غيداء نجار - النجاح الإخباري - على أرصفة الشوارع يجلسن لكسب المال بكرامة تداعب علوها تلك النجوم العاليات، فهن لا يطلبن شيئًا كثيراً، وإعالة أسرهن أهم أولويات الحياة، يتحملن حرارة الشمس الحارقة وقرصات البرد، يصبرن على نظرات المارة، يعملن على البسطات لكي لا يمددن أيديهن لأحد، يتمنين التقدير والاحترام ويطلبن السعادة من رحم الحاجة.
فالبيع على البسطات لم يعد يقتصر على الرجال، بل تطور الوضع إلى ممارسة عدد من النساء لذات المهنة، فحين تتجول في إحدى المدن الفلسطينية تجد النساء وخاصة من يتراوح اعمارهن ما بين (45-70) عاماً يبعن في الأسواق، فمنهن من ترملت في عمر مبكر وتعيل أسرتها، ومنهن المطلقة، وأخريات أجبرتهن ظروف الحياة الصعبة على العمل بهكذا مهنة.
تقول أم سلمان (72) عامًا: "أبدأ العمل منذ السابعة صباحًا حتى السادسة مساءً، أبيع الدوالي والشجيرية وزعتر البلاط والرصيع على البسطات منذ سبع سنوات، بعد وفاة زوجي لكي أصرف على أولادي الثلاثة".
وتضيف لـ"النجاح الإخباري: "العمل ليس عيباً، ما دام الشخص يعمل بالحلال، فالبيع على أرصفة الشوارع وفي الأسواق أفضل من التسول ومد الأيادي للأخرين، فبالنسبة لي أن أبيع أي شيء أفضل بكثير من مد يدي وطلب المال، فكرامتي لا تسمح لي بذلك، وطالما أنَّني أستطيع العمل فالله سيرزقني، والله لا ينسى أحداً."
وبالنسبة لأم سلمان فلا خيار لها سوى الجلوس تحت أشعة الشمس في يوم لاهب للعيش بكرامة وكسب قوت يومها من عرق جبينها.
وبصوت خافت أرهقه الانتظار، وقد بدت تجاعيد الزمن على وجهها تمضي الحاجة أم أسامة يومها حيث بدأت عملها على البسطة منذ ثمانية سنوات.
وتؤكّد أم أسامة لـ"النجاح الإخباري": أصبح لدي بعض زبائني المخصصين الذين يمرون عليّ بين الفينة والأخرى لشراء بعض المستلزمات النسائية".
وتتابع :" زوجي مريض وابني عمره (12) عامًا، وهو مصاب بنزيف في أذنه".
ومن الواضح أنَّ ما يجمع البائعات في الأسواق هو مهنة واحدة وعاملات من نفس الفئة الاجتماعية والطرق متشابهة، لكن المبيعات تختلف حسب ما تراه البائعة مناسبًا.
"الحاجة أجبرتنا على هكذا عمل، فقد لا يكون مرغوباً عند الكثيرين أن تجلس المرأة على الرصيف للبيع" بهذه الكلمات استقبلتنا السيدة يسرى (42عامًا) والتي تعول ستة من الأبناء.
وعن بداياتها تقول : "توفي زوجي منذ سنوات وترك لي ست فتيات وولد واحد، ولم أجد أمامي خياراً سوى بيع بعض الخضراوات كالتوت والبامية والباذنجان والدوالي لإعالة أيتامي".
تضيف يسرى "نعاني في كثير من الأحيان من نظرة بعض المارة والتجار الذين يرمون علينا بعض الكلمات والعبارات الصارمة بحقنا، ولكن ليس بيدنا فعل شيء سوى التطنيش، فالعمل لا يأتي على طبق من ذهب فلا بد أن يمتزج بالتعب، لذا نشعر بفرح حين يرزقنا الله, وما أجمل أن يكون الرزق حلالاً خالصاً".
واشتكت البائعات ممن وصفته بالمشاحنات مع البلدية التي ترفض تواجدهن في بعض الأماكن.
وفي السياق أوضحت المنسقة الإعلامية في بلدية نابلس ربى المصري، بأنَّ الهدف من أمر إخلاء البسطات من الشوارع هو تنظيم المدينة وتسهيل الحركة المرورية، وإنهاء حالة الفوضى الناجمة عن الانتشار العشوائي للباعة والبسطات في وسط المدينة.
وتابعت المصري لـ"النجاح الإخباري": "هناك حملات وجهود لترتيب الأسواق عادة من قبل البلدية، لكن لم يسبق وأن قمنا بمنع أحدهم، المهم ألا تعيق حركة المواطنين والمتسوقين وحركة السيارات".
ونوَّّهت المصري أنَّه لا يلزم أيَّ إثبات أو تصريح لعرض النساء بسطاتهن والبيع.