نهاد الطويل - النجاح الإخباري - يستبشر الكثير من المواطنين بصدور عدد من القرارات التي يُنظر لها على أنها خطوة على طريق الألف ميل، خاصةً حين تلامس همومهم واحتياجاتهم الحياتية، إلاّ أن بعض هذه القرارات التي تُعلن أو تصدر رسمياً لا تُنفذ في بعض المحافظات، أو ربما يأخذ تنفيذها وقتاً طويلاً، مما يطرح عدة أسئلة حول معوقات تطبيقها بالسرعة المطلوبة، وبالصيغة التنفيذية التي جاءت بها، في ظل غياب "الشفافية" حول الكشف عن أسباب التأخير، أو عدم التنفيذ، وكذلك كيفية طريقة المعالجة.

منحة الـ (10%).. اين تذهب؟

والحديث يدور اليوم في الشارع عن مصير منحة الحكومة لجهة مساهمتها بدفع (10)% من كافة الديون المترتبة للبلديات والهيئات المحلية وشركات توزيع الكهرباء.

ورغم مرور ما يزيد عن ثلاثة أعوام على إقرار المنحة الا أن البلديات والهيئات المحلية أغفلت القرار، وأجبرت المواطنين على التسديد لها بواقع (مئة في المئة) لتحرمهم بذلك من منحة حكومية كان يجب أن يحصلوا عليها.

وتظهر صور فواتير شحن حديثة من المواطنين من مختلف المحافظات تهرب وعدم التزام مجالس بلدية وهيئات محلية بالقرار تحت تبريرات كثيرة.

في المقابل يلاحظ التزام شركات توزيع الكهرباء بالمنحة بشكل كامل بحسب ما تؤكده وصولات الشحن التي حصل عليها "النجاح الإخباري" من المواطنين.

ويؤكد مدير عام شركة توزيع كهرباء الشمال المهندس، اسعد سوالمة، أن الشركة ماضية في العمل بهذه المنحة استنادا الى القرار الحكومي السابق.

وقال سوالمة في تصريح مقتضب لـ"النجاح الإخباري" الأربعاء إن الحكومة ملتزمة بدورها بتسديد ما عليها من مستحقات لجهة المنحة للشركة.

القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية المهندس ظافر ملحم، أقر هو الاخر بوجود المنحة وبوجوب استمرارها استنادا للقرار الحكومي.

وقال ملحم في تصريح خاص بـ"النجاح الإخباري" إن السلطة تتابع تنفيذ هذا القرار مع الشركات المزودة للكهرباء وأن الأمور تسير وفق رغبة السلطة بما يخفف عن المواطنين ويساهم في تعزيز أجندة السياسات الوطنية التي أقرتها الحكومة.

وبالنسبة للمجالس والهيئات المحلية غير الملتزمة، أضاف ملحم: "متابعة هذه القضية تتحمل مسؤولياتها وزارة الحكم المحلي على اعتبار أن تلك الهيئات والمجالس البلدية تابعة لها ولا علاقة لسلطة الطاقة بمتابعة ذلك بشكل مباشر مع رؤساء تلك الهيئات".

وحاول "النجاح الإخباري" الإتصال أكثر من مرة بوزارة الحكم المحلي للوقوف على القضية الا أننا لم نتمكن من الحصول على رد من قبل الوزارة بسبب وجود الوكيل محمد جبارين خارج البلاد بحسب ما أفاد به مدير المشاريع في الوزارة عمر شرقية.

ورفض شرقية بدوره التعليق على الموضوع كونه خارج صلاحياته.

البلديات تبرر...

وتبرر البلديات غير الملتزمة بالقرار الحكومي سلوكها بإنها تغذي مناطقها بالكهرباء مباشرة من شركة القطرية الاسرائيلية.

وقال رئيس إحدى البلديات في منطقة الشمال لـ"النجاح الإخباري": "إنه لم يسمع اصلا بقرار المنحة الذي اتخذ منذ سنوات، ولم يتلق تعليمات مباشرة من وزارة الحكم المحلي بهذا الخصوص".

وعلق آخر لـ"النجاح الإخباري": عمليا لا يمكن الإلتزام بالقرار، وذلك بسبب التخوف من عدم التزام الحكومة بدفع الـ (10)% للبلدية، وهو ما سيعيق عملها، ويراكم ديونا إضافية على المجلس البلدي".

في حين أكد أخر أنه تسلم رئاسة البلدية منذ سنتين وأن الإجابة على سؤالنا عند الرئيس المستقيل، دون أن يقدم مزيدا من الإيضاحات أو التفاصيل.

وهربت الكثير من الهيئات المحلية الى الأمام في قضية الديون المتراكمة على المواطنين، وذهبت باتجاه جدولة الديون وفقا لقرار داخلي اتفق عليه أعضاء المجلس حيث يتحمل بعض المواطنين 20% شهريا من قيمة الديون القديمة.

في حين طالبت بعض المجالس المواطنين في محافظة قلقيلية بتسديد 100 شيقل من الدين القديم في كل شحنة كهرباء يقوم بها وهو ما زاد من الأعباء على المستهلكين أيضا.

مواطنون: لماذا يتم حرماننا !

وفي هذا الصدد يتساءل مواطنون حرموا من المنحة الحكومية عن سبب حرمانهم منها في وقت "يتنعم" به اخرون بعد أن التزمت بها الشركات الموزعة وأغفلتها الهيئات والمجالس البلدية وهو ما يضع علامات استفهام كثيرة لجهة عدم جدية رؤساء هذه المجالس في التعاطي مع قرارات رسمية والضرب بعرض الحائط بها.

ودعا المواطنون وزارة الحكم المحلي والجهات المعنية لمسائلة الهيئات المحلية تعزيزا للمسائلة المجتمعية ومبدأ الحكم المحلي الرشيد الذي تهدف اليه في استراتيجياتها وخطتها..

ووصلت مديونية شركات التوزيع والهيئات المحلية، من الكهرباء لشركة القطرية الإسرائيلية خلال العامين الماضيين لنحو 1.9 مليار شيقل، وهو ما دفع مجلس الوزراء الى المصادقة، على آلية وخطة عمل لضبط وتنظيم ديون الكهرباء، بهدف إدارة جباية أموال الكهرباء، وآلية ضبط وتوجيه إنفاقها طبقا للقوانين النافذة.

الحكومة: نعمل على كفاءة الجباية ..

وأكد المجلس أن توفير الرقابة على كفاءة الجباية وإنشاء معيار حكومي قابل للقياس ملزم لتفعيل كافة مسؤوليات، وصلاحيات مراكز المسؤولية الإدارية والمالية في الهيئات المحلية، وشركات توزيع الكهرباء، لوقف استنزاف المال العام.

وكان مجلس الوزارء قد أقر مؤخرًا بالزام الهيئات المحلية بتسوية ملف الكهرباء والإنضمام الى شركات توزيع الكهرباء ضمن منطقة امتيازها التي تشمل محافظات شمال الضفة خاصة بعد ان انهت الشركة مديونيتها واصبحت الوحيدة التي تسدد فاتورتها نقدا وفورا، واستطاعت وقف نزيف الفوائد المترتبة على الديون للشركة القطرية.

 ومعروف أن محافظات الضفة الغربية تتزود بكامل احتياجاتها من الكهرباء بواسطة الشركة القطرية الإسرائيلية سواء أكانت الجهة المُزوَّدة شركة توزيع أم بلدية أو حتى مجلس قروي، مع غياب وجود منظومة كهربائية فلسطينية تضم اولئك الموزعين، فكل له اتصاله مع الشركة القطرية الإسرائيلية ويبيعها بالشكل الذي يراه مناسباً، وهو ما يضيف فصلا جديدا من فصول معاناة المواطنين ومشاكل وفوضى التوزيع الكهربائي.

يأتي ذلك وسط دعوات لتوحيد الفاتورة تماشيا مع تطوير هذا القطاع الخدماتي الهام في ظل قناعة راسخة بأهمية وضرورة إعادة هيكلة هذا القطاع لاستمرار ديمومته حتى تستطيع شركات التوزيع مواجهة التكلفة الهائلة لأثمان الكهرباء وضمان استمرارية هذه الخدمة وتحسينها والسير قدما نحو مشروع الدولة الفلسطينية والتي ستكون الكهرباء أحد اهم ركائزها وهو ما تعتبره حكومة الوفاق هدفا اخرا لها.

وتاليا جانب من الفواتير التي يتم التعامل بها في عدد من المحافظات التي تعكس حجم الفوضى في هذا القطاع الهام.