رويدا عامر - النجاح الإخباري - تتعدد الجنسيات التي تعيش في قطاع غزة كغيرها من المناطق العربية، ولعل الغريب في الأمر أن قطاع غزة له وضع خاص بكافة النواحي منها الاقتصادية والسياسية، فان استقرار أي مواطن يحمل جنسية أخرى يثير الاهتمام ويلفت الانتباه نحو حياته ومصدر دخله في غزة، هذا ما فعله صاحب مطعم "كشري النيل" أسامة حسن وكنيته أبو معاذ ويبلغ من العمر"55 عاما" من مدينة مصر، حيث جاء الى غزة بصحبة زوجته لكي يستقر فيها.
هجرته إلى ايطاليا
حسن كغيره من الشباب الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على وظيفة بعد حصولهم على شهادة البكالوريوس فقرر الهجرة للبحث عن مستقبله فكانت إيطاليا وجهته "استقريت في روما وعملت مساعد شيف لمطاعم تقدم البيتزا الايطالية، وبعد ثمانية سنوات أصبح لدي مطعمي الخاص بتقديم البيتزا الايطالية، ومن ثم امتلكت أربعة مطاعم تقدم هذا النوع من البيتزا بالإضافة الى المكرونة الايطالية والاطباق الايطالية المختلفة والمتعددة " هذا ما قاله حسن.
استقراره في غزة وافتتاح مطعم كشري
عشر سنوات من الهجرة كافية لتكوين نفسه، فقد قرر الاستقرار وأتخذ غزة موطناً له عند عائلة زوجته هاجر أبو جامع والتي تعيش عائلتها في قطاع غزة، أوضح ابو معاذ لـ"النجاح الإخباري" فكرة استقراره في غزة قائلاً " بعد 27 عاماً من الحياة في ايطاليا، طلبت زوجتي أن تزور أهلها في غزة، حينها لم يكن لدي خيار الا أن أكون معها، فتركت أولادي الثلاثة للدراسة وجئت الى غزة مع زوجتي وابنتي، ومن ثم فكرت بعمل مشروع خاص بي ليكون مصدر دخل خلال اقامتي في غزة، لذا طلبت من الجميع أن ينصحني ما هو المطعم المناسب الذي استطيع افتتاحه في غزة فكان الكشري ".
ويضيف قائلاً " أنا أبدع في عمل البيتزا الايطالية المميزة بطريقتها الأساسية، ولكن عدم افتتاحي لمطعم يقدمها يعود الى انعدام المواد الخام التي تستخدم في اعدادها من بينها "جبنة الموزيرلا"، لذا لا أستطيع أن أصنع وجبة بيتزا بدون المواد الأساسية وأقدمها على انها بيتزا ايطالية،لهذا الكشري كان أفضل خيار خصوصاً وأن أهل غزة لا يعرفون الكشري كثيراً الا من الافلام المصرية أو الأشخاص الذين زاروا مصر".
خلال ثلاث سنوات افتتح ثلاثة مطاعم للكشري والسبب المشترك كان الوضع الاقتصادي الصعب، حيث أوضح ذلك خلال حديثه قائلاً " بداية افتتاحي لمطعم كشري كان في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة قبل حرب عام 2014 بأشهر قليلة، وبعد انتهاء الحرب أصبح الوضع الاقتصادي صعب لهذا أغلقته وافتتحته في مكان آخر وسط مدينة غزة، استمر هناك سنتان ومن ثم أغلقته لأسباب اقتصادية أيضاً،الى حين افتتاحي للمطعم هذا قبل أشهرقليلة جداً ".
الاقبال على طبق الكشري
يعتبر الطبق الكشري أكلة شعبية مشهورة في مصر، فلا بد لأي شخص يزور مصر أن يأكل هذا الطبق الذي يقدر ثمنه بجنيهات قليلة، هذا لا يعني أن الكثير من المواطنين في قطاع غزة لا يعرفون ماهو الكشري؟ وماهي مكوناته؟ بل يعتقدون أنه يشبه بمكوناته بشكل كامل طبق "المجدرة الفلسطينية" التي تتكون من عدس وارز وبصل.
ولكن الكشري مختلف تماما عن المجدرة، حيث أشار ابو معاذ الى ذلك قائلاً " الاقبال على المطعم مختلف فبعض الزبائن يأتي الى هنا لكي يعرف مما يتكون طبق الكشري، فعندما أخبره بأنه مكون من "أرز مع الشعيرية والمعكرونة وبصل وشطة وصلصة"، يطلب الزبونأن يجربها ومن ثم يعود مرة ثانية مع أصحابه وهكذا ينتشر وجود طبق الكشري في غزة "
ويستكمل حديثه قائلاً " أما الزبائن الأساسيين للمطعم هم من زاروا مصر ودرسوا فيها يكونوا على علم جيد بطبق الكشري، فيأتي الى المطعم بشكل مستمر لكي يتناول هذا الطبق الذي يذكره بالأيام التي عاشها في مصر، مع العلم ان مطاعم الكشري هناك كثيرة جداً ولكن قليل من يقدم طبق كشري مميز، وهذا ما افعله هنا في غزة أقدم الطبق الكشري بمكوناته الأساسية الجيدة واللذيذة ".
حياته الجديدة في غزة
أشار ابو معاذ خلال حديثه الى أنه عاش حياته كلها خارج مصر، فلم يكون له علاقات كثير في مصر، لذا يعتبر غزة بلده أما مصر يزورها من أجل عائلته المتواجدة هناك ذاكراً " تعودت على حياة الغربة فأنا أعتبر غزة هي بلدي الأساسية ومصر بلدي الثاني، تكون زيارتي لها من أجل الأهل ومن ثم أعود الى حياتي في غزة، ووجودي هنا مرتبط بوجود زوجتي فاذا طلبت الاستقرار من الطبيعي أن يكون استقراري في غزة بشكل دائم ".
ويضيف قائلاً " بالنسبة لي السفر سهل جداً بخلاف المواطن الغزي الذي يعاني من قلة فرص السفر والخروج من غزة، لذا اشعر براحة نفسية في غزة على الرغم من المعاناة وقلة أساسيات الحياة هنا الا أن التمكن من السفر بين الحين والآخر الى مصر وايطاليا من أجل الاطمئنان على اولادي يريح نفسيتي كثيرا".
وذكر أبو معاذ أنه يعاني أيضاً من الحصار، الذي يقلل وجود غاز الطهي والمواد الخام الضرورية لعمل الكشري مثل الارز المصري والبصل الجيد، ويشير الى أن البصل البلدي الموجود في غزة صعب استخدامه ولا يناسبه في الكشري، لذا يجبر على استخدام البصل المستورد من اسرائيل ويقول أنه مقاطع للمنتجات الإسرائيلية بشكل كامل.
يُذكر أن سعر وجبة الكشري تختلف حسب الحجم وهي في متناول جميع فئات الشعب الفلسطيني من 3 إلى 7 شيقل، فهي أغلى سعر من مصر التي تباع هناك ب 5 جنيهات، أي أن سعرها في غزة أضعاف كثيرة وهذا بسبب فرق العملات بين كلا البلدين والذي يعود الى الوضع الاقتصادي وارتفاع الاسعار ووجود عشرات الآلاف من باعة الكشري في مصر.