هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - استخدمت الولايات المتحدة، أمس، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار العربي الذي طرح على مجلس الأمن بشأن القدس، والذي تقدَّمت به مصر.
وعبّرت الرئاسة الفلسطينية عن إدانتها للفيتو الأمريكي واعتبرته 'استهتارًا بالمجتمع الدولي، حيث جدَّد رئيس دولة فلسطين محمود عباس رفضه وساطة أميركا في عملية السلام، وأعلن عن اتّخاذ "رزمة" من الإجراءات ضد إعلان ترامب بشأن القدس، والانضمام إلى (22) منظمة دولية جديدة، تعزز من الشخصية الاعتبارية لدولة فلسطين على المستوى العالمي.
واستكمالا للخطوات والمسارات القادمة يواصل "النجاح الإخباري" متابعة الخطط القادمة والقراءات المتوقعة من خلال استضافة المختصين ومتابعة آخر التوقعات.
فما هي المسارات التي يمكن أن تسلكها السلطة الفلسطينية لإدانة القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل؟
د. علاء أبو طه باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي أكد أن خياراتنا محصورة لكنها غير معدومة، مشيرا إلى أن التحرك الأساسي يجب أن يبدأ مع مجلس الأمن، من حيث جدوى التحرك وكيف يمكن تفعيل ما تتيحه قرارات الشرعية الدولية والنظام الأساسي لمجلس الأمن من إمكانيات وفرص للتحرك الفلسطيني في المستقبل.
وأوضح لـ"النجاح الإخباري" أن استخدام الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع القرار المصري في مجلس الامن مساء أمس، يفتح الطريق أمام مرحلة جديدة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الامريكي، عنوانها "الاتحاد من أجل السلام"، هذا القرار صدر بعد الأزمة الكورية سنة 1951 عندما عجز مجلس الأمن أن يضطلع بدوره في حفظ السلم والأمن الدوليين.
وأضاف أبو طه أنه بالإمكان التوجه للجمعية العامة لإصدار قرارات تحل محل مجلس الأمن، مشيرا إلى أن هذا يحتاج لإرادة سياسية.
وأضاف أن الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت خصما، مشيرا إلى أن الدول التي تستخدم حق النقض "الفيتو" يجب أن تكون طرفا بالصراع.
وأكد أنه بإمكان فلسطين التوجه لمحكمة العدل الدولية لتفسير الموقف الأمريكي، وتجاوزه في مجلس الأمن.
وأشار إلى ضرورة تعزيز المحاولات الفلسطينية والعربية لإصدار قرار من مجلس الأمن يمنع اعتبار القدس كعاصمة، لافتا إلى أن قرار أمريكا بالقانون الدولي لا يلزم أحدا ولا يغير الحقائق القانونية.
واعتقد أن الامر يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة وليس مع المجتمع الدولي، بحيث ينبغي توظيف الجهد الدبلوماسي في الأمم المتحدة بموضوعات اوسع تكون القدس جزء منها، ولا يتم استنفاذ قوة الدبلوماسية الفلسطينية من اجل محاربة القرار الأمريكي.
وأضاف أنه يمكن لفلسطين الانضمام فورا للبروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 المتعلق باللجوء الإلزامي لحل المنازعات، حيث يتيح هذا البروتوكول الإمكانية لمقاضاة أي دولة طرف أمام محكمة العدل الدولية إذا أخلت باتفاقية العلاقات الدبلوماسية.
وأكد على ضرورة البحث عن استراتيجية عمل في الأمم المتحدة تضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته من منطق شمولي، واعادة القضية الفلسطينية للمربع الاول، وإعادة تعريف الأراضي الفلسطينية والإلتزام بالإتفاقيات.
وشدد على ضرورة العمل بشكل تراكمي موازي للأعمال السياسية والإقتصادية والمقاومة العسكرية، باعتباره حق مكفول بموجب القانون الدولي، قائلا" يجب تراكم نقاط قوة فالقانون الدولي ما هو الا انعكاس لموازين القوى على الأرض".
واختتم حديثه مؤكدا على أن التركيز على فكرة المقاطعة والمواجهة وبناء تحالفات جديدة إلى جانب المقاومة الشعبية لا تقل أهمية عن الذهاب للأمم المتحدة.
بدوره رأى المحلل السياسي حسن عبدو أن من بين المسارات التي يمكن أن تسلكها فلسطين: الذهاب للأمم المتحدة، مشيرا إلى أن قرارات الأمم المتحدة غير ملزمة لإسرائيل ولكن هناك ضمان عليه إجماع دولي لإدانة قرار ترامب.
وأضاف عبدو لـ"النجاح الإخباري" بما أن إسرائيل لا تنفذ قرارات الشرعية الدولية، فهناك خيار بتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن مرة أخرى، واختصام أمريكا نفسها كما قال الرئيس في خطابه باسطنبول، وبذلك تحرم أمريكا من استخدام حق الفيتو كما حصل مع الأرجنتين.
وأوضح أن فلسطين بهذه الطريقة ستحصل على إدانة للموقف الأمريكي، بحيث لن تكون أمريكا ضمن التصويت.
وأشار إلى أن الرئيس محمود عباس يعمل ضمن نظام النطاق العالمي، بحيث لا يريد تبني خيارات المقاومة، وما زال متمسكا بخيار التسوية وحل الدولتين، ويخوض معركة دبلوماسية وسياسية.
وأضاف أن ما يميز السيناريو هذه المرة، الحراك الفلسطيني على أرض الواقع، فالسلطة لم تمنع أي احتجاجات للتعبير عن رفضهم للقرار، قائلا "أداء الرئيس مسنود بأداء شعبي على الأرض".
وأضاف عبدو أنه يوجد خيارات أكثر ثورية بإمكان السلطة اتخاذها وهي سحب الإعتراف بدولة الاحتلال ووقف العمل بالإتفاقيات الموقعة مع الإحتلال، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تحتاج لإرادة شعبية وتسلح الرئيس بوحدة الشعب من أجل اتخاذ القرار.
فيما رجح عبدو أن يبقى الرئيس بساحة العمل الدولي لإدانة القرار.
ووفقًا لقرار صدر عام (1950) يمكن الدعوة لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة لبحث أمر ما "لتقديم توصيات ملائمة للأعضاء بغرض اتّخاذ إجراءات جماعية"، إذا فشل مجلس الأمن في تنفيذ إجراء.
ولم تنعقد مثل هذه الجلسات الطارئة سوى عشر مرات كان آخرها عام (2009) بسبب إجراءات نفذتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ونتائج مثل هذه الاجتماعات غير ملزمة لكن لها ثقلًا سياسيًّا.
واعتبرت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي خلال الجلسة، أنَّ مشروع القرار المطروح "يعيق السلام"، مضيفة أنَّ واشنطن "ملتزمة بالتوصل إلى سلام دائم مبني على حل الدولتين"، حسب تعبيرها.
وأضافت المندوبة الأمريكية: "القدس كانت عاصمة اليهود لآلاف السنين ولم يكن لهم عاصمة أخرى"، وفق تقديرها، مشدّدة على أنَّ بعض الدول ترغب في تشويه صورة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لأغراض خاصة، حسب زعمها.
وأيدَّ مشروع القرار المصري الأعضاء الـ (14) الباقون في مجلس الأمن، لكنَّه لم يذكر الولايات المتحدة أو ترامب، مشيرًا إلى أنَّ القرارات التي اتُخذت في الآونة الأخيرة بشأن القدس مؤسفة.
وتعتبر إسرائيل القدس عاصمتها الأبدية غير القابلة للانقسام وتريد أن تكون كلّ السفارات هناك. ويريد الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقلة في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام (1967) ثمَّ ضمَّتها إليها في خطوة لم تحظ أبدًا باعتراف دولي.
واعترف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للاحتلال في (6) ديسمبر الجاري، وطالب وزارة الخارجية الأمريكية باتّخاذ إجراءات لنقل سفارة واشنطن إليها، في خطوة أثارت ردود فعل رافضة للقرار على المستويين الرسمي والشعبي، وأدَّت إلى اندلاع الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.