هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - من ثورة الحجر والمقلاع حتى الكوشوك، تعددت أشكال المقاومة والهدف واحد، واستطاع الفلسطينيون نسج خبراتهم الكفاحية، لتحقيق هدف العودة إلى الأراضي الفلسطينية وفك الحصار، وأثبتت جمعة الكوشوك كفاءتها هذه المرة، بسلميتها حيث استطاعت اثبات انتهاكات الاحتلال كجرائم حرب يعاقب عليها القانون، كان منها استهداف الصحفي ياسر مرتجى أثناء تغطيته للأحداث وارتدائه اللباس الصحفي على حدود قطاع غزة، ولكن هل ستستمر المقاومة الشعبية بذات المستوى حتى الخامس عشر من أيار المقبل، وما مقومات نجاحها، وهل هناك خيارات أخرى أمام الشعب الفلسطيني لمحاولة كسر الحصار عن غزة لمساندة المقاومة الشعبية؟
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة د. حسام الدجني أكد أن المقاومة الشعبية لعبت على الوتر العربي والإقليمي والدولي لتوضيح الحق التاريخي وإعادة القضية الفلسطينية على رأس أولويات الدول، كونها مقاومة تنسجم مع المزاج الدولي في إحراج الاحتلال.
وأشار الدجني في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" إلى أن المقاومة الشعبية تثبت عكس ما يروج له الاحتلال من خلال التطبيع وصفقة القرن وأنه الضحية.
وأوضح أن ما ميز المقاومة الشعبية قربها من قلوب وعقول الناس بشكل أسرع، لافتا إلى أنه على الرغم من النجاح الحالي الا أنها بحاجة إلى استمرارية لتحقيق نتائج تستخدم للضغط على الاحتلال.
وبين أن ما يساند المقاومة الشعبية الضغط من الضفة الغربية والقدس كونها الأقرب جغرافيا على الاحتلال، إلى جانب الضغط الدبلوماسي والسياسي، قائلا "في حال تحرك الكل الفلسطيني تحت هدف العودة فإنه سيحرك العالم تجاه إسرائيل، ولكن في حال بقيت غزة لوحدها فلن تحقق إنجازات ملموسة ترتقي إلى الوصول للعودة".
ومن ضمن الخيارات المساندة لفك الحصار عن القطاع، أكد الدجني أن أهمها انهاء الانقسام، وتوطيد الوحدة الوطنية، مشيرا إلى أن هذا الخيار سيخفف عن القطاع بنسبة 30%، هذا عدا عن التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية ومحاسبة اسرائيل على جرائمها.
وتدفّق آلاف الفلسطينيين الجمعة على المنطقة المحاذية للحدود بين غزة وإسرائيل، واندلعت اشتباكات في عدة مناطق.
وأشعل متظاهرون إطارات السيارات ورشقوا بالحجارة والزجاجات الفارغة اليات الاحتلال، بينما ردّ الاحتلال بإطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة.
فيما حذر الاحتلال من أنه سيرد بكل ما يلزم في عمق غزة، ولن يسمح بالمساس بالسياج الأمني على الحدود مع غزة.
الكاتب والمحلل السياسي د. ناصر اليافاوي أكد أن الوحدة الوطنية نفذت على أرض الميدان، واستطاع الشعب الفلسطيني نسج خبراته الكفاحية على أرض الواقع من خلال تعدد أشكال المقاومة الشعبية في استخدام الكوشوك والمقلاع والحجارة، وتغلبهم على الغاز المسيل للدموع باختراع كمامات خاصة داخلها ماء أو بصل.
وأوضح اليافاوي في تحليل خاص لـ"النجاح الإخباري" أن أهل قطاع غزة لا يوجد أمامهم ما يخسروه، في ظل الحصار الخانق عليهم والذي أثر على تلوث المياه والبحر والجو، قائلا "أصبح أهالي قطاع غزة كالجثة الهامدة التي تنتظر التحلل"، وتابع أن كان أمامهم خيارين إما الإنفجار الداخلي والموت قهرا أو الانفجار باتجاه الاحتلال، مستشهدا بقول أحد قادة الاحتلال عن المشاركين في المسيرات "اننا نواجه مجانين كل ما أطلقنا الرصاص عليهم هاجمونا أكثر".
وتزداد الحاجة للأدوية والمستلزمات الطبية بغزة، في ظل قمع الاحتلال اليومي لمسيرات سلمية تخرج على حدود القطاع منذ نهاية الشهر الماضي إحياء ليوم الأرض وللمطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم التي هُجروا منها عام 1948.
ويعيش في غزة قرابة مليوني نسمة من أوضاع صحية ومعيشية متردية للغاية جراء حصار إسرائيل للقطاع منذ 11عاما.
وأوضح اليافاوي أن ما ساعد على نجاح المقاومة الشعبية هو غياب الخيار العسكري بعد فقدان الحاضنة الدولية والعربية، وإخفاق المفاوضات مع الاحتلال، لافتا إلى أن الشعب الفلسطيني اتجه نحو المسيرات السلمية، لتطبيق قرارات الامم المتحدة 242 و383 و194، مشيرا إلى أن المسيرات السلمية فكرة ناجحة حيث استخدمها الألمان إبان الوحدة الألمانية في 1989 واستطاعوا تحطيم جدار برلين التاريخي وسقطت المنظومة وقتذاك.
وكانت مظاهرات الجمعة السابقة يوم 30 من الشهر الماضي قد أدت لاستشهاد عشرين فلسطينيا إلى جانب إصابة 1500 بالرصاص الحي أو الاختناق.
ولم تقتصر الاحتجاجات على غزة حيث شهدت عدة مدن وبلدات في الضفة الغربية مظاهرات ضد الاحتلال ومشاركة في مسيرات العودة التي انضمت إليها مختلف الفصائل الفلسطينية.
ويذكر أنه استشهد عشرة وأصيب 1070 فلسطينيا آخر في قطاع غزة خلال مسيرات العودة التي شهدتها حدود القطاع في مواجهة قوات الاحتلال الجمعة.