هبة محمود منصور - النجاح الإخباري - من أواخر شهر شباط وعلى امتداد شهر آذار من كل عام، يغزو الناس الجبال الفلسطينية لقطاف العكوب، وسرعان ما يبدأ تجار مدينة نابلس وأصحاب البسطات البسيطة في المدينة بنشره في الأسواق. فجبل النار على مر عصورها اشتهرت بحبها للعكوب حيث يعتبر أكلة نابلسية ملوكية، فالبيوت النابلسية تكاد لا تخلو منه على مدار السنة، فهو من الأكلات الفلسطينية الشعبية التراثية ويرتبط بنابلس ارتباطاً وثيقاً بها.
ورغم الوقت الطويل والجهد الذي يحتاجه العكوب من تنظيف الأشواك عن الأطراف حتى تصل إلى اللبة، ومن ثم تقطيعه لقطع صغيرة وغليه بالماء الساخن لقتل الأشواك الموجودة عليه وتخزينه إلا أنه يبقى من أحب الأكلات وأشهاها على قلوب محبيه.
" ازا بدك تعز ضيفك بتعمله عكوب" بهذه المقولة أكدت السيدة أم علاء أن العكوب هو الطبق الرئيسي على المائدة النابلسية في العزائم فهو رمز على المعزة الكبيرة للضيف.
المواطنه نجاح، تقول:" من العادات النابلسية المتوارثة عن الأمهات في شهر رمضان يكون العكوب ضيف المائدة الرمضانية النابلسية لليوم الأول، فيكون مع العكوب وتتجمع العائلة بالكامل تأكيداً على أواصر المحبة".
" العكوب مو بس على الغدا بنطبخ، كمان ع الفطور منعمله مع البيض". هكذا عبرت أم مهند عن حبهم للعكوب
ومن جهته، اعتاد ياسر النعنع ابن "55" عاماً بيع العكوب على بسطته في البلدة القديمة من نابلس منذ أكثر من 38 عاماً فقال:" قديماً كان العكوب يصل نابلس من منطقتي الجولان المحتل والباذان، أما اليوم أحضره من الخليل".
وتابع النعنع: " أكثر من 30 سنة وأنا أبيع العكوب، فبمجرد انتشاره في الأسواق يبدأ المواطنون بالتهافت على شرائه رغم ارتفاع سعره خاصةً في بداية الموسم".
وقال أبو أمجد، صاحب محل وسط نابلس لـ"النجاح الإخباري": " في كل سنة تقريباً سعر العكوب يكون نفسه لا يختلف إلا بشي بسيط حيث يبلغ سعر الكيلو بشوكه ما بين 10_20 شيقل، أما المنظف يصل سعره خمسة وستين شيقل وينخفض ليصل بحدود 35 شيقلا".
وأضاف صاحب أحد محال بيع الخضار في المدينة جمال المدني قائلاً: " يدخل السوق في بداية موسم العكوب من ثلاثة إلى أربعة أطنان، ويرتفع شيئاً فشيئاً إلى أن يصل من 10 إلى 15 طناً، ويتهافت تجار محافظات طولكرم وجنين وغيرها إلى سوق نابلس لشرائه."
وتابع المدني:" الفتيات اللواتي يتزوجن خارج مدينة نابلس يحملن شهرة أكلة العكوب إلى خارجها".
العكوب مصدر رزق ودخل أساسي للفقير...
ونوه جمال قائلاً:" في السنوات الأخيرة أصبح هناك إقبال كبير من الكثيرين لشراء العكوب نظيفاً، إضافةً إلى النساء العاملات لشرائه نظيفاً أيضاً، لذلك قمت وبالإتفاق مع بعض النساء بتنظيفه " بالتعكيب" مقابل عائد مادي مقداره خمسة شواقل للكيلو الواحد".
التعكيب وأجواؤه...
أم أحمد التي تقوم بتخزين 50 كيلو غراماً من العكوب سنوياً، قالت إنها بإنتظار عودة ابنها أحمد من الخارج بعد ثلاثة أشهر لتطبخ له العكوب الذي يحبه، حيث يطلبه سنوياً أن يكون أول وجبه منزلية يتذوقها بعد عودته.
وعن طريقة التخزين، أشارت أم أحمد قائلةً:" بعد أن أقوم بتعكيبه، أغسله بالماء الساخن وأملحه، ومن ثم تتم عملية القلي يليها وضعه بالمصفاة، أخيراً يتم تقسيمه إلى طبخات متعددة وتجميدها في البراد".
وأما الحاجه أم عثمان تقول:" من أجمل المواسم التي أحبها هي موسم العكوب حيث أقوم بتعكيبه أنا وجاراتي فنجلس على شكل حلقة ونعمل على مدار أيام حتى ننتهي منه، حيث يستغرق مدة تتجاوز الأربع ساعات في عمل خمسة كيلو".
" أضع نساء أولادي أمامي وأعلمهن كيفية التعكيب ثم يبدأن أنا أتابعهن من بعيد، وعندما يتم طبخه أقوم أنا بالتحضير فأخرجه من البراد وأضعه مع اللبن واللحمة وكل بيت يختلف في طبيعة تحضير هذه الطبخة إلا أن الطعم واحد" وهذه أجواء الحاجة أم حسن مع العكوب.
يذكر أن العكوب نبات موسمي، ينمو في الجبال، ويعتبر نبته ذات فوائد غنية حيث يحتوي على مركب السكر الخماسي، إضافةً إلى إحتوائه على نسبة عالية من فيتامين"أ" والمفيد للوقاية من مرض العمى الليلي، كما أن العكوب غني بالمغنيسيوم والألياف التي تخدم بشكل كبير مرضى السكري،وخالٍ من العناصر الدسمة، ويفيد مرضى القولون العصبي والإمساك المزمن ويساعد على هضم وطرح السموم من الجسم هذا ما أكده خبراء التغذية.