يافا أبو عكر - النجاح الإخباري - رغم الحرب وما ألحقتهُ بهم، ورغم الحصار، رغم كل الظروف القاسية التي عاشوها ويعيشنوها، إلَّا إنَّه ما زال هناك من يصنع الأمل والسعادة ويرسم الإبتسامة على شفاههم، وفي حدث يعتبر السابق من نوعه، حيث ولأول مرة يكون في قطاع غزة مسرح متنقل، يوجدون من القلة حدث ليزرعوا السعادة والابتسامة، وكأنَّهم يقولون نحن صامدون وسنبقى كذلك.
مسرح يستهدف "رياض الأطفال، و طلاب المدارس، والجامعات" في كل محافظات القطاع، بهدف تعزيز سلوكهم ورسم البسمة علي شفاههم كما أنَّه يساهم في المشاركة في الاحتفالات الوطنية في غزة، ويعتمد على القول، السرد، الأغاني، الأزياء الشعبية، خيال الظل، والتشخيص، ويقيم تفاعلاً آنياً مفتوحًا مع الجمهور، ويستخدم اللهجات الفصحى والمحلية أو خليطاً منها.
هدفهم واحد وهو التخفيف من الظروف القاسية التي يعيشها أهالي القطاع، مجموعة من الشباب الخريجين أرادوا زرع الأمل في قلوب المواطنين، ومن هنا وجد المسرح، ويكمن منبع الفكرة ومن شجعها وساند الخريجيين على نقلها من فكرة لواقع هو المختص بدمى "المارينيوت" فداء اللداوي وبمشاركة زميله أمجد المجدلاوي.
ويقول اللداوي لـ"النجاح الإخباري": "إن سبب إنشاء فكرة المسرح هو عملي المستمر مع رياض الأطفال والعديد من المدارس حيث ألاحظ عدم توفير خشبة مسرح فأخذت على عاتقي الفكرة، كما أنَّ هناك برنامجًا متكاملاً يتم من خلاله القيام بنشاط مسرحي متنوع، يبدأ من المسرح الافتراضي والفنون الشعبية والحكايات وينتهي عند عروض الأطفال".
ويؤمن اللداوي والفريق المتكامل معه بأنَّ المسرح له أهمية في التخفيف من العبء النفسي للأطفال حيث الحروب المتتالية على القطاع و الظروف الاستثنائية التي تمر بها غزة تحتاج بين الفينة و الأخرى للتفريغ النفسي والإنفعالي المكبوتة لدى الأطفال، وأنَّ هذا المسرح يعكس ويجسد الهوية الفلسطينية من خلال عروض الدبكة والتراث الفلسطيني.
ومن ناحيته، أشار المجدلاوي، لا شك أنَّ هذه المبادرة أدخلت البهجة في حياة الأطفال، وغيرت ولو قليلاً من واقعهم المرير، على الرغم من بعض التحديات التي واجهتنا، إلا أنَّ معظم الناس كانوا داعمين للفكرة.
بدورها وزارة الثقافة في غزة، ممثلةً بالدكتور "أنور البرعاوي"، أثنى على المبادرة ودعا إلى تشجيع المبادرات كافة التي من شأنها خدمة الأفراد و المجتمع الغزي، وخاصة في المجال الأدبي والفني.
مشيراً، إلى أنَّ وزارة الثقافة في غزة تساهم في المبادرات كافة، من ناحية توفير الإمكانيات المتاحة.
وأضاف البرعاوي، أنَّ التواصل مستمر مع المؤسسات والتجمعات الشبابية كافة التي تعمل من أجل توفير مناخ ثقافي و أدبي، حيث بالآونة الأخيرة استقبلت وزارة الثقافة في غزة مبادرات عديدة من شباب وخريجين وننتظر العمل معهم قريباً لتطبيقها، فالوضع الإنساني في القطاع والظروف الصعبة أثرت على نفوس أطفالنا ونحن بحاجة ماسة للتخفيف عنهم بإقامة مثل تلك المبادرات.
وقال الكاتب والأديب الفلسطيني يسري الغول: "إنَّ فكرة تأسيس مسرح متنقل يمثل حالة مميزة في القطاع، خصوصاً في ظل حالة التهميش التي يعيشها بسبب الواقع السياسي المتردي والواقع الاقتصادي السيء، لذا فإنَّ وجود مسرح متنقل يمثل بارقة أمل لتعزيز وجود المسرح وانتماء الأفراد له ودعمه شعبياً".
و أضاف "نحن ككتاب ندعم هذه الفكرة من خلال تسويق هذا المسرح ومطالبة المؤسسات الرسمية والأهلية بتبنيها ودعمها ودعم كل الفعاليات التي على شاكلتها".
كما ونوَّه، إلى أنَّ الواقع ووسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح على الثقافات الأخرى في ظل العولمة منح الفتيات الثقة بأنفسهن وبدورهن، فالمجتمع حاليًا منشغل بالأزمات الاقتصادية، وأصبح جل اهتمام أبناؤه البحث عن فرص العمل، فقط وفر الخبز كي تحظى بالحرية، والحرية تمنحنا الفن والموسيقى والجمال.
وبدوره، يقول الممثل المسرحي والحاصل على الماجستير في النقد و الأدب "ماهر داوود": "المسرح في فلسطين بالعموم وقطاع غزة بالخصوص مسرح فقير يفتقر لأغلب مقومات بناء جسم مسرحي حقيقي، ولكن المؤسسات وبعض المبادرات الشبابية تحاول أن تحافظ على الخط العام للمسرح وإبقاءه حي رغم كل المعوقات، وأي عمل يساعد الفن المسرحي للنهوض فهو عمل مشكور و المطلوب منا أن نُوصل ثقافة المسرح لجميع شرائح المجتمع".
مشيراً إلى أن أغلب الناس حتى الآن غير متقبلة لفكرة الذهاب لمسرح، لدواعي قد تكون دينية أو مجتمعية، ففكرة المسرح الجوال يعزز حالة المسرح ويستطيع أن يصل لجميع الناس.