منال الزعبي - النجاح الإخباري - بدأ الناس صباحهم بتناول كذبة نيسان، بين الجد والهزل، وبين المنكر لها والمبتهج بها، وسط الكثير من المقالب التي تشكّل خطرًا على المتلقي في بعض الأحيان إذا كان المقلب صادمًا.
نيسان شهر الربيع، تصدق الأرض ويكذب البشر، شهر ألصقت الكثير من الأكاذيب لغرته ما جعله محطَّ الأنظار والاتّهام، ورغم أنَّه حظي بأمثال شعبية عديدة تؤكّد أهميتة على مستويات اجتماعية،وزراعية وتصل إلى العادات والتقاليد.
يعرف نيسان في الموروث الشعبي بالخميس، كما يسمى أبو الخير، وفي المثل الشعبي "نيسان أبو الخمسان"؛ لوقوع خميسي البيض والأموات فيه. وفي العادات الصحية يرى كثيرون أفضلية الحجامة في هذا الشهر لاعتدال الطقس وخوفاً من التهاب الجرح في الشتاء.
لماذا كذبة نيسان؟
اختلفت الرواية حول المناسبة التي جعلته عادة، فقالوا: "بدأت عادة الكذب في الأوَّل من نيسان في فرنسا، بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام (1564م) وكانت فرنسا أوَّل دولة تعمل بهذا التقويم، فتقام الاحتفالات بعيد رأس السنة في (21) من آذار، وتنتهي في الأوَّل من نيسان بعد أن يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة، وعندما تحوَّل عيد رأس السنة إلى الأوَّل من كانون الثاني ظلَّ بعض الناس يحتفلون به في الأوَّل من نيسان كالعادة، وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت إلى البلدان الأخرى، وانتشرت على نطاق واسع في إنكلترا بحلول القرن السابع عشر الميلادي.
ويرى آخرون أنَّ هناك علاقة قوية بين الكذب في أوَّل نيسان وعيد الهولي المعروف في الهند والذي يحتفل به الهندوس في (31) آذار من كلّ عام، وفيه يقوم بعض البسطاء بمهام كاذبة لمجرد اللهو، ولا يكشفوا حقيقة أكاذيبهم هذه إلا مساء اليوم الأوَّل من نيسان.
في حين تنسب كذبة نيسان أيضًا لحادثة ذبح المسلمين وتهجيرهم في الأندلس، حيث اختبأ المسلمون في كهوف الجبال إلا أنَّ الأسبان الصليبيين نصبوا لهم كمينًا كان عارًا لهم على مرّ التاريخ، فأعلنوا عن وجود سفن مغربية على الشواطيء الجنوبية لاسبانيا، جاءت لتحمل المسلمين إلى المغرب فمن يريد النجاة بحياته فليسرع إلى الشاطيء، وهكذا خرج آلاف المسلمين من مخابئهم وأسرعوا إلى الشاطيء المقابل لطنجة عند مضيق جبل طارق؛ ليواجهوا مذبحة من الإسبان قضت على أكثر المسلمين حينذاك وكان ذلك في (1 نيسان/ ابريل) وسمي ذلك اليوم سمكة ابريل(Poisson davril)، أي أنَّهم اصطادوا المسلمين كالأسماك، في ذلك اليوم المشؤوم وهو (1/نيسان)، ولايزال بعض سكان شمال أفريقيا يعلقون خلف من يمزحون معه يعلقون على ظهره سمكة ورقية رمزًا لكذبة نيسان.
ويذكر أنَّه يطلق على الضحية في فرنسا اسم "سمكة نيسان"؛ لسهولة خداع وصيد الأسماك الصغيرة التي يمكن العثور عليها بوفرة في الجداول والأنهار الفرنسية خلال مطلع نيسان.
والكذب هو صفة بشرية يتصف بها الذين يعتادونه من باب إخفاء الحقائق أو تغييرها لأسباب كثيرة يرجعونها للنقص والمكر وعدم ثقة الشخص بنفسه، فيظن أنَّ الكذب منجاة له في بعض الأحيان، حتى أنَّهم جعلوا للكذب ألوانًا أشهرها الكذبة البيضاء.
وقد اخترع جون لارسون جهاز لكشف الكذب سنة (1921) الذي يسجّل التغيرات الفيسيولوجية في جسم الإنسان، فتصبح نبضات القلب أسرع، وضغط الدم أعلى، وتزيد سرعة رمش العين، وتتعرق اليدان، ويتهدَّج الصوت وغيرها من العلامات، وتقدَّر نسبة دقَّته (80%) ولكن المحاكم لا تعترف بنتائجه كأدلة ضد أي متهم علمًا أنَّ دوائر الشرطة بدأت باستخدام هذا الجهاز منذ عام (1924).
في روسيا أقال الرئيس ديمتري ميدفيديف ستة من كبار ضباط وزارة الداخلية، وفقًا لما أعلنه الكرملين بعد فترة قصيرة من بدء استخدام اختبارات كشف الكذب في صفوف الشرطة.
ويبقى حبل الكذب قصيرًا وإن طال، ويؤجل الحقيقة لكن لا يخفيها.
كيف تناول الناس كذبة نيسان اليوم: