ساري جرادات - النجاح الإخباري - في قلب البلدة القديمة في الخليل تقبع معصرة اقنيبي في رواية وسرد تاريخ وجود حجارة المكان، وتروي ماضي وأصالة أهل الخليل في التعبير عن كرمهم لزوار مدينتهم، وترفض الانصياع لأوامر سلطات الاحتلال أو الاستكانة لعربدات مستوطنيهم في طي صفحتها ومغادرة خارطة الخليل، كما يريد الاحتلال ويسعى لتحقيق أهدافه بكل السبل والوسائل.
تعود بدايات المعصرة إلى العصر المملوكي (1300)، مع وجود حوالي (30) معصرة لسد حاجة سكان محافظة الخليل، فكان زيت السمسم هو العنصر الأساسي في استخدامات الطعام في تلك الفترة، واستخدم سكان الخليل زيت السمسم في الطعام والعلاج واستخراج "الكسبة" وهي مادة تستخرج بعد عصر السمسم وتؤكل بعد إضافة السكر إليها.
وقال المشرف على المعصرة هشام مرقة لـ"النجاح الإخباري": "كان يتم العمل في المعصرة بعد نقع السمسم بالماء والملح في أحواض كبيرة مصنوعة من الحجارة، وبعد مضي 24 ساعة عليه يتم غسله بالماء ومن ثم تجفيفه، وبعدها يتم تحميصه على درجة حرارة عالية".
ويتابع مرقة حديثه لمراسلنا حول آلية الإنتاج ويقول: "ينقل السمسم إلى طاحونة كبيرة خاصة لهرسه، فيتناثر السمسم المهروس نحو حواف الطاحونة، وبعدها يخرج بشكله النهائي عبر فتحة أسفل الطاحونة، وبالقرب منها يوجد حوض آخر كبير لهرس السمسم واستخراج الزيت منه وعمل الكسبة والحلويات، ويستخدم زيت السمسم في علاج بعض الآلام الصدرية ولزيادة جمال البشرة.
وكانت معصرة اقنيبي تنتج حوالي 200 كيلو غرام من السمسم بشكل يومي، لسد حاجة المواطنين وزوار المدينة، وللإبقاء على ارث الأجداد في استدامة الموروث التاريخي المأخوذ عنهم، في حين تنتج اليوم ثلاثة أطنان من السمسم في غضون وقت قصير نتيجة استخدام الماكينات الحديثة التي تعمل على الكهرباء.
وقال وقال رئيس غرفة تجارة وصناعة الخليل محمد الحرباوي لـ"النجاح الاخباري" تعتبر بلدة الخليل القديمة منطقة منكوبة بسبب إجراءات الاحتلال التي حولتها من المركز الصناعي والتجاري والحضاري للخليل إلى منطقة شبه مهجورة، وكبدت أصحاب محالها التجارية خسائر مالية كبيرة تقدر بمئات الملايين من الدولارات.
وأضاف الحرباوي "أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي عمدت على إضعاف وإلحاق خسائر بالتجار حيث تقوم هي والمستوطنون باستفزاز المواطنين فور إعادة فتح المحال لتجبرهم على إعادة إغلاقها، وتقوم بشكل مستمر بالاعتداء على المواطنين القاصدين سوق البلدة القديمة أو لأداء الصلاة في الحرم الإبراهيمي.
وقال مدير مديرية وزارة السياحة والآثار في الخليل الدكتور احمد الرجوب لـ"النجاح الإخباري" "إن وزارة السياحة تضع الخليل ضمن أولويتها لتنشيط الحركة السياحية فيها لأثرها على الحركة الاقتصادية، والتصدي للهجمة الشرسة التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي للسيطرة على البلدة القديمة وإجبار السكان على الرحيل عنها".
وأضاف الرجوب "قامت الوزارة وبالتعاون مع لجنة إعادة اعمار الخليل وبعض الجهات المختصة على ترميم العديد من المعالم الأثرية في البلدة القديمة، بهدف حمايتها من خطط الاحتلال من تغيير معالمها والاستيلاء عليها، وإبقاء هذه المعالم شاهدة على الإرث التاريخي والحضاري لمدينة الخليل، ونعمل جاهدين لتسجيلها في لوائح منظمة اليونسكو.
وتبقى معصرة اقنيبي عصية على الكسر والاندثار، بفعل سواعد القائمين عليها وزوارها، ولتثبيت حق مدينتهم في البقاء ضد التغول الاستيطاني في السيطرة على موارد البلدة القديمة، وتنكيس شعارات غلاة المستوطنين في السيطرة الكاملة على بلدة الخليل القديمة وصبغها بأساطيرهم وخرافاتهم.