نهاد الطويل - النجاح الإخباري - قضيتنا اليوم تتعلق بتنامي حرق النفايات النحاسية والبلاستيكية بمحافظة قلقيلية في مشهد يقول المتضررون: "إنَّهم باتوا يعايشونه بشكل أسبوعي دون الاكتراث للأمراض التي تنتشرها بشكل هستيري هذه الحرائق".
والليلة الماضية أقدم مجهولون من احدى القرى المجاورة على إضرام النار في مكب عشوائي للكوابل النحاسية والمعدنية والأجهزة الالكترونية الخطيرة ويقع في محيط قرية فرعتا ففي المحافظة وسط مخاوف من قبل المواطنين من أن هذه النفايات الصلبة يتم توريدها من المستوطنات الاسرائيلية القريبة ما أدى لتصاعد سحب الدخان السامة والقاتلة وخلق حالة من الهلع لدى السكان الذين يقاربون الألف نسمة.
ونشرت صفحة القرية على موقع التواصل الإجتماعي"فيس بوك" تسجيلا مصورا لما حدث بالأمس ويظهر فيه حالة الجلبة والغضب التي وقعت في المكان.
الأتيرة: سنقدم العابثين بالبيئة للنيابة العامة
بدوره وضع "النجاح الإخباري" القضية على طاولة رئيس سلطة جودة البيئة عدالة الأتيرة.
واستهجنت الأتيرة قيام من وصفتهم بتجار الدم بمثل هذه الممارسات مستغلين المناطق القريبة من المستوطنات والمصنفة (C) ببث هذه السموم على حساب صحة المواطنين في المنطقة.
وتعهدت الأتيرة بأن توعز بمتابعة الملف في مكتب السلطة في محافظة قلقيلية.
ودعت الأتيرة المجلس المحلي للوقوف عند مسؤولياته وصلاحياته القانونية والتنسيق مع سلطة جودة البيئة والتبليغ الفوري عبر تقديم معلومات دقيقة.
متعهدة بتقديم من يثبت تورطهم للنيابة العامة.
ويفشل ما يسمى بالمجلس المشترك (اماتين - فرعتا ) بمحاربة الظاهرة رغم الوعودات التي أطلقها مؤخرا بعد سلسلة احتجاجات شعبية "ناعمة" طالب أصحابها بضرورة حل المشكلة والوقوف عليها بشكل حازم باعتبارها جريمة بيئية بامتياز.
مواجهة خطيرة!
دفع تكرار الظاهرة المواطنون في البلدة إلى مناشدة الجهات المعنية بعد استفحال تصاعد الدخان مخلوط بروائح مسرطنة فيما يضطر المواطنون القريبون من منطقة الحرق إلى مواجهة السموم والروائح الكريهة وحدهم ما يهدد السلامة العامة.
قال فيصل الطويل أحد المتضررين الذين احتجوا اليلة الماضية على استمرار أعمال الحرق في محيط القرية ويطال ضرره عدد من منازل : "حذرنا مرارًا من مثل هذه السلوكيات التي تمس حياتنا وبيئة القرية وطالبنا المسؤولين بالوقوف عليها قبل أن يستعصي الحل ونخسر صحتنا وصحة أطفالنا".
وعلق أحد الشبان على حسابه :
ليست المرة الأولى ..!!
ويقول عماد مسعود لـ"النجاح الإخباري": "معظم سكان الحي أصبحوا يعانون من مشاكل في التنفس جراء قيام مجهولون بعمليات الحرق المتكررة على مدار السنة فهل يريدون قتلنا ؟"
ويؤكِّد مواطنون في القرية لـ"النجاح الإخباري" أنَّ إشكالية وقعت قبل اشهر اثر قيام احد "تجار النفايات" بإحضار حاوية نفايات وحرقها في أراضٍ قريبة من القرية حيث تمَّ استدعاء طواقم الدفاع المدني والأجهزة المعنية للوقوف عليها.
وبعد معاينة المخلفات تبين أنَّ ما تمَّ حرقه حينها هي مخلفات طبية وكيماوية أحضرها "المقاول" من مصانع مستوطنة بركان الصناعية المقامة على أراضي منطقة سلفيت.
"استباحة للأرض .."
"حرق الكابلات المطاطية لاستخراج أسلاك النحاس منها بهدف بيعها،تتنقل من مكان إلى آخر مستبيحة الأرض والأودية وطرقات الكثير من الأماكن النائية الجميلة فيها دون حسيب أو رقيب"، أضاف أحد المحتجون على الظاهرة لـ"النجاح الإخباري".
سموم في هوائنا ..
وليس جديدًا القول إنَّ حرق النفايات يسبب ارتفاعاً خطيراً في نسبة تركز مادة الديوكسين المسرطنة في الهواء الذي نتنشقه، حيث يتوقع أن ترتفع هذه النسبة عقب كل عملية حرق لحاوية هنا أو هناك.
ورأى الصحفي والمهتم بقضايا البيئة "عبد الباسط خلف": أنَّ ثمة خطورة جراء حرق النفايات، ولذلك السلوك وما يعقبه من انبعاثات على الصحة والبيئة، إذ تنتج عمليات الحرق جسيمات دقيقة، ومواد (الديوكسين)، وأول أكسيد الكربون، والرصاص، والفورمالدهيد، والزرنيخ، وثاني أوكسيد الكبريت، ومواد مُسرطنة وسامة أخرى كالكروم والزئبق وكلوريد الهيدروجين، التي تتسبب بأمراض عديدة أبرزها: الجهاز التنفسي، والسرطان، ونقص المناعة، والإضرار بالدماغ، والكلى، والقلب.
وتابع خلف لـ"النجاح الإخباري" : "المطلوب، تفعيل قانون البيئة وتطويره، ومحاسبة الخارجين عليه، والمتسببين بتلويث البيئة وحرق النفايات، ويجب أن يتوازى ذلك مع تطوير التعليم البيئي، ونشر مفاهيم حماية البيئة والمحافظة عليها، والتعامل معها كصديق لا عدو. يتحتم الشروع في ذلك في سن مبكرة، وفرض غرامات باهظة وعقوبات أشد على حارقي النفايات."
ولا يقتصر ضرر حرق المواد البلاستيكية التي تحتوي على معادن على مادة الديوكسين فحسب، حيث يزداد أيضاً تركز مادة مجموعة الهيدروكربونات العطرية المسرطنة التي تتكون من خمس حلقات من البنزين، تنتج من الإحتراق غير الكامل للمواد العضوية، وعلميًّا، لا تستخدم هذه المادة إلا للأغراض البحثية وللحث على تكوّن الأورام!
وراجت مؤخرًا مهنة جمع النفايات الصلبة وتعتمد على شراء الأجهزة المعدنية وكوابل الكهرباء، من خلال استيرادها من داخل إسرائيل ومستوطناتها، ثم يتم تجميعها في مجمعات خاصة تعمل على إعادة فرزها وتنظيفها، تمهيداً لتصديرها إلى مصانع الصهر في إسرائيل، بهدف إعادة تدويرها.
وتقدَّر كمية هذه المخلفات بآلاف الأطنان، وتضم: الألمنيوم بأنواعه، والحديد، والنحاس، والنيكل، والرصاص، والقصدير، وغيرها من المعادن؛ بالإضافة إلى البلاستيك.
وهو ما يدفع الجهات المعنية وعلى رأسها الضابط الجمركية الى ملاحقة هؤلاء "المقاولين" حيث أعلن خلال الفترة الماضية ضبط العديد من الشاحنات وتوقيف أصحابها.
"من أمن العقاب أساء الأدب .. "
وتنص المادة ( 23) من قانون رقم (7) لسنة 1999 بشأن البيئة: "يحظر إلقاء أو معالجة أو حرق القمامة والمخلفات الصلبة إلا في الأماكن المخصصة لذلك، ووفقاً للشروط المحددة من قبل الوزارة بما يكفل حماية البيئة."
وفي بند العقوبات فإنَّ المادة (65) الذي أطلع عليه "النجاح الإخباري" أيضًا: " كل من يخالف أحكام المواد (21، 22، 23) من هذا القانون، يعاقب بغرامة لا تقل عن عشرة دنانير أردنية ولا تزيد على مائة دينار أو ما يعادلها بالعملة المتداولة قانوناً، وبالحبس مدة لا تقل عن يومين ولا تزيد على أسبوع، أو بإحدى هاتين العقوبتين."
وإلى حين إنهاء المشكلة فإنَّ الظاهرة ستبقى مزعجة ومقلقة للمواطنين ومرشحة إلى التصاعد وإلى حينه ستبقى نداءات المواطنين أيضًا رهينة لموقف متلكىء من قبل الجهات المعنية لجهة حماية السلامة العامة وحرمانهم من بيئة نظيفة جميلة.
ويبلغ عدد مكبات النفايات في الضفة الغربية حسب وزارة الحكم المحلي حوالي (156) مكبا منتشرة في أنحاء الضفة الغربية منها ما هو مستعمل حتى اللحظة، ومنها ما تم تركه بعد تأسيس مكب إقليمي للمحافظة مثل محافظة جنين، وغالبيتها ما زالت مستعملة وتلقى فيها النفايات بشكل عشوائي في العراء، وهناك مكبات يجري العمل عليها لحل مشكلة المكبات العشوائية وذلك حسب الإستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة في فلسطين.