تحرير المالكي - النجاح الإخباري - تَخرج في المجتمع الفلسطيني بين الفينة والأخرى حالات وقعت في شراك النصب والاحتيال من قبل دجالين ومشعوذين يستغلون ضعف المواطن من اجل المال، وتنوعت أساليب النصب إلا أن الهدف واحد وهو إيهام الناس بان ما يفعله الدجال فيه الخلاص مما يشتكون، إلا أن هذه الحالات قد تصل إلا الظاهرة المستشرية في المجتمع فما أسبابها، وكيف يمكن الحد منها؟
الناطق الاعلامي باسم الشرطة المقدم لؤي ارزيقات يشير إلى لـ "النجاح الاخباري" أن موضوع الشعوذة عبارة عن حالات فردية، وليست بظاهرة في المجتمع الفلسطيني، موضحا انه يتم القبض على عدة حالات في السنة فقط، وكان اخرها القبض على امرأة في نابلس بتهمة ضلوعها بقضية نصب واحتيال باستخدام الدجل والشعوذة، وضبطت الشرطة في منزلها (26510) شواقل و(1630) ديناراً أردنياً و(100) دولار أمريكي ومصاغ يشتبه أنه ذهبي تقدر قيمته بـ (10000) دينار أردني.
طرق الكذب والتلاعب
وحول كيفية استدراج الدجالين للضحية، قال ارزيقات إن المشعوذين والدجالين يتبعون طرقا تتسم بالكذب والتلاعب والقدرة على اقناع الضحية بانهم يمتلكون معلومات دقيقة، وبالتالي السيطرة على عقل الضحية عن طريق ايهامه انهم يعرفون كل شي عنه ولديهم القدرة على حل مشاكله، مشيرا الى ان الدجالين يقومون بجمع معلومات مسبقة عن الضحية لاستخدامها لصالح عملهم والتمكن من اقناع الضحية.
ومن جهته، أوضح الخبير والاستشاري في التنمية البشرية الدكتور محمد بشارات أن قلة الثقة لدى الاشخاص تدفعهم للتوجه الى المشعوذين، مشيرا الى أن أغلب الاشخاص الذين يتوجهون الى الدجالين يعانون من امراض نفسية ومشاكل اجتماعية وأسرية.
وحول كيفية تحفيز الاشخاص على الابتعاد عن تلك الأمور، أكد بشارات لـ"النجاح الاخباري" ان المهمة صعبة وتتم بعدة طرق، بداية في زيادة الوعي في المجتمع من خلال ثلاثة اركان اساسية، الركن الأول يبدأ من الاعلام من خلال الحملات الاعلامية والمحاضرات والندوات.
اما الركن الثاني وهو الديني وتقع المسؤولية فيه على وزارة الاوقاف والشوون الدينية والقضاة من خلال توجيه الدروس عبر المنابر والمحاضرات ووعظ الناس بخطورة الموضوع، أما الركن الثالث وهو الاهم يتمثل في التربية والتعليم عن طريق توفير مناهج توعوية للطلاب وخاصة التوجيهي، اضافة الى دور الشرطة والاجهزة الامنية في محاربة الدجالين وقصاصهم لانهم يتعاملون بالكذب والخبث وليس لهم حقيقة.
ويقول المحاضر في كلية الشريعة في جامعة النجاح الدكتور احمد شرف لـ"النجاح الإخباري" إن حكم الذهاب إلى السحرة والمشعوذين وأصحاب الأبراج، ومن يدعي معرفة الغيب محرم في دين الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)، كما قال الإمام النووي في كتابه الكبائر: (فترى خلقاً كثيراً من الضلال يدخلون في السحر ويظنون أنه حرام فقط، وما يشعرون أنه الكفر، فيدخلون في عقد المرء عن زوجته وهو سحر، وفي محبة الزوج لامرأته وفي بغضها وبغضه، وأشباه ذلك بكلمات مجهولة أكثرها شرك وضلال، فليتق العبد ربه ولا يدخل فيما يخسر به الدنيا والآخرة ).
وأوضح شرف أن هناك أسباب اساسية تدفع الاشخاص للتوجه الى السحرة وانتشار السحر ومنها:
1- الجهل: فهو على رأس الأسباب التي تمكن للخرافة والسحر والسحرة؛ فتجد من المخدوعين من يجهل حكم الشرع في الذهاب إلى الكهان والسحرة، ويجهل حُكْمَ سؤالهم وتصديقهم، ويجهل عواقب الأمور، ويجهل الأسباب الحقيقية الصحيحة للشقاء والسعادة، وتحصيل الخير. ويغتر بما يشاع عن السحرة من أخبار تفيد أنهم يعالجون، أو يجلبون السعادة.
2- ضعف الإيمان والتقوى: قال الله في حق الذين يؤثرون السحر: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)، وقال ابن رجب رحمه الله في بيان معنى هذه الآية: ( والمراد أنهم آثروا السحر على التقوى والإيمان؛ لما رجوا فيه من منافع الدنيا المعجلة مع علمهم أنهم يفوتهم بذلك ثواب الآخرة ).
3- كثرة الوسائل المعينة على انتشار السحر، وسهولة الوصول إلى السحرة: حيث يوجد من القنوات الفضائية، والمجلات، والكتب، ومواقع الإنترنت، ما يعين على انتشار السحر.
4- الرغبة في استشراف المستقبل: فذلك يبعث إلى البحث، والسؤال؛ فالنفس الإنسانية مولعة بمعرفة الغيب.
5- كثرة الأمراض والأوهام: فهذا مريض مرضاً استعصى على العلاج، وذاك يعيش أوهاماً تقض مضجعه، فالرغبة في العلاج، والشفاء من تلك الأمراض تجعل المصاب يتعلق بأدنى شيء يوصله إلى ذلك .
6- قلة العقوبات الرادعة للسحرة: ففي كثير من البلدان يسرح فيها السحرة، ويمرحون، ويزاولون أعمالهم دون رقيب عليهم.
7- ظن الشخص انه مسحور, أو أنه مصاب بالعين .
8- لحل المشاكل: فبعض الاشخاص يشعرون بالعجز حيال مشاكلهم الشخصية فيتجاوزون حلها بالطرق الطبيعية ويبحثون عن حلول خارقة.
9- أحيانا بعض النسوة يلجئن الى السحرة تحت دافع الغيرة لصد الزوج عن ما شرعه الله بالتعدد.
10- كما يكون السحر هو الأسلوب الانتقامي عندما يكون هنالك عجز من أحد الأطراف لإضرار بالطرف الأخر بالقوة الجسدية أو نحو ذلك.
وختام حديثه، وجه الدكتور أحمد شرف نصيحة يؤكد فيها أن السحرة والدجالين يسعون لإضلال الناس، ونهب أموالهم بِأوهام يوحون بأنها من أسرار الحكمة، وهي من أسرارِ الغواية، ولم يتسلط الشياطين على البشر إلا بسبب غفلة وذنب، فالتحصين من السحرة، و من الجن أن نكون مع الله، مقبلين عليه، مطبقين لأمره، فحال السحرة والمشعوذين تنبي عن بطلان دعاواهم، وتخبر عن فساد صناعتهم؛ إذ لو كان ما يدعونه حقاً لنالوا الخيرات، ولسلموا من السيئات، ولكن واقعهم عكس ذلك؛ فالغالب على أحوالهم الفقر، والتعاسة، والحرمان. وصناعة السحر والدجل بأنواعها ضرر على من يتطلبها، يقول الله في كتابه العظيم: (وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ ).