يافا أبو عكر - النجاح الإخباري - لا يختلفون عن الاسرى بشيء، مبعدون عن عائلاتهم ولا يروي ظمأ حنينهم إلا صوت الهاتف، زوجاتهن في الضفة الغربية، وهم يعيشون في قطاع غزة، ممنوعون حتى من الزيارة، أسر مشتتة بين شطري الوطن الضفة الغربية وقطاع غزة.
قيود وحصار خانق تفرضها إسرائيل على الانتقال من وإلى قطاع غزة، وهو ما أدى إلى الفصل بين أفراد العائلة الواحدة، ضحيته أزواج مشتتين في الضفة وغزة وأراضي عام 1948.
وتشترط إسرائيل عدة أحكام للدخول للقطاع أو الخروج منه، وأهمها أن يكون العابر غير ممنوع أمنيا، وتكتفي سلطات الاحتلال بمنع العابرين من التنقل بحجة أن أحد أفراد عائلة المتنقل ممنوع أمنيا.
كما أن إسرائيل لا تعتبر الزفاف واحدًا من الظروف التي تُبرّر إصدار تصريح بالعبور بين قطاع غزة والضفة وأماكن أخرى، بالإضافة إلى أنها تحظر تغيير عنوان الإقامة في بطاقة الهوية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية.
ومنذ عام 2007 تتعامل إسرائيل مع الفلسطينيين الذين يسكنون الضفة الغربية وتظهر أسماؤهم في سجلّ السكان على أنهم من سكان القطاع، باعتبارهم "مقيمين غير قانونيين"، إلا إذا كانوا يملكون تصريح إقامة أصدرته الإدارة المدنية.
ويمكن لسكّان القطاع الذين يُضبطون في الضفة من دون تصريح كهذا أن يُطردوا إلى القطاع.
وفي أعقاب تدخّل المحكمة العليا الإسرائيلية التزمت الدولة بعدم طرد من انتقل من قطاع غزة إلى الضفة الغربية قبل أيلول 2005 من بيوتهم، وهو موعد تطبيق خطة فكّ الارتباط.
إلى جانب ذلك، التزمت إسرائيل في إطار بادرة حُسن نية سياسية لصالح السلطة الفلسطينية، بتغيير عناوين 5,000 فلسطينيّ بأثر رجعيّ، كانوا مسجّلين كسكان قطاع غزة، وهم يعيشون في الضفة الغربية منذ سنين طويلة.
اليوم وبسبب القوانين الإسرائيلية فُرقت هند عن عائلتها، فهي تقطن مع أبنائها في قطاع غزة بينما يقطن زوجها واثنين من أبنائها في مدينة رام الله، حُرمت من رؤيتهم منذ سبع سنوات، وفقدت العائلة الأمل بلم شملهم في ظل محاولات عديدة لاستصدار تصريح زيارة لهند.
المنع سيد الموقف أما المواطنة بشرى أبو عكر وشقيقتها عليا تحملان هوية الضفة ولكن تدفعان ضريبة زواجهما من مواطنان من القطاع حرموهن من زيارة عائلتهن في مدينة الخليل منذ عشر سنوات، وبعد محاولات عديدة استطاعت عليا الخروج عن طريق معبر ايرز تاركة ورائها أطفالها مع والدهم.
لكن بشري لا زالت تأمل بالوصول لعائلتها و رؤية والدتها التي حرمت منها قائلة لـ"النجاح الاخباري": "اشتاق لزيارة قبر والدي في الخليل حتى اقرأ عليه الفاتحة فقط".
ولا تختلف معاناة ميسون عن قصص المنع فهي متزوجة منذ 10 سنوات في غزة تروي قصتها بدموع القهر والحسرة، وميسون الآن موجودة في القطاع وحيدة بعد وفاة زوجها منذ ثلاثة سنوات، خاصة انها لم تنجب ومحاولاتها باءت بالفشل عدة مرات للمرور عبر معبر ايرز لتصل لذويها في جنين.
وزارة الشؤون المدنية التابعة لحركة حماس في غزة تقول "إن إسرائيل تنصلت من تلك الاتفاقيات، وعززت من رفضها السماح بانتقال الغزيين إلى الضفة منذ تشديد الحصار على القطاع، منذ عشر سنوات، وبحسب المسؤول الفلسطيني فإن أعدادا محدودة من الفلسطينيين وضمن ظروف خاصة جدا سمحت إسرائيل بدخولهم من غزة إلى الضفة الغربية خلال السنوات الماضية، وتنحصر غالبا في فئة كبار التجار وبعض المرضى، بينما تستثنى فئة الشباب".
وتضيف الوزارة التي تديرها حماس: "من الصعب حصر العائلات التي شتتها الاحتلال الإسرائيلي بين الضفة وغزة بدعوى ضرورة الحصول على لمّ شمل أو تصاريح خاصة، بينما تنص اتفاقات أوسلو على حق أي فلسطيني في الضفة والقطاع تغيير عنوانه من محافظة لأخرى عن طريق إبلاغ وزارة الداخلية الفلسطينية فقط".
وشدد محمد المقادمة من الشؤون المدنية على أنهم يتواصلوا بجهد مكثف بخصوص السماح للعائلات بتغيير اسم المحافظة، فسمح للبعض، ولكن البعض الآخر لا يزال تحت الفحص وتم منع كثيرون، فيما يسمح للكل بالذهاب لزيارة عائلته.