هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرار الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفلسطين وعواصم العالم تشهد حراكا تنديدا بقراره، وما زال يشغل كافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية دون استثناء، إلا أن قراره المبهم دون تحديد عن أي قدس يتحدث وضعنا أمام خيارات، رأى المحللون من خلالها أنها تدل على تذويب حل الدولتين والسعي نحو دولة واحدة، عدا عن تخوف البعض من أن يكون ما وقعه ترامب مختلف تماما عما قاله.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة د. حسام الدجني تسائل بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن قرار الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ولكن " القدس" تحت أي تعريف كانت تندرج؟ مضيفا هل هي وفقا للرؤية الأمريكية أم الإسرائيلية أم القانون الدولي.
وأشار الدجني لـ"النجاح الاخباري" أن اسرائيل تغير كل يوم في حدود القدس، من خلال ضم الكتل الاستيطانية والسيطرة على الأراضي، لافتا إلى أن ترامب طرح القدس دون تحديد وكأنه يتحدث عن القدس الكبرى.
وأضاف أن بهذه الطريقة الكرة تبقى بملعب اسرائيل، في تحديد حدودها وفضائها الجغرافي، خاصة وأن اسرائيل تعمل ضمن استراتيجية إحلال وتغيير وقائع ديموغرافية في القدس، لتحويلها لمنطقة يهودية بحتة، لافتا إلى أن نسبة اليهود فيها حوالي 63%، قائلا "وهنا تكمن الخطورة".
ونوه إلى أن كل ما يحدث يدل على أن اسرائيل تسعى لمشروع استراتيجي والإعلان عن تهويد القدس والإنتقال لمرحلة التتويج.
وفيما يتعلق بمفهوم الدولة الواحدة أوضح الدجني أنه يختلف من حيث زاوية الرؤية لكل دولة، مشيرا إلى أن ترامب ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يتحدثوا بمنطق الدولة الواحدة بحيث يكون هناك قومية أو اثنتين، بما يخالف منطق الدولة الواحدة الديمقراطية العلمانية لمواطنيها.
ونوه إلى أن إعلان ترامب يعني أن "حل الدولتين لم يعد قائما" كونه لم يذكر القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وأوضح أن بدائل وخيارات القيادة الفلسطينية المطالبة بدولة واحدة، نظرا إلى أن إسرائيل لن تقبل ذلك باعتبار المعادلة الديموغرافية بحيث معدل خصوبة المرأة العربية أعلى منه لدى اليهودية، إضافة إلى أن طبيعة الشخصية اليهودية لا تعيش إلا في "كيبوتسونات"، ولن تقبل أن تعيش مع غير اليهودي.
رغم خطورة الإعلان إلا أن هناك طرق لتحويل الوضع الراهن لصالحنا في بعض الأمور، حيث أكد الدجني أنه بإمكاننا تدفيع الثمن والفواتير لإسرائيل وأمريكا، مشيرا إلى أن الحراك الشعبي مهم لكنه غير كافٍ.
وأضاف أن الحراك القانوني السياسي الدبلوماسي هو الأهم، باعتبار ما حدث خطوة سياسية دبلوماسية، لافتا إلى أن على الفلسطينيين اللعب بنفس الملعب، والذهاب بشكوى لمجلس الامن، قائلا "كوننا دولة داخل الأمم المتحدة بإمكاننا تقديم شكوى بالإعتداء على العاصمة وفق القانون الدولي، ولن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض الفيتو باعتبارها الدولة المشتكى عليها".
وأشار إلى ضرورة المناورة على حل الدولة الواحدة، وتهديد العالم بسحب الإعتراف المتبادل.
إضافة إلى قيام السلطة الفلسطينية بدور يزيد من فاتورة الاحتلال، مضيفا "كل ذلك لا يتم إلا بوحدة الموقف الفلسطيني حتى تستطيع فلسطين المضي قدما".
ومع تصاعد الأحداث، أكد الدجني على ضرورة أن يرافق الحراك الشعبي قرارات سياسية، وإعلان الرئيس محمود عباس فشل حل الدولتين في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة، وازدواجية معايير الإدارة الأمريكية وانحيازها لإسرائيل.
بدوره أوضح المحلل والكاتب السياسي جهاد حرب أن قرار ترامب مخالف لقرارات مجلس الأمن وعلى رأسها قرار 478 والذي صدر 1980 والقرار الاخير المتعلق بالاستيطان 2334 الذي صدر في ديسمبر 2016، إضافة إلى قرار 252 عام 1967 والذي طلب من الدول عدم وجود بعثات دبلوماسية في القدس.
ورأى حرب أن قرار ترامب على الرغم من اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل إلا أنه لم يحدد الحدود الإسرائيلية، أو أي اتفاق في المستقبل سيضمن الوصول إلى اتفاق حول القدس بين الطرفين.
وأشار لـ"النجاح الاخباري" إلى أن القرار يتيح لسلطات الاحتلال مزيدا من التهويد من الاستيطان في القدس.
ولفت إلى أن القرار لم يلغي إمكانية الوصول لقرار حل الدولتينوفقا للرؤية الأمريكية، مشيرا إلى أن الخطورة تكمن في أن القرار يخرق الغجماع الدولي وهيئة الأمم المتحدة، ومنع الدول من إقامة بعثاتها أو سفاراتها في القدس إلا بعد إنهاء الاحتلال ووضع الحدود بين الطرفين.
وأكد حرب أن أمام قضيتنا ثلاثة مسارات يمكن للسلطة أن تتبعها، قائلا "المسار السياسي هو الذهاب للأمم المتحدة وتقديم شكوى لمجلس الأمن كما فعلت السلطة، حول خرق القرارات، واستمرار التوقيع على اتفاقيات والانضمام لمؤسسات دولية يمكن استثمار عضويتنا فيها بالمزيد من الضغط الدولي على إسرائيل.
وأضاف أن تطلب فلسطين تقليص العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة، واستخدام قدراتها السياسية والإقتصادية للضغط على الولايات المتحدة من أجل التراجع عن قرارها.
وأكد على ضرورة تطوير إمكانية إعادة التوازن للعلاقة الأمريكية مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني دون انحياز.
ونوه حرب إلى ضرورة تطوير أدوات العمل الفلسطيني الداخلي، من خلال الوحدة وقيادة عمل شعبي جماهيري سلمي في مواجهة الاحتلال، وعدم ترك هذه التحركات دون قيادة ميدانية تحدد الأولويات والبرنامج وطرق المواجهة من أجل استمرارها.
وأضاف أن ب إمكان السلطة دراسة إمكانية تحويل ملف الإستيطان لمحكمة الجنايات الدولية ومحاكمة زعماء اسرائيل.
وحول تصاعد الأحداث اعتبر حرب أنه مرهون عدة أمور أهمها بمدى استخدام الاحتلال لأدوات البطش ضد الإحتجاجات الفلسطينية، اضافة إلى وجود قيادة موحدة للمواجهات من أجل تحديد البرنامج، وبحجم رد السلطة على الولايات المتحدة
واختتم حرب حديثه مع "النجاح الاخباري" مؤكدا على أن هناك عوامل مختلفة مرهونة بتصاعد الأحداث، بحيث لا يكونوا الفلسطينيين وحدهم من يحدد مدى ارتفاع وتيرتها، قائلا " من المبكر التكهن بمسيرة الأحداث القادمة".
بدوره أوضح عميد كلية القانون في جامعة النجاح الوطنية د. مؤيد الحطاب أن ترامب بإعلانه يكون قد أعلن انسداد الأفق امام عملية السلام.
وأضاف لـ"النجاح الاخباري" أن كل ما حدث يدل على تذويب حل الدولتين، والسعي نحو حل الدولة الواحدة، متسائلا هل ما حدث هو جزء من حل الدولة الواحدة بأن تصبح القدس لإسرائيل، والضفة تذوب نتيجة تصاعد الاستيطان.
وأضاف أن الخيارات المتاحة للفلسطينيين، وقلبها لصالح القضية من خلال القاعدة الجماهيرية الفلسطينية والعربية والحراك الدولي، وعودة القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام العربي.
وأضاف أن المطلوب تشكيل فريق قانوني فلسطيني يقوم بالاتصال الفوري والمباشر مع الحقوقيين وكل الداعمين للقضية الفلسطينية المقيمين بامريكا من اجل رفع دعوى قضائية باسرع وقت امام القضاء الامريكي .
وأشار إلى ضرورة مخاطبة الرأي العام الدولي بكل الوسائل الاعلامية والفكرية والرسمية الممكنة لتوضيح مدى تاثير خطاب ترامب على الامن والسلم الدولي، ودعوة المجلس الوطني الفلسطيني لعقد جلسة طارئة، بمشاركة الفصائل جميعها بما فيها الفصائل الاسلامية.
وكان قد رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس، استقبال نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس، الذي يزور المنطقة في النصف الثاني من الشهر الجاري، رغم تحذيرات البيت الأبيض، من أن احتمال إلغاء اللقاء سيأتي "بنتائج معاكسة"، حسبما أكّد مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي.
وأشار إلى أن المسألة أكبر من مجرد لقاء، وأضاف، "الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، اجتاز خطوطاً حمراء ما كان يجب أن تجتازه"، وشدَّد على أن "الشعب الفلسطيني وقيادته يرفضان أي تهديد من أي مصدر كان".
وأوضح أن الأيام المقبلة ستشهد حراكاً دبلوماسياً حثيثاً"، في إشارة إلى الاجتماع الوزاري العربي المقرر، اليوم، والقمة الإسلامية التي تنعقد الأربعاء، من أجل تنسيق المواقف والتحرك ضد الخطوة الأميركية.
ومن المقرر أن تعقد القيادة الفلسطينية، اجتماعاً، في مقر الرئاسة الفلسطينية بمدينة رام الله مساء اليوم، لبحث سبل مواجهة التحديات التي نشأت عن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة إليها.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد مجدلاني، قال إنّ اللجنة ستبحث الخطوات العملية الملموسة لمواجهة قرار الرئيس الأميركي على المستويين السياسي الدبلوماسي والوطني الداخلي"، وأوضح، أنّ اللجنة ستناقش آليات التحرك من أجل البحث عن رعاية دولية متعدّدة الأطراف للعملية السياسية باعتبار أنّ الولايات المتحدة أخرجت نفسها من هذا الدور، ولم تعد مؤهلة للقيام به.
وأشار إلى أن النقاش سينصب على المرحلة الانتقالية التي لم يعد من الممكن الاستمرار فيها بكل ما تحمله من التزامات، مؤكداً على ضرورة بحث فرض صيغة جديدة للتعامل مع دولة فلسطين فضلاً عن تقييم العلاقة مع الاحتلال.
وستبحث القيادة الفلسطينية في اجتماعها الترتيبات لعقد المجلس المركزي، وتكليف رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني بالبدء بالتحضيرات اللازمة لانعقاده.
وأكد وزير الخارجية والمغتربين، د. رياض المالكي، على أن القيادة تدرس التحضير لتكليف المجموعة العربية بمشروع قرار في مجلس الامن للطلب منه رفض القرار الامريكي، واجبار الحكومة الامريكية على التراجع عن هذا القرار، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة، لا تستطيع استخدام، الفيتو لانها طرف بالنزاع، وأوضح أن كل الخيارات مفتوحة أمام القيادة الفلسطينية للتعاطي مع الخطوات الأميركية، وسنتحرك على أعلى المستويات الدبلوماسية والسياسية والقانونية.