نهاد الطويل - النجاح الإخباري - بات من السهل فلسطينيا شراء سيّارة في أيّ لحظة، فالبلد كما يرى مراقبون تحوّل الى حرش كبير للسيّارات.
فكل مواطن بالنسبة للبنوك والمعارض بات متسوّق محتمل،لان اقتناء سيارة بات هدف معلن وأساسي لكل شخص لا بل فإن تبديلها من فترة الى أخرى أصبح هوس وميزة بالنسبة للكثيرين.
وفي الواقع اليومي ثمة ديباجة تنافسية بين الممولين تتعلق بعرض مغر على شكل سؤال وهو:"هل ترغب في شراء سيارة بالتقسيط المريح؟ وهل تفكر بالإستفادة من التسهيلات المصرفية المتوفرة؟"
أما معارض السيّارات فقد انتشرت كالطفيليّات على جوانب الطرقات ومداخل المدن ولك أن تذهب على سبيل المثال الى جنين مثلا لتشاهد الظاهرة عن كثب.
بحسب تقرير صادر عن سلطة النقد فقد بلغ إجمالي القروض المقدمة لتمويل السيارات حتى نهاية الربع الثالث من العام الجاري ٢٦٩ مليون دولارا،وهي قروض لم تسدد بعد.
ويشير الصحافي الاقتصادي محمد عبد الله خبيصة " إن منح القروض الشخصية مرتبط بدخل الفرد وأن البنك ملتزم بالتعليمات والقرارات التي تصدرها سلطة النقد.
وقال خبيصة لـ"النجاح الإخباري" الاثنين إنه ووفقا للتعليمات فلا يجب أن تزيد قيمة القسط عن 40% من إجمالي دخل الفرد.
ولفت أنه يوجد في البنك دائرة للتحصيل تعمل على متابعة عدم قدرة العميل في حال تعثر في سداد القرض ( فشل في السداد ) منذ القسط الثالث.
علما بأن وسائل المتابعة مختلفة كالإتصالات الهاتفية مع العميل والورقية إلى القانونية.
وردا على سؤال يتعلق بعدم احتكار البنوك وحدها عملية التمويل بشكل أساس لعدم وجود جهة تمويلية أخرى تنافسها،نفى خبيصة ذلك.
"هناك جهات أخرى تمول، فمؤسسات الإقراض الصغير لديها تقريبا 90 ألف مقترض كما أن معارض السيارات وشركات العقار، تبيع عبر نظام الشيكات وهو شكل من أشكال التمويل" أضاف خبيصة.
وبحسب الواقع المعاش فإنه بات معروف أن غالبية المواطنين يبالغون في شراء السيارات، حيث باتت من ضمن ميلهم الى الإنفاق غير المحدود على ذلك والذي قد يلامس حد اللامعقول في كثير من الأحيان.
وخلال فترة السداد تبقى السيارة مرهونة للمصرف أو المعرض، ولا يستطيع مالكها بيعها بوكالة لسواه قبل أن يسدد كامل ما عليه من أقساط شهرية ويفك الرهن.
وتتنوع الخيارات بالنسبة للكثيرين،فمنهم من يقترض من المصارف لشراء السيارة التي يحلم بها وقد يلجأ الى مدخراته بينما قد ينجح اخرون بتقسيط الثمن مباشرة للوكيل أو معارض السيارات المنتشرة في عدد من المدن بالضفة الغربية.
وفي هذا الصدد يقول ناجح صوان لـ"النجاح الإخباري" معلقا على الأزمة الحاصلة على الطرقات في نهاية كل يوم عمل:" في مطلق الأحوال ليست هناك عائلة الا وفيها أكثر من سيارة حتى وإن كان مدخولها متوسطا أو أقل."
ويؤكد صوان أنه اشترى سيارته عندما تعرض لسؤال نشر على لوحة إعلانية "هل تدرك أن أسرع قرض مصرفي يمكن أن تحصل عليه هو القرض الخاص بشراء سيارة؟"
العجز وارد ..
في المقابل ثمة حقيقة بأن ظاهرة العجز عن تسديد أقساط السيارات موجودة في فلسطين اسوة بالأمر نفسه مع القروض المصرفية الأخرى.
وعملياً يقدم بعض شركات السيارات الجديدة عروضا وتسهيلات لشراء سيارة سواء بتوفير تقسيط مباشر معها ام بالاتفاق مع هذا المصرف او ذاك لاتمام عملية البيع والشراء بقروض ميسرة وفوائد متدنية جداً جداً.
وهناك من يشتري سيارة مستعملة نقدا وبالتقسيط السريع على دفعات لا تتخطى اشهرا عدة سواء اكان البائع فردا أم صاحب معرض.
لكن أكثرية المواطنين لا تتمكن من شراء سيارة إلا باللجوء الى القروض المصرفية لانها تفتقر في الأساس الى المدخرات الكافية من هذا القبيل.
وتشترط بعض المعارض ان يؤمن الشاري دفعة من قيمتها،أو نسبة ما يحددها البنك بذاته، والذي يعود اليه وحده فقط ان يقرر ما اذا كان صاحب هذا الطلب مستوفيا للشروط والمواصفات التي تخوله الاقتراض أولاً بناء لدراسة ملفه.
وقد تحصل الموافقة على القرض في غضون ساعات قليلة كما حدث مع المواطن معن شناعة.
وعن تجربته في هذا الإطار يؤكد شناعة لـ"النجاح الإخباري" أن حلمه باقتناء سيارة دفعه الى بوليصة التأمين الشامل وهو شرط الزامي طيلة كل فترة تسديد القرض التي تتراوح عادة بين 3 و5 سنوات.
ومع دخول السيارات الكورية الجديدة السوق المحلي، والعروض المغرية التي ترافق عملية شرائها، إضافة إلى القروض المصرفية الميسّرة، تراجع بيع السيارات المستعملة عما كان عليه في السابق بنسبة قد تصل لـ 50% تقريباً، وفق ما يلاحظ على شوارع المدن والبلدات والمخيمات بالضفة الغربية.
وبحسب معطيات وزارة النقل والمواصلات فإن أن أكثر الأسواق التي تستورد منها السيارات هي الأسواق الأوروبية وكوريا الجنوبية والخليج، إلا أن الأسواق الأوروبية لها الحصة الكبرى من عدد السيارات المستوردة، ويأتي بالدرجة الأخيرة السوق الأميركي حيث قلما يستورد التاجر مركبات صنعت في أمريكا لاعتبارات كثيرة.