كتب عاطف شقير - النجاح الإخباري - تجلت سياسة البيت الأبيض بأبهى صورها في خطاب نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس على منصة الكنيست الإسرائيلي، كيف لا وبنس العقل المدبر لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "القدس عاصمة لدولة إسرائيل".
خطاب منحاز
وصف وزير الخارجية والمغتربين الفلسطينيين رياض المالكي، خطاب نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في الكنيست بأنه منحاز بالمطلق لإسرائيل، وعزز بشكل كبير الموقف الفلسطيني الذي تم إعلانه خلال اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل، وأكد صدقيته أمام العالم فيما يتعلق برفض القيادة الفلسطينية احتكار واشنطن لرعاية العملية السياسية.
وأكد المالكي، في تصريح له اليوم أن الرعاية الأمريكية للعملية السياسية انتهت، وأصبحت جزءا من الماضي، وهذا ما تم طرحه خلال لقاء الرئيس محمود عباس مع وزراء الخارجية في المفوضية الأوروبية، الذين لم يعترضوا على هذا الموقف، بل على العكس لاقى تفهما واضحا ظهر من خلال مناقشتهم حول رعاية أخرى للمفاوضات.
خطاب تبشيري
تعهد مايك بنس نائب الرئيس الأميركي بافتتاح السفارة الأميركية في القدس قبل حلول نهاية عام 2019، في خطاب تخلله العديد من الإشارات الدينية، ولقي تصفيقا حارا من النواب الإسرائيليين. بينما سارع أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات بانتقاده، ووصفه بأنه تبشيري ويشكل هدية للمتطرفين.
وقال بنس في خطاب ألقاه أمام البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) اليوم الاثنين إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قام الشهر الماضي "بتصحيح خطأ عمره 70 عاما، وحافظ على كلمته للشعب الأميركي عندما أعلن أن الولايات المتحدة ستعترف أخيرا بأن القدس عاصمة إسرائيل".
وأضاف بنس أن الرئيس ترمب وجه تعليماته لوزارة الخارجية للبدء فورا بالتحضيرات لنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس وافتتاحها قبل نهاية العام القادم". وحث نائب الرئيس الأميركي أيضا المسؤولين الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل.
وقبل لحظات من بدء خطابه، طرد النواب العرب من القائمة العربية المشتركة بعد احتجاجهم ورفع بعضهم لافتات تقول "القدس عاصمة فلسطين". ووسط تصفيق النواب الإسرائيليين وكذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أخرج نواب القائمة المشتركة بالقوة.
خطاب تبشيري
في المقابل لم يلق خطاب بنس ترحيبا فلسطينيا، ووصفه أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات "بأنه تبشيري ويشكل هدية للمتطرفين، ويثبت أن الإدارة الأميركية جزء من المشكلة بدلا من الحل".
وأضاف عريقات أن رسالة بنس واضحة "قوموا بخرق القانون والقرارات الدولية وستقوم الولايات المتحدة بمكافأتكم".
صفعة جديدة
قال محلل الشؤون الأميركية في "هآرتس"، حيمي شاليف، إن الخطاب الذي يعتبر بنظر اليهود و"النصارى المسيحيين"، أمثال بينس، بمثابة تحقيق حلم وتقريب لقرع أجراس المسيح ونبوءة آخر الزمان، فإنه بالنسبة للفلسطينيين صفعة أخرى تضاف إلى صفعة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل التي وجهها لهم ترامب.
وأضاف شاليف قائلا، إن بينس وهو الذي وبخ الفلسطينيين لأنهم غادروا المفاوضات، وعرض قراءة صهيونية محكمة حول الحقوق الدينية والتاريخية لليهود، بشكل يتجاهل كلية الوجود التاريخي للفلسطينيين، كما أنه عبر عن تماثله الكامل مع "الثمن المخيف" الذي اضطرت إسرائيل لدفعه في الحروب، دون أن يذكر الاحتلال القائم منذ نصف قرن والمعاناة التي يسببها للشعب الفلسطيني.
قطف ثمار
هذا وكانت الصحافة الإسرائيلية قد أعتبرت زيارة بينس لإسرائيل، بمثابة زيارة "قطف ثمار" الجهد الذي بذله في إخراج إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل إلى حيز التنفيذ، حيث كتب في هذا السياق جاي أليستر في موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي، أن بينس الذي يعتبر من الأطراف الأكثر تأييدا لإسرائيل في الإدارة الأميركية، هو من مهندسي الإعلان عن القدس عاصمة لإسرائيل والتي اتخذت رغم معارضة وزير الدفاع، جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تليرسون، وهو لا يحاول إخفاء كونه غير موضوعي فيما يتعلق بالنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وأضاف أليستر أن بينس، الذي يقول عن نفسه إنه يقرأ التوراة يوميا ويقتبس مقتطفات منها في خطاباته، يصرح بأن الولايات المتحدة يجب ألا تكون وسيطا متزنا في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، بل وسيط حقيقي، ويعني بذلك أن تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأنه كان من بين المبادرين للقانون الذي سنه الكونغرس حول الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2011.
كذلك سعى بينس، كما يقول الكاتب، خلال فترة بوش، لتقليص الدعم الأميركي للفلسطينيين، مدعيا أن تلك الأموال من شأنها أن تجد طريقها إلى "منظمات إرهابية" على غرار "حماس"، وأيد بناء الجدار العازل خلال الانتفاضة الثانية، والتقى رئيس الحكومة، أرييل شارون، خلال إحدى زياراته لإسرائيل.
ولم يخف بينس دعمه الكبير لبنيامين نتنياهو حيث قال ردا على سؤال حول تأييده لإعادة انتخاب نتنياهو، إنه مؤيد متحمس لنتنياهو لكنه لا يمتلك حق التصويت في الانتخابات.