ساري جرادات - النجاح الإخباري - وسط هذه أزقة تضج بالربيع، وحقول تعج بالأشجار البرية، وفي خربة البرج النائية، بدأ الشاب العشريني عيسى تلاحمة مشواره في الإدراك والبناء، واستطاع عبر مئات الساعات التي كان يستغلها للاستلقاء وسط تلك الحقول الخفاقة بالأمل والأمنيات كما يروي ل "النجاح الإخباري" تشكيل خياله العلمي الواسع.
يقول التلاحمة لمراسلنا: الخيال عبارة عن فن حواري داخلي، يتوجب على كل إنسان امتلاكه، ليتمكن من الوصول للشيء المراد بروية، حتى في تناول فنجان القهوة تحتاج لخيال للتمكن من الوصول لمذاق عذب، وهذا ربما يعتبر من صغائر الأمور، لكن الكبير بدأ صغيراً وتطور.
البداية:
قال التلاحمة: "بدأت بكتابة نصوص أقرب إلى القصص الحوارية، وكنت دائم المشاركة في النشاطات المدرسية والعمل التطوعي في العديد من مؤسسات البلدة، مما فتح شهيتي أكثر نحو استغلال طاقتي في الخيال وتوظيفها في التمثيل أمام طلبة مدرستي وهيئتها الأكاديمية، وهنا كانت نقطة الانطلاق.
وأدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الإعلام الجديد، لفتح باب الأمل لدى العديد من المواهب الشابة، حيث باتت تلك الوسائل متنفساً لعرض مواهبهم وإنتاجاتهم المتنوعة، لعدم تكلفتها المالية وحاجتها للعديد من التقنيات للنشر والبث، وأدى الانتشار السريع للإنترنت لشهرة العديد منهم، الأمر الذي ضاعف من فرص التلاحمة في الوصول لمبتغاه.
وبذلك برع التلاحمة في كتابة القصص وصناعة الأفلام الكوميدية الساخرة، التي تضرب أرجاء الواقع المُعاش لشرائح متعددة من مجتمعه، متقنا كذلك اختيار الموسيقى والكلمات وبناء الأفكار بتسلسل واقعي، قادر على خلق التأثير في نفوس من يراقب ويشاهد أعماله التي باتت ملكاً لمجتمعه.
شراكة فنية:
التقى التلاحمة خلال مشواره في الدراسة الجامعية بزميله محمود حماد من مخيم الفوار، الذي لا يختلف كثيراً عن عيسى، فالمعوقات ذاتها تقف في وجههما، ولكن إرادتهم العالية غير القابلة للتراجع أو الانهزام قادرة على الإبحار بمركبهم والوصول لمكانهم المرجو، بعدما باتا شركاء في الفكرة والإنتاج المشترك.
وبهذا الخصوص قال حماد ل"النجاح الإخباري" مشكلتي الوحيدة هي قلة الإمكانيات المادية في إزاحة الستار عن ما يلوج بوجداني من أفكار، لجعلها تبصر النور في الميادين، وحاجتي لمعدات تصوير قادرة على نقل الواقع بصورة أكثر رومنطيقية"، ساعيا لصناعة أفلام منافسة في المهرجانات العالمية.
وأشار حماد إلى رغبته في إعارة معداته لكل من عايش واقع الحرمان وقلة الدعم والرعاية، ويستطيع من خلالها التغيير الايجابي للقضايا، ونقل رسالة الفئات المهمشة والفقيرة في المجتمع وإيصال صوتها ورسالتها، وطالب المؤسسات والجمعيات التي تهتم بقضايا الشباب بالتخلي عن الشعارات والنزول لحاجة الشباب ومتطلباتهم.
ومن الجدير ذكره أن التلاحمة وحماد يحملان شهادة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة فلسطين التقنية العروب، وحصلت بعض أفلامهم على العديد من الجوائز والتكريمات من قبل العديد من المؤسسات والهيئات المحلية، مثل "حرب المواصلات" و"خطأ وقدر"، الذي يسلط الضوء على قضية الأخطاء الطبية بطريقة كوميدية، وفيلم "بقعة بيئة" الذي يتطرق لمسألة مشاكل توفر المياه والانقراض البيئي لمصادرها.