رحمة خالد - النجاح الإخباري - في ظل إغراق الأسواق الفلسطينية بالألبسة المستوردة وإشغال العقول بالماركات العالمية، لا تزال الشابة "صفاء الحوراني" تتغلب على المعيقات كافة لخلق الفرصة الحقيقية للماركة الفلسطينية في السوق المحلي.
"توليب" إبداع تخطى حدود بلدة العطارة جنوب جنين ليصبح لمسة عصرية للفلسطينيات اللواتي يحلمن بارتداء العباءات والزي الشرعي بطراز حديث، وتقول صفاء لـ"النجاح الإخباري": لم تكن فكرة مشروع تصميم الملابس الفلسطينية المحتشمة بطريقة تتوافق مع الموضة الدارجة في الأسواق مجرد صدفة، بل أخذت مني تفكيرًا عميقًا ودراسة مطولة حول تقبل المرأة لزي عصري منتج بأيادِ فلسطينية.
وتتابع " كانت تجربة زوجة أخي بطلب عباءاتها عبر مواقع التسوق الإلكتروني دافعًا قويًّا لخوض غمار هذه التجربة بعد انعدام ثقة الكثيرات بمنتجات هذه المواقع وبخاصة أنَّها تتطلب وقتا زمنيا وتنخفض جودتها مقارنة بما تراه المرأة عبر الصور".
لم تلبث فكرة صفاء طويلا في مهدها بل باشرت بها بدعم من نساء أخريات لديهن الطموح ذاته كونها لا تملك الخبرة والمعرفة في الحياكة، فلاقت الترحيب من صديقة لها من الشام تعمل في المجال منذ عقدين ونيف، كما ساندتها زوجة أخيها بالإضافة لإمرأتين لديهن الخبرة الكافية في أمور النسيج والحياكة وكلهن نساء معيلات لأسرهن وحَّدهن الهدف.
وحول أبرز التحديات التي واجهتها في بداية مشروعها، تشير الحوراني إلى أنَّ التحدي الأول للمشروع كان في توفير الكلف للأقمشة بالألوان المطلوبة والموصى بها، وكذلك توفير أقمشة بنوعية جيدة ونخب أول من السوق المحلي بالإضافة لتكاليف المشروع الصعبة التي تتفق عليها مع التجار الفلسطينيين الذين دعموا ورحبوا بنهضة المنتج المحلي ورفع قيمته بين المستورد.
خوف صفاء من مستقبل الفكرة ترجم لرضى وطمأنينة عندما رحَّبت نسبة جيدة من الشابات للأفكار المطروحة على صفحة المشروع في إحدى مواقع التواصل الإجتماعي، فتؤكد صفاء أنَّ قبول الفكرة من قبل جيل مهووس بالماركات والموضة هو بحد ذاته مؤشر للثقة بالمنتج المحلي والابتكار فيه، والذي شجع هذا الإقبال هو الذوق الفني الموجود بالملابس والأسعار المقبولة مقارنة بسعر المستورد مما توافق مع الرغبات.
أما رؤية المشروع فهي تعكس نموذج الفلسطينية الصلبة التي وضعت في أفقها أن لا تلبس مما لا تنسج، وبهذا تعبر الحوراني عن رؤية توليب وتقول "نأمل أن يصبح المشروع ماركة مسجلة ومعتمدة في السوق المحلي وكذلك التسويق لها عالميًا وبخاصة للجاليات الإسلامية، بالإضافة لتطويره كي يشمل تشكيلة واسعة من الملابس العملية وللمناسبات الاجتماعية".
ومن الجدير ذكره، أنَّ توليب ليس المشروع الأول الذي تخوض صفاء غماره بل جاء بعد تجربتها المميزة في ابتكار كريمات لعلاج البشرة من المواد الطبيعة الخالصة.
وتوجه الحوراني رسالتها للمرأة الفلسطينية بأن تعتمد التصميم االذي تراه يناسب روحها وجسدها، وتوفيره ليس صعبًا في مجتمعنا إذا وسعنا آفاق أذواقنا لنحصل على قطع محلية جميلة ومميزه بأيد فلسطينية وبدون عناء التوصيل أو التعرض للغش والخداع وعدم القدره على رد المنتج.
وتشدد الحوراني على أهمية أن نكون منتجين لا مستهلكين فقط.
فهل ستتحقق أمنية صفاء على المدى البعيد بتقدير المنتج المحلي وأن يصبح مشروعها مثل وردة التوليب تمامًا ذو قيمة وأهمية في كل مناح العالم؟.