هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - لوحظ في الأونة الأخيرة انتشار ظاهرة تأجير الشقق والفلل المفروشة بطريقة غير قانونية، واستخدامها لأغراض غير مشروعة في عدّة مناطق بالضفة الغربية من خلال إعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب مسح قام به موقع "النجاح الإخباري" فإنَّ الإعلانات تركزت في مدن أريحا ونابلس والنصارية وبأسعار تختلف حسب الساعات، دون الخضوع للترخيص من قبل الجهات المعنية ما دفع الكثيرين لوصفها بـ"السوق السوداء".
غروف يقر بالمشكلة!
ويعترف رئيس بلدية أريحا سالم غروف بوجود مجموعة من الفلل والشقق المفروشة التي تؤجّر بطريقة غير قانونية في المدينة.
وقال الغروف لـ"النجاح الإخباري": إنَّ تأجير الشقق والفلل في المدينة شكل في الأونة الأخيرة ظاهرة اقتصادية حديثة كونها وجهة مهمة للسياح.
ورآى أنَّ استغلال بيت سكني مرخص للاستخدم السلبي له تأثيرات على المستوى الاجتماعي، والأخلاقي والوطني.
وأكَّد غروف أنَّ البلدية بدأت بمحاربة الظاهرة، عن طريق الإعلانات في الصحف، وطرقت أبواب المواطنين لتصويب أوضاعهم، كما أنَّها أمهلت المواطنين حتى بداية العام القادم بعدم استخدام هذه الشقق وتأجيرها بطرق غير قانونية.
وأضاف أنَّ البلدية وضعت خطة شاملة بالتنسيق مع المؤسسات الأمنية في المحافظة.
"ورغم قيام بعض أصحاب الفلل بتصويب أوضاعهم من خلال ترخيصها، إلا أنَّ الظاهرة ما زالت موجودة " أضاف غروف.
وأشار إلى أنَّ البلدية تشجع السياحة من خلال الاستثمار ببناء مزيد من النزل الفندقية والمنامات التي تتم ضمن القانون وسنقدم إجراءات كافة الترويج لأصحابها مجاناً ضمن مركز المعلومات السياحية ومنحهم مواقع لوضع الإعلانات في مدينة أريحا، بحيث تعتبرها إضافة نوعية مميزة تساهم في زيادة النشاط السياحي الداخلي والخارجي ويحول زيارة السائح من ساعات إلى أيام داخل المدينة دون التحايل على القانون والنظام.
وكانت البلدية قد نوّهت إلى ضرورة التقدم بإجراءات الترخيص لدى بلدية أريحا -قسم الحرف والصناعات - حتى يتم ضمان توفير شروط السلامة العامة وإشهار طبيعة الاستخدام.
وحملت البلدية المسؤولية القانونية كاملة لكل مواطن يؤجّر منزله بهذه الطريقة، لأيّ حدث غير قانوني، يتم من قبل المستأجرين وإنَّ بلدية أريحا ستقوم بتحويل كلّ من يقوم بتأجير منزله إلى محكمة البلدية بسبب عدم ترخيص الحرف والصناعات وتحويل صفة استخدام من منزلي إلى تجاري وسياحي وأيضاً وقف خدماتها للمنزل (نفايات ومياه).
المواطنون متذمرون ..
في هذا الصدد، اشتكى عدد من المواطنين من إزعاج بعض السياح المستأجرين في الفلل والشقق السكنية.
وتثير هذه الظاهر قلق المواطن علي جاد الله طوال فترة غيابه عن منزله ما دفعه لمنع أطفاله من اللعب أمام المنزل.
وقال جاد الله لـ"النجاح الإخباري":"إنَّ من يسمح لنفسه إزعاج الناس في أوقات متأخرة من الليل، نتوقع منه أي سلوك غير أخلاقي وهو ما يتطلب الحذر ومحاربة الظاهرة من قبل المعنيين".
هشام الذي يقيم في أريحا أيّد بدوره فكرة التأجير للشقق والفلل، قائلًا: "أريحا منطقة سياحية رائدة ويجب أن تكون متنفسًا لأهلنا في أراضي (1948) وأهلنا في القدس وباقي المناطق".
مضيفًا: "بدلًا من صرف المال في إسرائيل والخارج، هذه طريقة لصرفه في بلدنا وتشجيع السياحة فيها".
وأضاف أنَّ تأجير الفلل المفروشة حسب القانون يلبي رغبة قطاع كبير من الشعب لأنَّها تمتاز بالمقام الأول بالخصوصية وخاصة السباحة للنساء.
ظاهرة بحاجة لضبط
مدير الترخيص في الإدارة العامة للمهن السياحية سامي أبو عرقوب أفاد بأنَّ محافظة أريحا ودائرة السياحة تابعت الموضوع، وحسب قانون نظام السياحة في فلسطين، يتم التعامل مع الشقق المؤجرة، وفقًا لما يسمى ببيوت الضيافة، موضحًا أنَّه إذا كان عقد ايجار طويل الأمد بين المستأجر وصاحب المنشأة أو البيت، لا ينطبق عليه قانون السياحة في التأجير.
وأضاف لـ"النجاح الإخباري": إنَّ الحالة التي ينطبق عليها قانون السياحة وللوزارة الصلاحية الكاملة للتدخل بها، هي العقد المؤقت، حيث تتم عملية التأجير فيها كحجوزات فندقية ويسلم بها السائح جواز سفره، بناء على إتفاق مسبق.
وأوضح أنَّ ما يثير القلق هو عمليات التأجير المؤقتة للبيوت والفلل والتي تركزت في مدينتي نابلس وأريحا مؤخرًا، مشيرًا إلى أنَّ معظم المستأجرين محليون وليسوا سيّاحًا، حيث يتم استخدام البيوت غير المرخصة من وزارة السياحة لأغراض مشروعة وغير مشروعة.
وأشار إلى أنَّ اتفاق التأجير لا يتم ضمن عقد بين الطرفين، وبطريقة خارجة عن القانون، إضافة إلى تسعير الفلل بطريقة مخالفة للحجوزات السياحية وغير نظامية، وسعر التأجير في ساعات النهار يختلف عن ساعات الليل.
ونوَّه أبو عرقوب إلى أنَّ عدد من السكان، القريبين من أماكن التأجير، قدّموا عدة شكاوى معبرين عن تذمرهم من سلوك المستأجرين غير الأخلاقي.
وأكَّد على أنَّ المسؤولية تقع بشكل كبير على شرطة السياحة، نظرًا إلى استغلال معظم البيوت المؤجرة لأغراض غير مشروعة.
وأوضح أنَّ التأجير بطرق غير مشروعة، يؤثر بشكل مباشر على السياحة المحلية وفقًا للعادات والتقاليد، وتشويه سمعة بعض الأماكن، ما ينعكس سلبًا على السياحة.
وأشار إلى أنَّ مجرد الاشتباه بأماكن مؤجرة لنزلاء أجانب أو عرب، أو تقديم شكوى بشأنهم تقوم الوزارة بتحويلها مباشرة لشرطة السياحة لمتابعة الموضوع.
واعتبر أبو عرقوب أنَّ التأجير غير القانوني، لم يصل لمرحلة الظاهرة، فهي مجرد حالات فردية محدودة، ولكنَّها بحاجة لضبط حتى لا تنتشر.
التأجير بشروط
وأكَّد أنَّه في حال تقدم المؤجر لترخيص بيته كاملًا أو جزء منه واستخدامه كبيت ضيافة للسياح، يفرض على صاحب المنزل دفع الضرائب، كما يخضع المكان لرقابة السياحة وإلى كشف يومي للنزلاء، وضوابط معينة كالتأجير وفقًا لعقد الزواج وجواز السفر، والتحقق من أنَّ النزلاء عائلة، بحيث يستطيع صاحب المنزل التحقق من معلومات النزلاء بالتعاون مع شرطة السياحة.
ومن جانب آخر التأجير للشقق والفلل قد يؤثر بشكل إيجابي في تحسين الوضع الاقتصادي، هذا ما أكَّده أبو عرقوب لـ"النجاح الإخباري"، قائلًا ": (18) بيتًا مرخّصًا ومراقبًا من السياحة في منطقة بيت ساحور، تجربة ناجحة ساعدت على تنشيط السياحة الداخلية"، إضافة إلى أنَّ معظم السياح الأجانب يتوقوا لتجربة الحياة اليومية الفلسطينية، بعيدًا عن الحياة المصطنعة داخل الفنادق.
وأكَّد أنَّ مسؤولية مديرية الترخيص في وزارة السياحة تقتصرعلى الجهات التي يتم ترخيصها، والتزامها بشروط الترخيص، بحيث يتم التواصل مع الشرطة لمحاسبة المخالف، وفي المقابل لا يوجد صلاحية لمديرية الترخيص لمحاسبة الشخص المؤجر الخارج عن القانون.
تحت المجهر!
بدوره أوضح المتحدث باسم الشرطة لؤي ارزيقات أنَّ معظم الشكاوى المقدمة من المواطنين، في الشقق المؤجرة للسياح اندرجت تحت إطار الإزعاج، وتعاطي المخدرات.
وأكَّد لـ"النجاح الإخباري" أنَّه فور تلقي البلاغ تتحرك الشرطة للمكان وتعالج الأمر باعتقال المستأجرين وتحويلهم للنيابة.
وأضاف ارزيقات، أنَّ الأجهزة الأمنية، على أتم الاستعداد في حال قررت بلدية أريحا اتخاذ قرارات لمنع التأجير غير القانوني، مشيرًا إلى أنَّ الدور الأساسي يقع على عاتق البلدية بإصدار القرارات، ومؤكّدًا على أنَّ الحماية هدفهم.
توضيح قانوني!
ويؤكّد عميد كلية القانون في جامعة النجاح د. مؤيد حطّاب، أنَّه "لا يوجد قوانين واضحة وصريحة تمنع المواطنين من تأجير بيوتهم، والقانون المعمول به حاليًّا هو قانون المستأجرين الأردني، قديم جدًا، بحيث لا ينص على هذه القضايا الحديثة ويعالجها.
واستدرك حطَّاب لـ"النجاح الإخباري" :" لكن هناك قوانين تنظم وتمنع التأجير مثل قوانين الضرائب، وقوانين الترخيص للأماكن السياحية".
وفي المقابل أوضح حطاب أنَّ قانون الشقق المفروشة ينص على استئجار الشقة للمنفعة، لساعة أو يوم، وفي حال كان متفق بعقد فبنوده تنص على الاستئجار لاستخدام العفش، وليس الشقة.
ونوَّه إلى أنَّ العقد المتفق عليه بين المالك والمستأجر غير قانوني في حال لم يخضع لضريبة الدخل، بحيث يعتبر التأجير للمنفعة نوع من أنواع التجارة.
وأوضح أنَّ من بين القوانين التي من شأنها معاقبة المالك، قانون يندرج تحت قوانين العقوبات، بحيث يمنع استخدام الأماكن بطريقة مخالفة للأخلاق للنظام العام، وأي استخدام مخل، يخالف قانون الجناية الأردني، كما يمنع القانون الفلسطيني استخدام أي مكان للقمار.
واعتبر حطّاب أنَّ السبب الرئيس لهذا النوع من التأجير متعلق بأسباب اقتصادية واجتماعية، إلى جانب عدم وجود القوانين الرادعة.
وشدَّد على ضرورة تعديل القوانين المعمول بها حاليًّا، والتي يصل عمرها إلى ستين سنة تقريبًا، حتى فيما يتعلق بقوانين السياحة والفنادق.
وفيما يتعلق بضمان خصوصية المستأجر في الشقق من ناحية التصوير، أوضح حطّاب أنَّه يتم التعامل مع كل مخالفة على حدة، ويتم معاقبة مصور الكاميرا.