منال الزعبي - النجاح الإخباري - بعد رحلة من البرد والضباب وبعد أن غسلت أمطار الخير فلسطين يبدأ السعد الذي ينتظره الفلاح ليرى أرضه تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج، وينتظره كل عاشق للأرض والطبيعة وحتى لمحبوبة تزهر في قلبه، وينتظره الطفل ليفترش العشب ويطلق قدميه للخضرة والربيع عاد الربيع إلى الدنيا بموكبه فازينت واكتست بالسندس الشجر.
بعد أن نفضت الأرض عنها برودة سعد الذابح وبلعت ماءها يحل سعد السعود مبشرًا بقدوم الربيع البهي ويمنح الأرض كسوتها السنوية، هذه الفترة من السنة والتي تبدأ في الخامس والعشرين من شباط، يَكسِر الجو برودته، ويميل إلى الدفء.
وتناول الناس المنغمسون في شؤونهم بين الأرض والسماء أحوال الطقس بأقوالهم، قالت الحاجة أم أسعد: "إذا طلع سعد السعود لانت الجلود، وذاب كل جمود، واخضر كل عود، وانتشر كل مصرود، وكُره في الشمس القعود"، فإن شمس الربيع المباشرة تلحق الضرر بالبشرة خاصة للنساء إذ أوصت جداتنا بتجنبها فقلن: " شمس اللوز بتخلي الصبية عجوز"، وأشاروا إلى أنَّ الحياة تدب في الأرض بعد أن كانت هامدة سابتة: " سعد السعود، بتدب الـمَيِّه بالعود، وبيدفى كل مبرود"، هذا الدفء الذي ينتشر فيحيي بفضل الله الشجر والزرع لينبأ بموسم وفير حسب وفرة ما جادت به السماء من أمطار الخير.
وفي هذا يقول البروفسور في علم اللغة يحيى جبر لـ "لنجاح الإخباري": "سعد السعود واحد من ستة سعود تتخلل موسم الشتاء نتداول أربعة منها وهي: سعد ذابح، سعد بلع، سعد السعود، سعد الخبايا، واثنين منها لا نذكرها وهي سعد الملك وسعد ناشرة يتداولونها في مناطق أخرى من الوطن العربي، وجاءت هذه الدراية بأحوال الطقس وربطها بالأرض من طول مراقبة الناس لعلاقة النجوم بالأحوال المناخية وتطبيقًا لما ورد في القرآن الكريم: "والقمر قدرناه منازل لتعرفوا عدد السنين والحساب"، ويضيف الدكتور جبر: "من هنا جاء علم القرانات فقيل: إذا ما قارن القمر الثريا في ليلة اليوم السابع من الشهر القمري "قران سابع مجيع وشابع" للدلالة على بداية ظهور العشب وانتشاره على سطح الارض فترعاه الحيوانات وقد تشبع منه أو لا تشبع , فالعشب الذي يظهر خلال شهر هذا القران مجيع ومشبع استنادًا إلى كمية الأمطار الساقطة في الموسم."
إذن يتفتح الربيع ضاحكًا من حسنه فيبهج قلوبنا بأزهاره وثماره.