همسة التايه - النجاح الإخباري - تبدد حلم المواطن سليم مراد 40 عاما من إحدى بلدات طولكرم، بالظفر بلقب "الأب" وإحتضان طفل حياته الذي يحمل إسمه وعائلته، بعدما باءت كل محاولاته لمساعدته بتأمين تكاليف عملية زراعة أطفال الأنابيب وعلاج العقم بـ"الفشل".
وبذل المواطن مراد كل جهد ممكن من أجل توفير تغطية مالية من قبل السلطة الوطنية لإجراء عملية "زراعة أطفال أنابيب، تمكنه من الإنجاب، لكن ما زاد من ألمه وإحباطه عدم حصوله على أي تغطية، والسبب أن مثل هذه العمليات تعتبر من "الكماليات" والتي لا تقوم وزارة الصحة بتغطيتها نهائيا "حسب قوله".
ورغم شغفه وتطلعه للإنجاب، يبقى المواطن مراد رهين لإرتفاع تكلفة عملية زراعة أطفال الأنابيب وعلاج العقم، وعدم قدرته على تغطية نفقاتها العلاجية، في حين لايزال لديه الأمل بالخالق بأن يهبه مولودا رغم مرور أكثر من 15 عاما على زواجه.
وأبدى المواطن مراد إستغرابه بإعتبار مثل هذه العمليات بغير الضرورية ووصفها بـ"الكماليات"، مطالبا بضرورة الضغط لمساعدة كافة المواطنين ممن لديهم مشاكل صحية بالإنجاب .
ولم تكن المواطنة مي عبد الحليم 26 عاما والتي تسكن مدينة طولكرم بأحسن حالا من سابقها، حيث لم تتوانى على الإطلاق عن دفع مبلغ 10.000 شيكل ثمن علاج العقم وزراعة طفل الأنابيب والمواصلات والعلاجات والأدوية، من أجل تحقيق حلمها وزوجها بالإنجاب.
وما لم يكن بالحسبان، فشل عملية زراعة طفل الأنابيب، رغم قيام الزوجان بتأمين المبلغ المالي بصعوبة جراء الوضع الإقتصادي السيء الذي يكابدانه، حيث قاما بجمع المبلغ والذي يشمل العلاجات من مثبتات وكورسات أدوية وفحوصات وتحاليل طبية وغير ذلك من خلال بيع مصاغها الذهبي وإضطرارهما لأخذ دين من المحيطين بهما.
تقول عبد الحليم لمراسلة "النجاح الإخباري" بصوت مخنوق أثناء محاولتها لملمة جراحاتها وآلامها: عند قيامي بعملية الزراعة الأولى والتي باءت بالفشل لم نستوعب وزوجي ما حدث لأننا لم نستطع جمع المبلغ المالي مرة أخرى، حيث أن تكاليف العملية باهظة جدا.
وأضافت: لايقوم المركز العلاجي بإخضاع المريضة للعملية، إلا إذا تم دفع المبلغ المالي كاملا، مع العلم أنني في أول زيارة لطبيب المركز أدفع مبلغ 100 شيكل كشفية بالإضافة إلى دفع مبلغ 50 شيكل بعد ذلك عند كل زيارة.
واسترسلت بالقول وعيناها تحبس دموع الحزن: "رغم المعاناة الجسدية والإرهاق المادي والنفسي، لم أستسلم وزوجي واستطعنا بعد عام ونصف تجميع مبلغ 20.000 شيكل وإضطررت وزوجي للسفر للمملكة الأردنية حيث زادت التكاليف المادية والأعباء علينا بسبب السفر والمواصلات.
وأضاق عبد الحليم "ولو قام الزوجان بالخضوع لعملية زراعة أطفال الأنابيب لأكثر من مرة في نفس المركز لا يتم مراعاة وضعهما النفسي وكيفية جمعهما للمبلغ المالي".
وبفرحة عارمة كادت أن تعانق عنان السماء، عبرت عبد الحليم عن فرحتها بإنجاب طفلتها الأولى والتي وصفتها بـ "الهبة الربانية" فيما اعتلت ملامح وجهها تعابير الحسرة والألم لعدم تمكنها في الوقت القريب من سداد ديونها المتراكمة جراء عمليات الزراعة.
وقالت: أنوي الزراعة للمرة الثالثة لإنجاب طفل ثاني لكن الأوضاع المادية والديون المتراكمة ستجعلني وزوجي نؤجل الموضوع لسنوات عدة.
ورغم يسر الوضع المادي لها وزوجها، إلا أن إرتفاع التكاليف العلاجية لعملية زراعة أطفال الأنابيب جعلت الشابة شروق السيد تناشد بضرورة الكتابة من خلال "النجاح الإخباري"حول هذا الموضوع لإحداث بعض التأثير والضغط على الجهات الحكومية والمراكز الطبية التي تعنى بالأمر، خاصة وأن العمليات تشكل عبئا إقتصاديا لعدم تمكن الكثيرين من سداد المبلغ في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها أبناء شعبنا في ظل تفشي البطالة وعدم توفر فرص عمل.
إلى ذلك، قال محمد قبلان المستشار الإعلامي بمركز رزان التخصصي لعلاج العقم وأطفال الانابيب في مدينة نابلس لمراسلتنا أن تكاليف عملية زراعة أطفال الأنابيب وعلاج العقم لم ترتفع منذ العام 1995 وهي منذ ذلك التاريخ وحتى أيامنا لا تزال 1000 دينار أردني .
وأضاف : لايمكن الحديث عن أسعار عمليات زراعة الأنابيب ووصفها بالظاهرة، خاصة أن العلاجات وارتفاعها لها علاقة بحالة كل مريض، بالإضافة إلى أن أجهزة الفحوصات والتجميد المنوي مرتفعة التكاليف بالإضافة إلى الأدوية والفحوصات والتحاليل وكشفية الأطباء.
وتساءل قبلان لماذا لا تقوم الحكومة الفلسطينية بتبني علاج حالات العقم وإعتبارها أولوية خاصة وأنها تقوم بدفع مبالغ طائلة لحالات مرضية مزمنة قد لا تكلل بالشفاء، مؤكدا أن الرئيس الشهيد ياسر عرفات "أبو عمار" كان يهتم بمثل هذه الحالات ويعتبر علاج أطفال العقم أولوية.
وأشار إلى أن دول العالم كافة ومنها إسرائيل تتبنى علاج حالات العقم، قائلا"أين هو دور الحكومة الفلسطينية في تبني مثل هذه الحالات".
وكان مصدر من وزارة الصحة قد أكد لمراسلتنا أن عمليات زراعة أطفال الأنابيب تقع خارج سلة خدمات التأمين الصحي التابع لوزارة الصحة.