همسه التايه - النجاح الإخباري - لم تكن المعاناة التي تجرّعتها الحاجة "وصفية عثمان"(69) عاماً من مخيم طولكرم منذ نعومة أظفارها، سوى حافزاً لها للإنطلاقِ مجدداً نحو الحياة، لتثبت للجميع أنها قادرة على التعلم والتزود بالمعرفة رغم بلوغها من السن عتيا.
وحاولت الحاجة عثمان السعي جاهدة لإيجاد برنامج تعليم لـ"محو الأمية" في مخيم طولكرم، تستطيع من خلاله هي من لم يحالفهن الحظ بالتعليم من النساء تحقيق حلمهن بالإنضمام له، رغم الصعوبات والتحديات التي قد تواجههن نظراً لتقدم اعمارهن بالإضافة إلى نظرة المجتمع لهن.
واستطاعت الحاجة عثمان بإرادتها التي لا تلين إقناع القائمين على المركز النسوي في مخيم طولكرم بأهميةِ وجود برنامج محو الأمية، لزيادة وعيهن وقضاء أوقات فراغهن في الدراسة وقراءة القرآن.
بالنسبة للحاجة عثمان كان إلتحاقها في برنامج محو الأمية عبارة عن حلم راودها لسنوات طويلة، من أجل التعلم والتثقيف وزيادة وعيها، يقينا منها أن "العلم نور والجهل ظلام".
وأكدت الحاجة عثمان لـ"النجاح الإخباري" على أنها من النشيطات في الفصل الدراسي المواظبات على أداء واجباتهن المدرسية والتفاعل في الصف الدراسي، مشيرة إلى أنه لم يفت الأوان للتعلم وأن السنوات كفيلة بإثبات قدرتها على الوصول بأحلامها نحو واقع أفضل.
وقالت: "بعد التزود بالعلم تتغير نظرة الشخص للحياة حيث يصبح أكثر قدرة على التعبير عن ذاته حتى وإن تقدم به العمر". مشيرة إلى أنها تحاول قراءة كل ما يمر أمام عينيها سواء على التلفزيون أو الجرائد أو آرمات الشوارع.
ورغم النجاح الذي حققته الحاجة عثمان، إلا أن الدافع الأساسي والذي منحها الثقة الأكبر لمواصلة رسالتها التعليمية، هو إصرار نجلتها الأربعينية "كلزار" والتي تعاني من إعاقة "صم وبكم" من مرافقتها في دروسها والتعلم معها.
وحول ذلك تقول الحاجة عثمان:" أشعر بالفخر بأنني ونجلتي "كلزار" نثابر ونجتهد من أجل التعلم، حيث نضطر إلى الإستيقاظ باكرا وتحضير حقائبنا المدرسية ومراجعة دروسنا بسرعة قبل الإنطلاق للمركز النسوي.
وأضافت:" أساعد نجلتي في كثير من الأحيان في الدراسة، خاصة وأن وضعها الصحي يحتاج إلى أسلوب دراسة وأجواء خاصة بها، مؤكدة أن رسالتها وابنتها لن تتوقف عند حد معين وسيواصلن تعليمهن حتى الرمق الأخير.
ودعت الحاجة عثمان كافة المسؤولين والجهات المعنية الى تبني برامج مكثفة لتعليم محو الأمية وتحديداً فئة كبار السن وإيلائهم الإهتمام الكافي والعمل على فتح شعبة في كل مدرسة وتعيين معلم لتدريس محو الأمية.
"رنا الخولي" مسؤولة المركز النسوي في مخيم طولكرم، أثنت على مثابرة الحاجة وصفية ونجلتها التي إستطاعت رغم تقدم عمرها تحدي إعاقتها، مؤكدة أن النجاح الذي حققته الحاجة وصفية يعتبر إنجازاً يضاف إلى سلسلة نجاحات المرأة الفلسطينية والتي أثبتت قدرتها على التفوق والتميز رغم قسوة الظروف.
وأشارت الخولي إلى أن الحاجة وصفية عثمان هي واحدة من بين ست نساء إستطعن الإلتحاق ببرنامج محو الأمية رغم الإحتياجات اللاتي يفتقدنها في المركز كمقاعد للدراسة والكتب الدراسية والقرطاسية.
وأكدت أن الحاجة وصفية هي نموذج للإصرار على البقاء وتحدي المعيقات كافة، وبث روح التفاؤل والأمل في نفوس السيدات اللواتي يتلقين تعليمهن في برنامج محو الأمية، مشيرة إلى أنها كانت وستبقى نموذجاً يفتخر به في البقاء والإصرار على الحياة.