آليات عملية على صعيد القضية الفلسطينية وبقائها مركزية، إضافة إلى رفض قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتأكيد حق عودة اللاجئين، إضافة إلى تبني مقاربة جديدة بعقد مؤتمر دولي في مجلس الأمن.
وأشار أبو يوسف في تصريح خاص لـ"النجاح" إلى أن ربع البيان الختامي تضمن القضية الفلسطينية، مؤكدا أنها ما زالت القضية الأم للدول العربية، على الرغم من محاولات ازاحتها عن طاولة القمة وتصفيتها.
وأوضح أن المطلوب آليات عملية لحماية القضية وتبني موقف عربي من خلال توفير الإمكانيات المالية والمعنوية والسياسية، خاصة مع تزامن القضية الفلسطينية بمحطات مهمة على مستوى انعقاد المجلس الوطني، والمصالحة وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، في ظل التهديدات بقطع المساعدات.
وصرح بأن القيادة الفلسطينية تسعى من أجل الذهاب إلى مجلس الأمن، لافتا إلى أن ذلك يحتاج لموقف عربي يزيل كل العقبات، وآليات لمواجهة قرار ترامب، قائلا "لا يكفي القول بأننا ضد القرارات الأمريكية".
وكشف أبو يوسف أن هناك محاولات أمريكية للتهديد والإبتزاز بشأن المساعدات، الامر الذي يتطلب تضافر جدي وحقيقي بالتنفيذ على أرض الواقع.
صيغة مبطنة
الباحث والمختص بشؤون الشرق الأوسط حسن عبدو أكد ان الصيغة الإنشائية لبيان القمة الختامي، كان مرضيا للقيادة الفلسطينية ولكنه في الوقت ذاته يتضمن مشاكل تؤثر على توفير بيئة مناسبة لبقاء القضية الفلسطينية هي المركزية على مستوى الدول العربية.
وأوضح عبدو في تحليل خاص لـ"النجاح" أن البيان لم يحتوي على صيغة واضحة بشأن التطبيع مع الاحتلال، والتقارب السعودي الخليجي مع إسرائيل.
وعلى الرغم من أن البيان شدد على بطلان وعدم شرعية القرار الأميركي بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث ستبقى القدس الشرقية عاصمة فلسطين العربية، وتسمية القمة بقمة القدس، إلا أن عبدو، يرى أن أحد المشاكل في البيان كانت في عدم احتوائه على صيغة واضحة بشأن صفقة القرن، وإدانة لقرارات الإدارة الأمريكية بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، عدا عن قضية اللاجئين وتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
وأكد أن صفقة القرن ليست مسألة تعاقدية، بل إجراءات تم تطبيق جزء منها على أرض الواقع في القدس، قائلا "كان لابد من التطرق لها بعبارات واضحة على الأقل".
وبين أن القمة العربية لن ترضِ الشعوب ولا تلبي احتياجاتها قبل تعافي دول المركز الإقليمي والعربي، وهي القاهرة ودمشق وبغداد، لافتا إلى أنها سمحت لدول الهامش والدول الأطراف بأن تلعب دور المركز، الأمر الذي أدى إلى انحراف كبير في السياسات وتعريف إسرائيل كدولة حليفة وليست عدوا وفقا لعبدو.
وأضاف: "أن الدول المركزية الثلاثة هي الوحيدة القادرة على ملء فراغ الحالة العربية، مؤكدا أنها ستبقى محل النزاعات الإقليمية والدولية ما لم تتعافى".
ما يثير بعض التخوفات في البيان الختامي للقمة العربية وفقا لعبدو، أن تكون الصيغة الإنشائية للبيان غطاء لمزيد من التطبيع مع الاحتلال في المرحلة القادمة، لافتا إلى أن المطلوب أن تبقى إسرائيل معزولة وتدفع ثمن جرائمها دون ادماجها، قائلا "القمة العربية لم تضيف شيئا للقضية الفلسطينية حتى اللحظة".
رضا عام على المستوى القيادي
على المستوى الفلسطيني كان هناك رضا من بعض القيادات الفلسطينية حيث رحب رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله بتأكيد البيان الختامي على مركزية قضية فلسطين بالنسبة للأمة العربية وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين، ودعم القادة العرب لرؤية سيادة الرئيس للسلام كما أعلنها في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي.
وأعرب عن شكره للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين لوقوفها الدائم إلى جانب قضيتنا العادلة ودعم صمود شعبنا وثباته على أرضه، والتي كان آخرها تبرع المملكة بمبلغ 150 مليون دولار لصالح الأوقاف الإسلامية في القدس، ومبلغ 50 مليون دولار لصالح وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
من جهته قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات: "إن القمة العربية التاسعة والعشرين "قمة القدس"، تبنت بالكامل كافة المقترحات الفلسطينية واعتمدتها في قراراتها، وأبرزها اعتماد الرؤية السياسية التي طرحها الرئيس محمود عباس أمام مجلس الامن في شباط الماضي".
إعلان الظهران
وكان قد حذر البيان من اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس، حيث سيؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط بأكمله.
وشدد المشاركون على أهمية السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط كخيار عربي استراتيجي تجسده مبادرة السلام العربية التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت في العام 2002، ودعمتها منظمة التعاون الإسلامي التي ما تزال تشكل الخطة الأكثر شمولية لمعالجة جميع قضايا الوضع النهائي، وفي مقدمتها قضية اللاجئين التي توفر الأمن والقبول والسلام لإسرائيل مع جميع الدول العربية، وأكدوا التزامهم بالمبادرة وتمسكهم بجميع بنودها.
ورحبوا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن القدس وقدموا الشكر للدول المؤيدة له، مع التأكيد على الاستمرار في العمل على إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية جادة وفاعلة تنهي حالة الفشل السياسي التي تمر بها القضية بسبب المواقف الإسرائيلية المتعنتة، "آملين أن تتم المفاوضات وفق جدول زمني محدد لإنهاء الصراع على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يوليو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، إذ إن هذا هو السبيل لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة, كما أعلنوا دعهم لرؤية الرئيس محمود عباس للسلام كما أعلنها في خطابه أمام مجلس الأمن في 20 فبراير 2018.
وأكدوا رفضهم كل الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب التي تهدف إلى تغيير الحقائق على الأرض وتقويض حل الدولتين، وطالبوا المجتمع الدولي بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 عام 2016 م الذي يدين الاستيطان ومصادرة الأراضي، كما أكدوا دعمهم مخرجات مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط المنعقد بتاريخ 15/1/ 2017 ، الذي جدد التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين سبيلا وحيدا لتحقيق السلام الدائم.
وطالب القادة والزعماء العربي بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالقدس، والمؤكدة على بطلان كافة الاجراءات الإسرائيلية الرامية لتغيير معالم القدس الشرقية ومصادرة هويتها العربية الحقيقية، كما طالبوا دول العالم بعدم نقل سفاراتها إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.
وشددوا على ضرورة تنفيذ قرار المجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو الصادر عن الدورة 200 بتاريخ 18/10/ 2016، وطالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته إزاء الانتهاكات الإسرائيلية والإجراءات التعسفية التي تطال المسجد الأقصى والمصلين فيه، واعتبار إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية السلطة القانونية الوحيدة على الحرم في إدارته وصيانته والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه.