الاء عامر - النجاح الإخباري - ربع ساعة من الزمن وسيرا على الأقدام من مدخل "تل كريم" داخل البلدة القديمة في نابلس, على اطلالة سوق بدران نلمح كشك قديم بعمر عشرات القرون كما قال صانع الحلوى السبعيني المالك لهذا المكان.
على كرسي خشبي مرمم بالاسلاك فقد مر عليه ردحا من الزمن, يجلس وائل علي التيتي مالك لكشك التيتي لصناعة الحلاوة والزلابية والطحينية, يقول التيتي:"في كل عائلة أرث محافظ عليه من الأجداد الى سلفهم ومحل التيتي كان لأجدادي وصولا لأبي حرب التيتي ثم لأبناءه لنتقاسم محل التيتي الى قسمين واحد لصناعة الحلوى في حارة النصر وآخر لتجارتها.
أقواس تركية عثمانية أو ربما كنعانية ومحل يقع بين العشرات, هن متشابهات في الزمان, فمدينة نابلس عريقة بالحضارات المتعاقبة عليها جاؤها عائلة التيتي مهجرين من عروس البحر والنكبة حيفا ليستقروا فيها وتكون الملجأ الآمن والبلد الرحب.
التيتي بائع هذه الحلوى يسترجع ذكرياته ويحدثنا حرفيا :" كانوا جدادي يجو من حيفا لنابلس وهاي الحلوى ابتكار لعيلتنا ورثناها مثل ما ورثنا اسم عيلتنا", ويتابع:"الزلابية والحلاوة القرعية لا تختلف كثير عن الكنافة والحلقوم العثماني فهما رمزا لمدينة نابلس ".
في حديث نشتم خلاله رائحة قلي الحلوى ويستأنسنا حديث المارة حولها يقول التيتي:" القرع غذاء الانبياء وهي حلوى تراثية تتكون من حلاوة القرع والزلابية والخبز المقلي, وتعرف بالحلاوة القرعية أو الموسمية وسبب تسميتها بذلك أنها تقدم في شعبان كأفطارات وهدايا", يكمل التيتي:" الحلاوة القرعية هي من أصل يوناني قدمت الينا مع قدوم الحضارات والآن لم تعد مقتصرة على موسم محدد ومناسبة معينة بل هناك محبين لها وباحثين عنها ليس فقط في نابلس بل وخارجها أيضا"
أما عن آلية صناعتها يوضح التيتي:" نغسل القرع جيدا ثم نقوم ببرشه بأداة نحاسية قديمة جدا, وبعد ذلك يترك لليوم الثاني حتى يذبل قليلا ثم نخلطه بالسكر ويفضل ان يكون ناعما وبأناء نحاسي أثري أيضا نصب الخليط بداخله ونتركه يغلي على درجة حرارة عالية".
أما عن خبز الزلابية بشكله المثلث المعروف يخبز عويصا بلا خميرة ويقلى بالزيت مع تقليبه بأستمرار ليصبح ذهبي اللون ويترك جانبا ليبرد قبل تقديمه.
خلال مقابلتنا تراوت عبارة "شكللنا خبز بزلابية عم تيتي", السيد يوسف سركجي زبون معروف للعم التيتي يحدثنا :" الزلابية هدية الولايا فأنا أصطحبها في الأعياد والمناسبات, حلوة
المذاق والشكل". التيتي يلف خبز الزلابية بحلوى القرع ويقدمها للسركجي ليقدم الآخر نصيحة:"بالرغم من فوائدها الجمة وطاقتها الدافئة في الشتاء, احتوائها على السكريات بكمية فائقة وكونها مقلية فهي متشربة بالزيت الذي يزيد كمية الدهون في أجسامنا لذلك أنصح الجميع بتناولها بشكل معتدل".
في نابلس كبرى محافظات الضفة تكاد لا يخلو ركن فيها من الحلويات الى جانب كشك التيتي هناك صانع للكنافة وآخر للتمرية.