يافا أبو عكر - النجاح الإخباري - المزارع يحصد محصوله برحلة موت تحفُّها المخاطر لقرب أراضيهم الزراعية من الحدود الشرقية والشمالية للقطاع، إلا أنَّه لا بديل في ظل انتشار البطالة والفقر والحصار وتردي الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
القوات الإسرائيلية تمنع المزارعين كافة على طول الحدود الشرقية والشمالية للقطاع من الوصول إلى أراضيهم الزراعية أو فلاحتها لعدة سنوات قبل الحرب الأخيرة في عام (2014م) على مسافة تتراوح من (500-1000) متر حسب المعايير الأمنية التي تحددها تلك القوات، وفق وزارة الزراعة بغزة.
الخطر يرافق المزارعين للوصول إلى أراضيهم التي تعتبر أكثر المناطق خصوبة بسبب شبح القوات الإسرائيلية التي تهاجمهم إما تدمير وتجريف، وأحياناً إلى قصف مدفعي وجوي ساهم في تغيير ملامحها وترك آثاراً سلبية كبيرة عليها وصعوبة استصلاحها من جديد، وتعادل هذه المناطق العازلة (25%) من الأراضي الزراعية في القطاع والتي تعتبر أراض خصبة جداً، والتي تشتهر بزراعة الطماطم والبطاطا والبطيخ والشمام والبصل والثوم.
بدورها تحذر وزارة الزراعة في غزة المزارعين على الحدود الشرقية للقطاع بأخذ الاحتياطات اللازمة والضرورية لحماية محاصيلهم من المبيدات التي تقوم طائرات الاحتلال برشها على الشريط الحدودي.
أكَّد مدير عام التربة والري في وزارة الزراعة المهندس "نزار الوحيدي"، أنَّ مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة تصل إلى (173) ألف دونم، حيث تبلغ المساحات المزروعة بالخضار (82) ألف دونم، والمساحات المزروعة بالفاكهة تصل إلى (71,400) ألف دونم.
وأوضح الوحيدي أنَّ باقي المساحات الزراعية تزرع بالمحاصيل الحقلية مثل القمح والشعير والنباتات العطرية والمحاصيل التصديرية وتبلغ المساحات التي تزرع بها الأصناف السابقة ما يقرب من (20) ألف دونم.
وأكَّد الوحيدي أنَّ الأراضي القريبة من الشريط الحدودي الشرقي للقطاع كانت خالية في معظم حالات التوتر والحروب من أي نشاط زراعي وهذا تسبب بخسائر كبيرة للقطاع الزراعي، حيث إنَّ ربع الإنتاج الزراعي يتركز في المناطق الحدودية بالإضافة إلى أنَّ معظم الانتاج الحيواني يتواجد في تلك المناطق.
حيث وضح أنَّه بعد العدوان الإسرائيلي عام (2014) عاد النشاط الزراعي إلى تلك المناطق، بالرغم من المضايقات المستمرة وإطلاق النار على المزارعين حيث تشير آخر الإحصائيات إلى إرتفاع عدد الإصابات من المزارعين إلى (29) خلال الشهر الماضي .
ونوَّه إلى دعم القطاع الزراعي من خلال إعادة تأهيل الآبار، إعادة تأهيل شبكات الطرق وإعادة ترميم شبكات المياه وتزويد الآبار بالطاقة الشمسية ومحركات إضافية، بالإضافة إلى تقديم العديد من الخدمات الأخرى اللازمة للمزارعين
المزارع "أبو محمد النجار" كانت له تجربة مريرة حينما تفاجأ بتلف كبير لغالبية محصوله من البازيلاء على امتداد (20) دونمًا، كانت مزروعة على الحدود شرق القرارة جنوب قطاع غزة.
ويقول المزارع النجار: "إنَّ قضية رش المبيدات متكررة كل عام، فإسرائيل تقوم برش الشريط الحدودي الذي يمثّل جزءًا كبيرًا من محاصيل الخضار التي تدعم الأمن الغذائي في قطاع غزة.
ويشير النجار إلى أنَّ طواقمًا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر هي من تقوم بزراعة هذه الأراضي لكنها متوجسة من زراعتها هذا العام خوفًا من المبيدات الإسرائيلية، وبالتالي هلاكها وتكبيد المزارعين خسائر فادحة مثلما حدث العام الماضي، حيث وصل الضرر إلى مسافة كيلومتر واحد داخل حدود قطاع غزة وطال محاصيل السبانخ والبقدونس والكوسا وغيره.
وينوِّه إلى أنَّ السلطات الإسرائيلية اعتادت في الماضي على رش المنطقة الحدودية بجرار زراعي "تراكتور" منخفض، أما اليوم استعاضت عنه بالطائرات وهو ما يمكّن الرياح من سحب المبيدات إلى المناطق الزراعية الفلسطينية، ويطالب بالضغط على إسرائيل بأن تتوقف عن عمليات الرش.
و يشارك الحديث المزارع "جبر أبو رجيلة" شرق عبسان قائلًا نحن لا نستطيع الوصول للأرض وقت ما نشاء إلا عندما تبزُغ الشمس خشية من إطلاق النار، ونغادر وقت حدوث إطلاق نار، لأننا نعتبر ذلك إشارة، ونغادر عند حدوث أي توغل أو إطلاق ونار مُشيرًا إلى أنَّهم يدفعون الثمن لقمة عيش أبناءهم لأنَّهم أصحاب البلد الأصليين ويحاول قدر المُستطاع المحافظة على فلاحة الأرض لإثبات الهوية الفلسطينية.