عاطف شقير - النجاح الإخباري -  تحل على فلسطين ذكرى مئوية وعد بلفور المشؤوم، ذلك الوعد الذي أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، وقد فاقمت بريطانيا وحكومتها الأزمة بهذه الذكرى على الساحة الفلسطينية بإعلانها الاحتفال بهذه المئوية بدل التكفير عن وزرها التاريخي العظيم.

نكبة جديدة

 وبهذا الخصوص، أكَّد تيسير جردات وكيل وزارة الخارجية لـ" النجاح الإخباري"، أنَّه ومنذ اقتراب وعد بلفور المشؤوم، طلب الرئيس من بريطانيا الاعتذار عن هذا الوعد وما سببه من نكبات على مدار مائة عام.

  وأوضح أنَّه  تمَّ طرح هذا الموضوع خلال قمة نواكشوط العربية، وأعيد التأكيد عليه في مؤتمر القمة في البحر الميت، علمًا أنَّ الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل وعلى منصة الأمم المتحدة طالب الرئيس محمود عباس بريطانيا بالاعتذار وتصحيح خطئها التاريخي. 
و أضاف جرادات: "أنَّه ومن ضمن التحرك السياسي للقيادة الفلسطينية فقد قام وزير الخارجية رياض المالكي بزيارة نظيره البريطاني والالتقاء به، وطلب منه تقديم الاعتذار عن وعد بلفور المشؤوم".

وتابع، "وعندما تمادت رئيسة وزراء بريطانيا بالاحتفال بمئوية وعد بلفور، تحركت القيادة الفلسطينية من خلال طرح هذا الموضوع في الجامعة العربية و منظمة التعاون الإسلامي ولكل الدول الصديقة، مضيفًا أنَّ منظمات المجتمع المدني تعمل جاهدة للتاثير على الساحة البريطانية لكسب المعارضة لهذا الوعد المشؤوم.
 وأشار جردات، إلى أنَّ احتفال بريطانيا بهذا الوعد وكأنَّها سبَّبت نكبة أخرى للشعب الفلسطيني، بدل أن تبادر باعتذارها واعترافها بالدولة الفلسطينة. موضّحًا أنَّ بريطانيا اعتذرت لليبيا ولا بد من اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية وأن تساعد في حلّ الدولتين، وأن تعترف بحقوق شعب فلسطين وتضغط على إسرائيل لتجسيد حل الدولتين.

إلى ذلك قالت وزارة الخارجية والمغتربين، في بيان لها حصل "النجاح الإخباري" على نسخة منه: "إنَّ تصرف وأداء الحكومة البريطانية حيال احتفالاتها بذكرى وعد بلفور المشؤوم، دون إظهار أيّة حساسية تجاه ما يشعر به الفلسطينيون في هذه الذكرى، ينم عن غياب الحكمة وتحمل المسؤولية".

وأدانت الوزارة في بيانها هذا الوعد المشؤوم وتداعياته ونتائجه الكارثية على شعبنا وأرضه وحقوقه السياسية المشروعة.

وجدَّدت مطالبتها الحكومة البريطانية بضرورة تصحيح هذه الخطيئة التاريخية، ودعتها إلى تحكيم صوت العقل في تعاطيها مع الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما يساهم في رفع الظلم التاريخي الذي وقع عليه، والذي لا يزال شعبنا يدفع ثمناً باهظاً لنتائجه.

وقالت وزارة الخارجية والمغتربين: إنَّ تحلي الحكومة البريطانية بالجرأة والشجاعة والعقلانية والاعتراف بدولة فلسطين، يساعدها في إحداث نوع من التوازن السياسي تجاه شعبنا وقضيته، ويدعم نضال شعبنا المشروع في إنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وتابعت: إنَّ استمرار الحكومة البريطانية في تجاهلها لهذا المطلب العادل يفقدها أيّة مصداقية في الحديث عن حقوق الشعوب في تقرير المصير، وعن مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، والقانون الدولي.

لغة المصالح

وحول تغني بريطانيا بحقوق الإنسان واحتفالها بوعد بلفور الذي تسبب بنكبة شعب فلسطين، قال الدكتور أمجد أبو العز المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية لـ" النجاح الإخباري": " هناك تناقض كبير بين  بريطانيا  و حقوق الإنسان والمصالح، وبريطانيا فضلت مصالحها الأمنية والاقتصادية على الديمقراطية  والحق الإنساني وهذا ليس جديدًا على  دول أوروبا.
وأضاف: "أنَّ بريطانيا مدركة للاعتذار لعواقبه القانونية والتي منها سحب الشرعية عن وجود إسرائيل وهم بذلك يعترفون أن وجود إسرائيل غلطة قانونية. وأردف: "أن جميع المستعمرات البريطانية المحتلة في الهند وكشمير وباكستان سيطالبونها بالاعتذار والتعويضات أيضًا وهذا سيكلفها مليارات طائلة لا تقوى على سدادها.
 ونابع أبو العز: "من الناحية السياسية والاقتصادية بريطانيا تدرك أنَّها قامت بغلطة، ولكن الموقف الرسمي يبحث عن المصالح الاقتصادية، والشعب البريطاني متعاطف مع الشعب الفلسطيني ويقر بخطأ بريطانيا التاريخي. وأنَّ بريطانيا خرجت من الاتحاد الاوروبي باتجاه التحالف مع الولايات المتحدة وبريطانيا بذلك لا تستطيع إزعاج إسرائيل حليفة الولايات المتحدة من خلال اعتذاراها عن هذا الوعد المشؤوم.

تأثير محدود
 وحول تأثير الفلسطينيين في بريطانيا، قال أبو العز: "إنَّ الجاليات الفلسطينية في الخارج بحاجة لتعزيز قدراتها وإمكاناتها، خاصة وأنَّه لم يكن هناك خطة مسبقة لآلية الرد على الاحتفال البريطاني بوعد بلفور.
وأضاف: "لا بد من حملات إعلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على بريطانيا ولا بد من عقد لقاءات مع أعضاء البرلمان المؤيدين للقضية الفلسطينية ودعوتهم لزيارة فلسطين، واستقطاب الصحفيين واتحاد مجالس الطلبة والمجموعات المتضامنة مع فلسطين، وهم أقدر على ايصال الرسالة، وكذلك المظاهرات موضّحًا ضرورة التنسيق مع  الدول العربية لتفعيل التأثير على الساحة البريطانية.