هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - مع قرب انعقاد القمة العربية في المملكة العربية السعودية بعد عدة أيام في وقت تتعرض فيه مدينة القدس المحتلة، وقطاع غزة، لهجمة شرسة جراء إجراءات الاحتلال الإسرائيلية، والقرارات الأميركية الأخيرة، وإخفاق مشروعي مجلس الأمن في محاولة إدانة الاحتلال، ومحاسبته على جرائمه،اعتبرته وزارة الخارجية والمغتربين موقفا منحازا بشكل أعمى للاحتلال ويمثل حماية مقصودة وتغطية مباشرة على المذبحة المتواصلة التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد أبناء شعبنا المشاركين في مسيرات العودة السلمية على حدود قطاع عزة، وامتدادا لمواقف أميركية معادية لشعبنا وحقوقه، واستمراراً في محاولاتها لإجهاض أي جهد فلسطيني وعربي مشترك في مجلس الأمن، وترجمة لمواقفها السياسية ومشاريعها الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، فما خيارات القيادة الفلسطينية القانونية والسياسية أمام مجلس الأمن والقمة العربية؟ وما آليات محاسبة إسرائيل على جرائمها؟ وكيف سيساعد هذا الإخفاق في انتشال القضية الفلسطينية على رأس أولويات الدول؟ وإلى أي مدى سيساعد انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني في ذلك؟
وحول هذا كشف المحاضر في كلية القانون بجامعة النجاح الوطنية د. مؤيد الحطاب عن خيارات القيادة الفلسطينية بعد إجهاض الإدارة الأمريكية لمشروعي مجلس الأمن، من أجل إدانة الاحتلال حول جرائمه، مؤكدا أن المسلك الدبلوماسي فيما يتعلق بالقوانين الدولية وتفعيل قرارات الامم المتحدة يأتي ضمن مشروع سياسي، ولكن الأهم من هذا المسلك أنه يضع المعاناة الفلسطينية أمام منظور العالم.
وأكد الحطاب، في تحليل خاص لـ"النجاح الاخباري"، أنه لابد من استصدار قرارات ولكن قد لا يقتصر هدف القيادة الفلسطينية على ذلك بل يتعدى وضع المسألة أمام العالم وخاصة أن الفيتو الامريكي في مواجهة مستمرة لأي محاولة فلسطينية او عالمية لتمرير أي عقوبة ضد اسرائيل.
وأوضح أن استصدار قرارات قد يكون صعبا، في ظل التطرف غير المسبوق لإسرائيل، ولكن على القيادة الفلسطينية أن تكرر ذهابها لمجلس الأمن أو الجمعية العامة وأن تتواصل مع العالم لإثبات المعاناة والإنحياز الأمريكي.
وبين أنه على القيادة الفلسطينية الاستمرار في إحراج الإدارة الامريكية والعالم الذي يدعم ممارسات اسرائيل غير القانونية والمخالفة لحقوق الانسان، وقال: "الشعوب التي تسعى لاستقلالها لن تنجح من أول محاولة"، مستشهدا بالدول التي كانت تعاني من الفصل العنصري والانتهاكات الصارخة بأبسط حقوق الإنسان كجنوب افريقيا، حيث استمرت بمسيرتها الدبلوماسية وأثبتت حقها بتقرير المصير.
اما عن النقاط التي تحسب لصالح القضية الفلسطينية، نوه الخبير القانوني إلى أن مجلس حقوق الانسان في جلسته الـ37 اقر 5 قرارات لصالح القضية الفلسطينية ضمن البند السابع الداعم للقضية، مؤكدا أن هذه نقطة تحسب لصالح فلسطين وتضغط على الجانب الإسرائيلي.
واستدرك الحطاب أنه على القيادة الفلسطينية ألا تكتفي بالبنود، وتستمر بمحاولة محاسبة اسرائيل، وتشكيل لجان للتحقيق في جرائم الاحتلال، مشيرا إلى أن ما حدث مع الصحفي ياسر مرتجى الذي ارتقى برصاص الاحتلال على حدود غزة أثناء تغطيته الأحداث، سيساعد في مخاطبة المنظمات الدولية التي ترعى حقوق الصحفيين.
ونوه إلى أن القضية الفلسطينية نحو تسلسل تصاعدي في السنوات العشر الأخيرة، في ظل الدعم القوي من الدول للمسيرة الدبلوماسية والقرارات الفلسطينية، مضيفا أننا لا نواجه الا فيتو واحد من امريكا وهذا يدل على أن حق الشعب الفلسطيني معترف به في كل دول العالم باستثناء المتعصبة لاسرائيل، وانسحابها من المواثيق الدولية الأمر الذي يساعد في تكريس الحقوق الفلسطينية.
وشدد الحطاب على أنه لا يجب أن تقف القيادة الفلسطينية على المحاولات القانونية، بل الحصول على حاضنة عربية اوسع، والمؤسسات الإعلامية العالمية، ومخاطبتها، قائلا "لا شك أنه في ظل وجود موقف عربي موحد سيكون دور القيادة الفلسطينية أكثر فعالية في الضغط من أجل الحق في تقرير المصير".
هذا عدا عن ضرورة تفعيل الوحدة الوطنية، مشيرا الحطاب إلى أن الحراك الشعبي عندما يكون تحت راية العلم الفلسطيني سنشهد نتائج ملموسة على أرض الواقع في ترابط الشارع مع القيادة ضمن آلية وطنية موحدة.
كما أوضح الحطاب أن للمجلس الوطني الفلسطيني في نهاية الشهر الجاري دورا كبيرا في اصدار قرارات تلبي طموح الشعب من خلال وضع ثلاث استراتيجيات مهمة، وهي عودة منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، وعودة دورها السياسي البارز في مواجهة الاحتلال.
وأرجع الحطاب سبب التفعيل القوي لتمكين المواطن من البقاء في ارضه ودعم الصمود الشعبي، مرتبط بالمجلس الوطني من منطلق انبثاق خطة استراتيجية للانسحاب من الارتباط بإسرائيل سواء اقتصاديا أو سياسيا أو أمنيا، لافتا إلى أن الانسحاب يجب أن لا يكون بشكل أحادي ومفاجئ، بل بإيجاد بدائل للشعب أولا في آلية التعامل مع الاحتلال ودعم الاقتصاد الفلسطيني، وتمكين المؤسسات الفلسطينية بشكل فاعل وقوي للانسحاب من التبعية.
وكانت قد رأت وزارة الخارجية والمغتربين أن تعطيل أميركا لدور مجلس الأمن ومنعه من تحمل مسؤولياته، يفرض على الدول الأعضاء وعلى المجتمع الدولي البحث عن صيغة جديدة لعمل المنظومة الأممية، بحيث تبطل هذه الصيغة مفعول الفيتو والاعتراض الأميركي، إذا كان مخالفاً للمبادئ والمواثيق والأهداف التي أنشئت على أساسها المنظومة الأممية، وبدون ذلك سيبقى مجلس الأمن رهينة عاجزة في ظل الانحياز الأميركي الأعمى للاحتلال، وسيفقد ما تبقى من مصداقيته، الأمر الذي يشرعن "شريعة الغاب" ومفاهيم البلطجة والقوة.
وأكدت أنها ستواصل العمل بكل قوة من أجل توفير الحماية الدولية من لشعبنا، وتتبع جميع الاجراءات القانونية الدولية لتشكيل لجنة تحقيق أممية في جرائم الاحتلال، ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين من سياسيين وأمنيين وعسكريين.
يذكر أن الإدارة الأميركية أفشلت مشروع بيان عن مجلس الأمن للمرة الثانية بخصوص ما يجري على حدود قطاع غزة.
وكانت مظاهرات الجمعة السابقة يوم 30 من الشهر الماضي قد أدت لاستشهاد 21 فلسطينيا إلى جانب إصابة 2500 بالرصاص الحي أو الاختناق.
ولم تقتصر الاحتجاجات على غزة حيث شهدت عدة مدن وبلدات في الضفة الغربية مظاهرات ضد الاحتلال ومشاركة في مسيرات العودة التي انضمت إليها مختلف الفصائل الفلسطينية.
ويذكر أنه استشهد 11 مواطنا وأصيب 1070 آخر في قطاع غزة خلال مسيرات العودة التي شهدتها حدود القطاع في مواجهة قوات الاحتلال الجمعة الماضية.