اياد عبادلة - النجاح الإخباري - تعد قلعة "برقوق" الواقعة في منتصف مدينة خانيونس إلى الجنوب من قطاع غزة، من أبرز الشواهد على استراحة المسافرين، الذين كانوا يعملون في التجارة بين العاصمة المصرية القاهرة ونظيرتها السورية دمشق، حيث أنشأنها الأمير يونس بن عبدالله النورزي الداودار بأمر من السلطان المملوكي "برقوق"، وسميت باسمه عام 1387م.

وبنيت القلعة على مساحة ستة عشر دونمًا، وتميزت بسورها الشاهق الذي يحيط بها على شكل مربع، طول كل ضلع من أضلاعه (85.5) مترًا، وتتخذ زواياه أربع نقاط رئيسة من البناء تشير كل زاوية إلى جهة من الجهات الأربعة، وتدعم  الزوايا أبراج دائرية ولا تزال بقايا البرج الجنوبي الغربي باقية إلى الآن، وتتألف من طابقين ومسجد للصلاة، حيث تعود تسميتها إلى تلك القلعة، فكلمة "خان" تعني "القلعة" أو "السوق" وهو الشق الأول من الإسم، أما الشق الثاني فهو "يونس" وهو اسم الأمير يونس الداودار الذي أشرف على بنائها.  

وهُدم جزء كبير من الخان بسبب الإهمال في عهد الإحتلال الإسرائيلي، الذي عمد إلى طمس الهوية الثقافية في المدن الفلسطينية، فيما يحتوي القسم الأمامي منه على الواجهة مع البوابة أو المدخل الرئيسي والمسجد ومئذنته، وتقع هذه الواجهة في الجانب الغربي ولا تزال الجدران وبعض الأبراج باقية ومنها برج يقع في الزاوية الجنوبية الغربية من القلعة.

ويعتبر المسجد جزءًا أساسيًا من القلعة ويقع على يسار البوابة الرئيسية ويتكون من طابقين، الأول عبارة عن غرفة مستطيلة الشكل، طولها عشرة أمتار وعرضها ثمانية أمتار، ويتكون سقفه من حجارة صغيرة غير منتظمة مثبتة جيدًا بالبلاط، ويحتوي المسجد على بوابتين، لكل  منها عتبة رخامية كما يوجد نص منقوش ومحفور في المبنى بين المدخلين، أما الطابق العلوي فيكاد يكون كله مهدمًا.

وتقع مئذنة المسجد على يمين البوابة الرئيسية بدرج يؤدي إليها، على نفس مستوى الجدار الذي يضم الفتحات والواقع على سطح القلعة، الذي يحتوي على فتحات لإطلاق القذائف، حيث توصف قاعدة المئذنة بأنها مربعة الشكل وعليها مبنى القسم الرئيسي من جسم المئذنة.

وأكد المؤرخ عبدالكريم عاشور، على أن الساحة الأمامية للقلعة شهدت أحداثاً كبيرة، منها مجزرة  خانيونس عام (1956) التي ارتكبها جنود الإحتلال الإسرائيلي، وراح ضحيتها العشرات من أهالي خان يونس.

وأوضح أنه في نهاية العصر المملوكي فقد الطريق التجاري أهميته بين فلسطين ومصر، بعد اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، مشيرًا إلى أن العثمانيين قاموا بتحويل وظيفة الخان إلى ثكنة عسكرية لحماية إمدادات الجيش التركي.

وأشار إلى أن الصرح التاريخي والحضاري كاد أن يتلاشى ويندحر إلى الأبد لولا تدخل القائمين على القلعة من أعيان ووجهاء المدينة، الذين ساهموا في الحفاظ على مقدرات التراث التاريخي.

ولفت إلى أنهم كانوا في عهد الأتراك والاحتلال حريصين على إعادة اعمارها وترميمها، مشيرًا إلى أنهم استدعوا عمال البناء خوفاً من الإنهيار والتلاشي نتيجة تصدع في أحد جوانب سورها الكبير .

وبيَّن أن القلعة مملوكة لعدة عائلات تمثل النسبة الأكبر فيها لعائلة الأغا، إضافة إلى عائلة الجبور والعبادلة، وأوضح أن ملكية هذه العائلات تعود للعهد العثماني، من خلال وثائق ومستندات رسمية، وأكد على أن الجزء الغربي الشمالي من القلعة مملوك لعائلة العبادلة والجزء الشمالي الشرقي لعائلة الجبور.

يُذكر أن قلعة برقوق تعرضت للإهمال بسبب عوامل التعرية وعدم الاهتمام من قبل حكم الأتراك، إضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي الذي تعمد طمس المعالم الثقافية والتراثية كافة، فضلًا عن أنها لم تلق الاهتمام من قبل الجهات الرسمية.