غيداء نجار - النجاح الإخباري - وأنت تمر مرور الكرام في مدينة نابلس، وأينما اتجهت سواء أكان ذلك شرقاً أم غربأً، جنوباً أم شمالاً، أينما وقعت نظراتك في السوق، وأمام المساجد، والكنائس، والمشافي، والمطاعم، والمقاهي، وعلى جوانب الطرقات، وخاصةً في أوقات ومواسم دينية معينة، كشهر رمضان والأعياد الدينية، وخصوصاً أيام تواجد السياح وعرب (48)، سترى من يجلس أو يمر بين الناس، ويطلب المال مستخدماً تعابير وملامح حزينة وإحدى عبارات التسول ليحصل على المال.
تشويه الشوارع
ويلاحظ في الأونة الأخيرة انتشار الظاهرة التي باتت تشوّه شوارع نابلس بحسب المواطنين في ظلّ الأوضاع الإقتصادية السيئة، واستغلال بعض الأشخاص لظروف الناس المعيشية عبر تشكيل مجموعات تدّعي الفقر والحاجة بهدف الحصول على أموال من الناس.
وفي هذا الصدد يقول المواطن أحمد بركات: "قديمًا كنت أشعر بالعطف والشفقة عليهم، وكنت أعطيهم المال، فقد كنت أشعر بحاجتهم، أما الآن اشعر أنَّهم يمثلون ويزيفون خصوصًا بعد أن حَضرت إحدى الورش التي دار فيها الحديث حول هذه الظاهرة وشككني البعض بمصداقية المتسولين وأنَّهم ليسوا بحاجة كما يدعون، فكما سمعنا قبل أيّام عن المرأة المتسولة التي تعرضت للسرقة ووجدوا معها (80) الف دينار".
ويضيف لـ"النجاح الإخباري": "وأصبحت أشعر أنَّه كلما أعطيتهم تشجعوا للطلب مرة أُخرى، فهي طريقة مريحة وسهلة للحصول على مال دون عناء، من الممكن أن أظلم أحدهم بسبب الآخر الذي قد يكون محتاجًا فعلًا، ولكن لم أعد أثق بحاجتهم".
وعادة ما يستخدم المتسولون في المدينة أدعية لاستعطاف المارة من قبيل :"من مال الله يا محسنين"، "حسنة قليلة تدفع بلايا كثيرة".
وتحذِّر إيناس المصري من أن يخلق انتشار هذه الظاهرة، في شورعنا، شرائح تعيش على هامش المجتمع، وتمارس سلوكيات مخالفة للقانون تطال المجتمع بأسره.
الشرطة: لا نملك إحصاءات
بدوره أكَّد مدير العلاقات العامّة والإعلام في شرطة نابلس أمجد فراحتة أنَّه لا توجد لدى الشرطة أرقاماً وإحصاءات دقيقة لعدد المتسولين.
وفي حال ضبط متسول، فإنَّه يدفع غرامة قدرها خمسة دنانير، لفت فراحتة لـ"النجاح الإخباري".
المنسقة الإعلامية في بلدية نابلس ربى المصري، ترجع أسباب التسول إلى اتساع الوقت في الصيف وعطلة طلبة المدارس، حيث يستغل بعض الأهالي هذه العطلة لاستخدام أبنائهم في التسول أو بيع الحاجيات البسيطة في الأماكن العامّة.
وتضيف المصري لـ"النجاح الإخباري": "أعلنا في بداية الصيف عن وجود مراكز ونوداي صيفية تستوعب الأطفال ويوجد بها نشاطات مختلفة، وهذه المراكز موزّعة على عدَّة مناطق في المدينة، وهي محاولة جادّة قد تسهم في الحدّ من ظاهرة التسول".
ويعلل البعض السبب وراء التسول لعدة أمور، منها: ازدياد الفقر وانتشاره، ازدياد نسبة البطالة، ضعف التوكِّل على الله والثّقة برزقه، تفضيل بعض النّاس الراحة والكسل على العمل والنشاط، فقدان المعيل.
ووفقًا لمركز الإحصاء الفلسطيني فقد بلغت نسبة الفقر سنة (2011) في فلسطين (25.8%)، والفقر المدقع (12.9%).
كما وبلغ معدل البطالة في الضفة حسب الاحصاء (26.7%).
الناحية الشرعية
وإذا بحثنا موضوع التسول من الناحية الدينية، نجد أنَّ الإسلام منع التسول وذم المتسولين إلا لحاجة محتمة كالفقر الشديد، أما إذا كان التسول للإستكثار والغنى فقد حرَّمه الإسلام لما فيه من أضرار على المجتمع واستغلال للناس.
وأخيرًا لا بد من الإشارة إلى ما رواه الإمام أحمد وابن حِبّان عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة , إلا فتح الله عليه باب فقر"، كما قال: قال: ((لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدًا فيعطيه أو يمنعه))، متفق عليه.