نهاد الطويل - النجاح الإخباري - لليوم السابع على التوالي، تخرج فلسطين والشوارع العربية والغربية، على غير هدى لكي تنفّس عن غضبها الحادّ من قرار الرّئيس الأميركي دونالد ترامب المتمثّل بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، دون أن يخطر ببال المتظاهرين أو المنظمين أنّه يمكن أن يتحسّسوا خيارًا عربيًّا وإسلاميًّا مفيداً، إذا ما بادر وضغط من أجل عدد من الخطوات المؤثرة،
ليس أقلَّها تجميد أو خفض العلاقات الدّبلوماسية مع واشنطن أو حتى مقاطعتها اقتصاديًّا ووقف كلّ أشكال التَطبيع مع إسرائيل من فوق الطاولة ومن تحتها كما يقول الشارع.
وفي إطار التشاور العربي والإسلامي تستضيف اسطنبول اليوم قمة لقادة دول منظمة التعاون الإسلامي بدعوة من الرئيس التركي رجب طيّبأردوغان، الذي يتزعم التحرك الإسلامي في مواجهة الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل
وثمَّة تساؤلات على عتبات قمة اسطنبول عمَّا إذا كان بمقدورها أن تنجح في إنضاج المواقف عبر تنسيق الرَّد الشافي على مغامرة ساكن البيت الأبيض المجنون في ظلِّ الانقسام العميق بين بلدان إسلامية وعربيَّة عدَّة.
الناطق باسم الرئاسة الفلسطينيَّة نبيل أبو ردينة، قال في وقت سابق: "إنَّه تمَّ الاتفاق على الإستمرار والتشاور والتنسيق في المرحلة المقبلة لخطورتها، وأنَّ حراكا عربياً سيجري للحفاظ على الحقوق العربية في المرحلة المقبلة".
وفي الوقت الذي تتحضَّر فيه الدبلوماسيِّة الفلسطينيِّة بالتنسيق مع الأردن ودول أخرى لم يخطر ببال ترامب وهو يرأس أكبر دولة في العالم، تتفرد بالقرارات على عادتها، أن تتجرأ دولة فلسطين - آخر دولة تقبع تحت الاحتلال – بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدوليّ ضد قرار ترامب وبناءًا على طلب رئيسها محمود عباس.
هذه السابقة هي الأولى في تاريخ مجلس الأمن التي تقدّم فيها شكوى ضد الولايات المتحدة، التي لا يحق لها أصلا استخدام حق النقض الفيتو الذي كانت تستخدمه بشكل دائم.
ومن المرتقب أن يتم التصويت على القرار بالأكثرية، وأن لا يستخدم الـفيتو من قبل أي من الدول الأربع الباقية الدائمة العضويَّة، وهي: (روسيا، الصين، فرنسا وبريطانيا) الذين عارضوا قرار ترامب بشكل مسبق.
إسرائيليًّا ورغم أنَّ أوروبا لا تُكنّ إلا الصداقة لإسرائيل، فإن ذلك لم يكن كافيًا كي يخرج بنيامين نتنياهو بإفادات تصبّ في مصلحته، وخاصة أن الحديث عن القدس، وعلى نحو يخالف عشرين عامًا من أدبيّات السلام القائمة على حل الدولتين والعاصمة المشتركة.
وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير في الشؤون الأوروبية د.حسام شاكر أن القارة العجوز في ورطة بعد القرار تحديدًا، فقد وضع ترامب وزارات الخارجيّة الأوروبيّة في مأزق، عندما طوى صفحة قيام دولة فلسطينيّة.
وقال شاكر لـ"النجاح الإخباري": "إنّ انزعاجًا يسود أوساط صانعي السياسات الخارجيّة الأوروبيّة، وهم الذين اعتادوا التبشير بوجود أفق لحل القضيّة الفلسطينيّة عبر المفاوضات التي تبقى القدس موضوعًا لها لا يمكن حسمه قبل ذلك".
وتابع: "فالأوروبيون معنيّون بالحفاظ على رشفة الأمل الأخيرة لعمليّة التسوية السياسيّة، لأنّ بديلها في منظورهم "دوامة جديدة من العنف"، كما يأتي عادة".شدّد شاكر.
وهذا يفرض على الأوروبييّن الآن أن يبادروا بخطواتٍ عمليّة مستقلّة عن شريكهم القابع غربيّ الأطلسي؛ إن أرادوا تفعيل التفاوض على مشروع "الدولتين" حقاً.
رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي أخفق للحظة الأخيرة في تسويق إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، بدا معزولا ومن قبله ترامب.
الكلام الأوروبيّ الذي وصفه مراقبون بعالي النبرة في وجه الضيف الإسرائيليّ، اختصرته وزيرة خارجيّة الاتحاد، فيديريكا موغريني، خلال المؤتمر المشترك مع نتنياهو.