يافا أبو عكر - النجاح الإخباري - هناك على قارعة الطريق بجنبات محلات الأكل أو أمام المقاهي، تدور قصص وحكايات أطفال في سن البراءة، براعم بعمر الزهور أجبرتهم قساوة الأحوال المعيشية ، للتفكير في أي عمل يستطيعون من خلاله تأمين احتياجات عائلاتهم دون اللجوء لطلب المساعدة من الآخرين.
قد ينزل المطر والبرد ، وقد تسطع الشمس الحارقة...لكن ذلك لا يثنيهم على اجتياح مفترقات الطرقات والوقوف عند الإشارات الضوئية، وهم عرضة لكل أنواع المخاطر، بداية من حوادث المرور نهاية بالعنف والاعتداءات التي قد تواجههم ، يعرضون على أرباب السيارات ما يحملونه على أكتافهم أو بين أياديهم من بضائع لا يتعدى ثمنها بضعة شواكل ...فهم الذين اعتادوا الوقوف كل صباح ومساء... ليمتهنوا لاحقا بيع الكلينكس على أرصفة شوارع غزة .. ولتهدر الطفولة على قارعة الطريق... ظاهرة أفرزتها الظروف الاجتماعية القاهرة .
في مشهد حزين ومؤلم يبيعون "الكلينكس" وبعض الأشياء الأخرى، سيما حينما يقطعون عليك الطريق ويتوسلون إليك في بعض الأحيان، لشراء علبة مناديل ورقية، أنذاك ترى فيهم الوجع ينبض في نظراتهم ولا تغدو كل أحلامهم مجرد الحصول على "طرف الخبز" ذنبهم الوحيد الذي لا ذنب لهم فيه، أنهم ولدوا في زمن لا يرحم الغني فيه الفقير ... في الوقت الذي يجلس فيه أقرانهم من الأطفال على مقاعد الدراسة لبناء أحلامهم، يقف هؤلاء كالكثيرين مثلهم بمدينة سطات بانتظار من يشتري منهم للحصول على بعض الشواكل المعدودة لكنها كافية لإطعام عائلات بأكملها... عائلات أعيتها الحيلة وأنهكها الفقر.
الركن الآخر من عالم الصمت، في الشوارع الخلفية للبؤس، بعضهم وجد ملاذه. محمود الذي لم يتجاوز عمره أصابع اليد الواحدة، تعرفه شوارع الرمال ، يبيع براءته في علبة علكة رخيصة يحملها بين يديه الطفليتين، ولا أحد يتحمل مسؤولية إنعاش قلبه الصغير! يترك عينيه معلّقتين في وجوه رواد المقاهي، إلى أن تتعب يده الممدودة بقطعة العلكة. أعرف أن بعض الكلمات كالقبَل، إلا أنهم ليسوا في حاجة إليها.
أحمد ترك دراسته بالصف الرابع الابتدائي، بعدما اجتاز الصف الثالث من طفولته، لأنه لم يجد مدرسة تؤوي احتياجاته من الطعام والشراب، ولا احتياجاته من الدفاتر والأقلام. هو يأبى أن يأخذ مالاً من دون أن نشتري منه. لديه تلك الجملة السحرية التي يرددها كلما لمح احدهم (اشتري شئ لتسعدني )
لبقية الصفحات قصص أخرى. فمتلازمة القهر الغزي ، لم تعد لها مضادات اجتماعية أو إنسانية، أما تلك المضادات الحقوقية، فهي لا تساوي حبرها الذي انطبعت به، ولا تساوي ابتسامة فرح التي نسيت أنها بائعة علكة لمجرد أن رأتني أقترب منها أكتر وضعت علبة العلكة على الطاولة المجاورة، وأبعدتها حتى لا تظهر في الصورة، وأخذت "بوزاً" خاصاً بالتصوير. لقد جرت رياحها، كما تشتهي طفولتها، وليس كما يقتضي العوز والفقر والحاجة. كأنها لا تريد أن تتذكرها الأيام كبائعة، بل تريد لروحها الطفولية أن تثبت في الصورة. سألتها عن عائلتها، فأخبرتني أن والدها تركها تصارع الحياة مع شقيقتها الصغرى ، وأنهم يقيمون في بيت لا يصلح لان يكون للحيوانات وأنها وأختها هما اللتان تعيلان العائلة
أشارت المشرفة النفسية في مركز معا التنموي ألفت المعصوابي علي ان كثير من المؤسسات تنولت موضوع عمالة الاطفال والاهتمام بهم بشكل برامج هادفة ومدعومة من ضمن المشاريع المانحة حيث قام مركز معا بتناول الموضوع بشكل مخصص من خلال التعامل مع كل حالة تصل بشكل مهني مكثف بفتح ملف كامل ويعمل مع الحالة موظف ادارة الحالة والتنسيق مع المرشد في حالة انه يحتاج للتدخل النفسي
كما نوهت المعصوابي انه هناك اسباب كثيرة تجعل الطفل يترك دراسته ويذهب للبحث عن عمل من ضمنها اسباب اقتصادية و اخري الجهل وقلة الوعي عند الاهالي
من جهته كامل الهيقي احد مؤسسي المبادرات الخيرية (حملة فكر بغيرك ) التي تهتم بتقديم سبل العيش لبعض العائلات قال انه خلال عمله وجد الكثير من الاطفال يعملون سواء كان وضعهم الاقتصادي صعب او غيره من اسباب ،
يحاول خلال عمله تقديم ما يستطيع به من ضمن المبادرة للطفل وعائلته من توفير كفالة شهرية او تقديم مساعدات عينية
ولكن حاليا هناك صعوبات تواجهنا كمبادرة بزيادة عدد الاطفال الذين يعملون بالمفترقات او الطرق والذين يحتاجون الي متابعة مستمرة بالإضافة لعدم وجود تمويل ثابت لهم ، داعيا كافة المبادرات الي التوحد والعمل من اجل تخفيف القهر علي الاطفال
