هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - باتت الشجارات العائلية أكثر ما يقلق المواطن الفلسطيني، ويثير خوفه على أبنائه، والذين قد تدفعهم بعض العادات والتقاليد إلى التدخل في شجارات دون معرفة السبب الرئيس للشجار ولمجرد الدفاع عن صديقه أو قريبه.
ما يسفر عن إصابة ومقتل العشرات، والتي كان آخرها الشجار العائلي في مدينة الخليل أمس، والذي أسفر عن إصابة تسعة أشخاص بعيارات نارية وآخر أُصيب بآلة حادة.
فما الأسباب الكامنة وراء هذه الخلافات؟، وهل يعد فنجان القهوة سبب رئيس في الشجارات؟، وما هي الحلول من وجهة نظر علم النفس؟
وحول هذا الموضوع أفاد الناطق باسم الشرطة الفلسطينية لؤي ارزيقات لـ"النجاح الاخباري"، بأنَّ الأسباب الرئيسة وراء الشجارات العائلية هي التسرع وتغليب لغة العنف على لغة الحوار، وقد يكون للعادات والتقاليد في المجتمع الفلسطيني دور هام في الخلافات عندما يقف أحد أقارب المتشاجر للدفاع عن قريبه دون معرفة سبب الشجار.
أما فيما يتعلق بأغلب الأسباب الكامنة وراء الخلافات، أضاف ارزيقات: أنَّ أغلبها يكون بسيط، مثل الخلافات بين الأطفال أو خلافات مادية أو على قطعة أرض، وتتطور الشجارات لتصل لنتائج مأساوية.
ولفت ارزيقات إلى أنَّ الشجارات العائلية ليست بازدياد وإنما هي تكثر في أوقات معينة من السنة وخاصة في فصل الصيف وشهر رمضان، قائلًا: "في رمضان السهر والصوم ونقص السكر من الجسم يؤدي إلى العصبية الزائدة، وفي المقابل باقي الأشهر تكون الأمور هادئة".
عدا عن أنَّ التربية والثقافة تلعب دور كبير في اللجوء للعنف، وأشار ارزيقات إلى أنَّ الناس لا تثق بالقوانين لأنَّها تحتاج إلى وقت طويل للبت بين المواطنين، قائلًا "نحن بحاجة إلى إعادة النظر بالتشريعات".
وأوضح أنَّ الشرطة تتعامل مع الشجارات بشكل سليم منذ اللحظة الأولى التي يتم فيها التبليغ عن الشجار، وتسيطر عليه وتمنع تفاقمه قدر الإمكان وتلقي القبض على المتشاجرين.
وشدَّد على أنَّ الصلحة العشائرية لها دور كبير أيضًا في الخلافات، عندما يتكل الشباب على أنَّ حلَّ أكبر مشكلة يكمن في فنجان القهوة.
فيما ناشد ارزيقات عبر "النجاح الاخباري"، المواطنين إلى التروي وأن يتولى العقلاء زمام الأمور في حال وقعت الشجارات في مناطقهم، والتوجه للشرطة والقضاء وعدم اللجوء للعنف.
كما دعا وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في نقل المعلومات أثناء الشجارات والتأكد من المصادر الرسمية.
التراكمات النفسية والبيئية والأسرية سبب رئيس في الشجارات العائلية
بدورها اختلفت الأخصائية الإجتماعية "عروب" جملة بالرأي حول ازدياد الشجارات، وأفادت لـ"النجاح الإخباري"، بأنَّ الشجارات في ازدياد دائم، مبررة ذلك بأنَّ العائلات قديما كانت ممتدة وقريبة من بعضها البعض ومع ذلك كانت الشجارات أقل، قائلة "كان في احترام وتقدير للآراء".
ولفتت جملة إلى ارتفاع "ثقافة الأنا" بين الناس، حتى بقلب العائلة نفسها، وتتابع "الأنانية وعدم احترام رأي الآخر يعود على أساس تربوي خاطئ، بعيدًا عن المحبة والمودة التي تعود على التربية الصالحة".
وبدأت تعابير المودة تضمحل في ظلِّ التسارع الزمني التكنولوجي والمصالح الشخصية.
وفيما يتعلق بالصلحة العشائرية، عبرت جملة باستياء قائلة "المجتمع يضرب ويجرح بالطرق اللاانسانية كافّة معتمدًا على انتهاء القصة بالصلح وفنجان القهوة".
وأضافت لـ"النجاح الإخباري" أنَّ الغياب القانوني، والمماطلة باتخاذ الإجراءات اللازمة، والوضع الإقتصادي السيء، وغياب الثقافة، والتفكير الإيجابي البعيد عن عقلانية الأمور جميعها أسباب لها دور في اللجوء للعنف في الشجارات العائلية.
لافتة إلى أنَّ العنف الذي يصل إلى حد القتل لا يأتي من فراغ، فهو نتيجة تراكمات اجتماعية ونفسية وبيئية وأسرية سابقة.
وفيما يتعلق بالاجراءات التي يجب تطبيقها للحد من هذه الظاهرة، شددت جملة على ضرورة التوعية المستمرة من خلال الورشات التوعوية من قبل الوزارات والمؤسسات.
بالإضافة إلى دورات خاصة بالتربية الصالحة للأهالي، وعدم لجوء الأهل إلى التمييز والمقارنات بين أبنائهم.
ونشر ثقافة الحب والمودة والحنان، ليربى الطفل بقلب سليم خال من الحقد والأمراض الإجتماعية والنفسية.
واختتمت الأخصائية الإجتماعية حديثها مع "النجاح الإخباري" بأنَّه وبناء على دراسات عن العنف أجراها علماء النفس، تبين أنَّ الشخص المحبوب بين أسرته، يتعزز لديه الإيجابيات ويكون ذي فكر راقي وبعيد كل البعد عن العنف".