غيداء نجار - النجاح الإخباري - هي شجرة باركها الله سبحانه وتعالى، بقوله تعالى: ( يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ )، فهي مباركة بكل شيء؛ بثمارها، ورقها وحتى خشبها، وسنتحدث بتقريرنا هذا عن أخشابها وكيفية الاستفادة منها.

فخشب الزيتون من أجود أنواع الخشب، ويستخدم في بعض الصناعات التقليدية والحرفية التي تصنع في فلسطين؛ فصناعة الحرف التقليدية والتحف الفنيّة من خشب الزيتون هي من أقدم الصناعات التقليدية في فلسطين.

ويعود تاريخ استخدام خشب الزيتون في الصناعات التقليدية إلى القرن السادس عشر، حيث ظهرت مع قدوم البعثات التبشيرية إلى الأراضي المقدسة، وبدأت بصناعة المسابح عندما حاول الرهبان الفرانسيسكان تشكيلها من بذور الزيتون، وتطورت هذه الصناعة إلى إنتاج أشكال دينية تسوق إلى السياح المسيحيين في منطقة بيت لحم.

وتكمن استخدامات خشب الزيتون لعدة مهن وهي:

المشاحر والأراجيل

يقول ممثل المشاحر في يعبد كايد أبو بكر: "نقوم بتقطيع الخشب وصفه على شكل هرم، ونضع عليه قش ونغطيه بالتراب لعزله عن الهواء؛ والتراب اما يكون أحمر وهذا يعني ان الورشة جديدة أو أسود وذلك بفعل الاستخدام المتكرر للمفاحم فبنحرق التراب وبتحول للأسود".

ويتابع: "ومن ثم نضع القليل من الفحم المشتعل ونضع على الرأس المفحمة، فتبدأ عملية الاحتراق، وتبقى هذه المرحلة 15 يوم، ومن ثم نقوم بتغطيته بنايلون لأنه لعزله عن الهواء نهائياً".

وأشار أبو بكرإلى أنه يستخدم الخشب الرفيع لتحويله للفحم، وهو الخاص بالاراجيل.

المنتجات اليدوية

"من اجمل اللحظات وأمتعها، وانا انحت خشب الزيتون لأخرج منها منحوتة جميلة" هذا ما عبرت عنه تغريد حماد والتي تعمل بنحت خشب الزيتون.

وتضيف حماد "نحصل على خشب الزيتون من الأرض، وأفضل الأشجار السميكة؛ فالحلقات السنوية فيها تكون متعددة الالوان وتتدرج الوانها من البيخ والبني للأغمق فمع دخول الشجرة لسنة جديدة يضاف لون اغمق من الذي قبله".

وتتابع "نقوم بتركه بمكان جيد التهوية موسم كامل حتى يجف الخشب من الماء، ثم نبدأ بحفره، لنصنع منه المكتات، الصناديق، مسابح، منحوتات، براويز؛ ويكون بعدة أشكال وأحجام، نبقيه على لونه الطبيعي وندهنه فقط بلمعة شفافة لتضفي عليه جمالاً".

ويقول صاحب محل لإنتاج التحف الفنية هشام الأغبر: " ابدأ بقص خشب الزيتون لقطع حسب الشكل المطلوب، ومن ثم أقوم بالنقش عليها بالحرق باستخدام آلة خاصة تقوم بتحويل الطاقة الكهربائية إلى حرارية، لتمكنني من رسم ونقش العبارات والرسومات على الخشب، ومن ثم أقوم بإطلائها بالألوان المناسبة".

ومن ناحية الإقبال عليها، يضيف الأغبر "الإقبال على التحف المصنوعة من خشب الزيتون كبير، كونه يعتبر تراث، كمان ان المغتربين يكونوا بحاجة شيء يربطهم بوطنهم".

التدفئة المنزلية

وللخشب مستهلكيه، ففي فصل الشتاء خصوصا يٌستهلك ممن يضعون ببيوتهم التدفئة المنزلية الخشب.

ويروي المواطن قاسم المحمود "بعد ان ننتهي من موسم قطف الزيتون، نعود للأرض لنحضر "الكرامي" قطع شجر الزيتون، ونضعها في مكان لا يصله المطر كي لا تبتل لنستخدمها في اشعال النار للتدفئة بالشتاء".

ويضيف "كما ونقوم ببيع كمية منها للمشاحر ولمن يطلبها".

وفي السياق ذاته، فقد حقق عازف العود الفلسطيني حسن الدريدي المحاضر في قسم الموسيقى في جامعة النجاح الوطنية حُلما بزغ لديه بصناعة آلة العود الموسيقية الشرقية من خشب الزيتون؛ ليعزف عليه ألحانا تحاكي أصالة شجر الزيتون.

ومن الجدير ذكره، ان المدن الفلسطينية وخاصة السياحية مثل بيت لحم تعتمد في تسويق منتجاتها للسياح على المنحوتات الخشبية المأخوذة من شجر الزيتون.