اياد عبادلة - النجاح الإخباري - حارب الجيش المصري إلى جانب الجيوش العربية في فلسطين منذ العام 1948 إسرائيل، وسطر جنوده أروع الأمثلة في البطولات، خلال محاربتهم إلى جانب فرق جيش التحرير الفلسطيني دفاعًا عن الأرض، واستشهد عدد كبير من الجنود المصريين في قطاع غزة، وبقيت قبورهم شاهدة على ذلك.
فيما لازال يلوح في أذهان المواطنين في مدينة خانيونس قصة شهداء المدفعية الثلاثة الذين أصرُّوا على الثبات في موقعهم وعملوا على تغطية انسحاب الجيش المصري عبر طريق الأحراش الغربية للمدينة، وأعاقوا تقدم قوات الإحتلال إلى أن قصفتهم الطائرات الحربية الإسرائيلية، بعد أن صمدت المدينة إلى اليوم السادس والأخير من الحرب التي عرفت بـ"حرب الأيام الستة" ودخل الإحتلال المدينة عبر حيلة استخدمها بدبابات رفعت عليها أعلام عربية.
وأوضح أحد شهود العيان الحاج سعيد أبو ستة لـ"النجاح لإخباري" أن مدينة خانيونس شكلت حصنًا منيعًا وفشل الإحتلال في الدخول اليها رغم كل محاولات الالتفاف من عدة محاور، مشيرًا إلى أن القوات الاسرائيلية وصلت إلى سيناء من جهة الشرق فيما بقيت خانيونس صامدة في المقاومة، وأشار إلى أن الجنود المصريين كانوا يتمركزون في الأحراش الغربية للمدينة وكانوا يقاومون الاحتلال بأسلحتهم وعتادهم، إضافة إلى فرق جيش التحرير الوطني الفلسطيني وعدد من ابناء المدينة ممن تطوعوا في المقاومة، لافتًا إلى أن كافة مداخل المدينة الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية كانت مغلقة في وجه دبابات وآليات الإحتلال.
وسرد الحاج أبو ستة قصة آخر الشهداء المصريين الثلاثة في خانيونس موضحًا أنه كان متوجهًا إلى استلام تموين العائلة وشاهد الجنود وهم يقفون خلف مدفعية ويمطرون القوات الاسرائيلية بالقذائف تغطية لانسحاب القوات المصرية التي كانت تتجه جنوبًا تلبية لقرار الرئيس المصري بالانسحاب من غزة والتمركز في سيناء، وأوضح أنهم كانوا يتبادلون تناول القذائف ورش المدفع بالمياه لتبريده وتحريكه في باتجاهات مختلفة لإطلاقها، وسط متابعة من عدد من المواطنين الذين تجمهروا لمشاهدتهم أثناء تأديتهم للواجب الوطني.
وأضاف أبو ستة "قبل عودتي من مركز التموين وأنا أحمل السلة الغذائية، شاهدت الطيران الحربي الاسرائيلي يغير بالقذائف العشوائية، وإذا بالطائرة الأخيرة تنخفض عن السرب وتقصف المدفع بعدد من القذائف حتى تطايرت ألسنة اللهب من المكان وتصاعد الدخان وحدثت انفجارات أخرى تلت القصف، تبين لاحقًا أنها انفجارات لصناديق القذائف والذخيرة"، وتابع" شاهدت أحد الجنود ملقى على الأرض على بعد عدة أمتار من مكان المدفع، والناس تسارع إلى اسعافهم".
وأكد على أن عملية قصفهم سهلت على الدبابات الاسرائيلية مواصلة تقدمها إلى المدينة بعد أن فشلت في اقتحامها لمدة ستة أيام متواصلة، وهم يحملون "خدعة" الأعلام العربية على دباباتهم ومدرعاتهم، موثقًا أن العديد من مواطني المحافظة ارتقوا شهداء خلال خروجهم لاستقبالهم معتقدين أنهم آليات عسكرية للجيوش العربية التي شاركت في الدفاع عن فلسطين وتحريرها عام 1967.
وأوضح أن القصف مزق ملابسهم وحال دون التعرف على أسمائهم في مستشفى ناصر المركزي للمدينة، وأبقيت جثثهم في ثلاجة الموتى إلى أن تم التوافق على دفنهم في ضريح مشترك إلى جانب خمسة آخرين من الفلسطينيين لم يتم التعرف عليهم أيضا نتيجة القصف، داخل السور الشرقي للمستشفى، وكتب عليه ضريح "الفلسطينيين والمصريين الثمانية الذين استشهدوا في حرب حزيران/يونيو عام 1967.
وبيَّن أن الضريح بقيَ في مكانه إلى جانب الشارع الشرقي الذي يحد المستشفى بعد أن أقرت بلدية المدينة شق شارع من شارع البحر شمالًا إلى مجمع المقابر جنوبًا، مشيرًا إلى أنه تم تجديده عدة مرات، كان آخرها بعد إقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة، وعينت مصر حارسًا للقبور يعمل على رعايتها.
يُشار إلى أن عددًا كبيرًا من الجنود المصريين الذين استشهدوا في قطاع غزة ولم يتم التعرف على هوياتهم، أقيمت لهم نصب تذكارية، وأضرحة دون ذكر أسمائهم.