يافا أبو عكر - النجاح الإخباري - عاش قطاع غزة خلال السنوات الماضية، ثلاثة حروب مدمرة، فتشردت على اثرها العديد من العائلات التي هدمت بيوتها. ورغم ذلك بذلت الحكومة الفلسطينية عبر لجنة إعادة "الإعمار" جهوداً جمة لمساعدة من فقدوا مساكنهم وذلك رغم قلة الإمكانيات والدعم. 

اليوم تبدو مظاهر الإعمار واضحة المعالم في بلدة خزاعة شرق محافظة خان يونس، لكن ثلاثة كرفانات لا تزال عين شاهدة على ما حلَّ بالمكان من دمار وقتل، وهي تحكي أيضًا قصة معاناة النساء الغزيات عشية اليوم العالمي للمرأة والذي يصادف الثامن من شهر آذار/مارس من كل عام.

تجولت مراسلة "النجاح الإخباري" في المكان والتقت بزوجة المواطن علي رضوان التي تعيش في كرفان، هي وابناؤها السبعة، هي واحدة ممن يعانين ضنك عيش الكرفانات، وهو ما بدا واضحا من حديثها. 

فقد بدت على وجهها علامات القهر والخيبة وانقطاع الأمل ،معاناتها لا تنتهي صيف شتاء، وهي لا تزال في الكرفان نفسه حيث لازالت تنتظر الدفعات لإعادة  ما دمره الإحتلال في حربه الأخيرة على القطاع.

فصول المعاناة

استكملت حديثها لتستعرض فصلاًمن فصول المعاناة التي تعيشها قائلة: "في هذا الشتاء دخلت المياه المختلطة بمياه الصرف الصحي علينا مما أدى إلى إتلاف البيت واثاثه، كما  نعاني من الجرذان الصغيرة والكبيرة".

تمنت أن يتم صرف باقي الدفعات المخصصة لإعادة "الإعمار" عساها تتخلص من حياة الكرفان.

 معاناة تلك العائلات لا تقتصر على ضنك العيش في كرفانات خشبية أو حديدية مؤقتة فقط انما يغلفها الوجع والألم، فهنا كرفان ربما يشتعل وهناك اطفال ربما يموتون برداً.

ام ثائر النجار اعتقل زوجها وهدم بيتها لتصبح حبيسة كرفان حديدي، تتابع قصتها بمزيد من المرارة والوجع.

 

كابوس أسمه "كرفان"

"كنت أبدا يومي بسقي الورود والأشجار المزروعة حول بيتي  ثم أكمل مهامي كأي امرأة منذ هدم بيتي هدمت أحلامي وأحلام بناتي الصغيرات, أصبحنا نعيش في كابوس اسمه كرفان، ماهو الا سجن صغير!

وأشارت منسقة متابعة الدعم الدولي، "aid watch" حنين رزق السماك،  إلى أن المؤسسة تولي ملف لإعمار جلّ اهتمامها، من خلال المراقبة ومتابعة التعهدات المالية التي قطعتها الدول المانحة على نفسها في مؤتمر القاهرة لدعم عملية إعادة الإعمار.

رصد الإنتهاكات

وأوضحت أن المتابعة تُولي قضية النازحين خاصة سكان الكرفانات البالغ عددهم الآن (50) أسرة موزعة على مناطق مختلفة من القطاع، يعيشون أوضاعا غير إنسانية في غاية  الصعوبة نتيجة لتآكل "الكرفانات" وتعدد حوادث الحريق التي سجلتها المتابعة عدا عن الحوادث الأخرى.

وتابعت: "مهمتنا ترتكز على رصد الإنتهاكات التي تجري داخل البيوت المؤقتة التي لا تراعي  خصوصية ولا حقوق إنسانية، خاصة مع بدء فصل الصيف الذي تتفاقم معه معاناة النازحين، نتيجة تدهور الأوضاع الصحية والمتمثلة بضيق المكان وانعدام البيئة الصحية داخل الكرفانات التي أصبحت مكانا  لتكاثر الحشرات والقوارض والبعوض، عدا عن خطر الحيوانات التي تجوب المناطق المحيطة بالكرفانات".

وأوضحت أنه سُجلت العديد من الحوادث داخل الكرفانات التي تنوعت ما بين التماس الكهربائي، ووجود الأمراض الجلدية خاصة الحساسية، وقلة الخدمات المقدمة، منوهة إلى أن المسؤولين في غزة لم يهتموا لمعاناة النازحين، ولم تلق معاناتهم الإهتمام الكافي لحل مشكلاتهم، وخاصة فيما يتعلق بعدم استئجار بيوت مؤقتة من قبل الجهات المعنية.

ماذا تقول الحكومة؟

وأوضح وزير الأشغال العامة والإسكان "د. مفيد الحساينة"، أن الحكومة توصل بشكل دؤوب تنظيم عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وتوزيع المنح على أصحاب المنازل المدمّرة.

ولفت في تصريح خاص لـ"النجاح الإخباري"، إلى أن لجنة إعادة إعمار المنازل المدمّرة كلياً في القطاع شهدت تقدماً "نسبياً"، سيّما بعد البدء بتنفيذ المنحة الكويتية والمنحة القطرية. 

وذكر أن وزارة الأشغال العامة والإسكان بالتعاون مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أنهت حتّى اللحظة تقديم منح لنحو 37% من أصحاب المنازل المدمّرة بشكل كلّي.

وعبّر عن آماله في الإنتهاء من إعادة إعمار ما دمرّته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، مشترطاً استمرار الدعم المقدّم لمشاريع إعادة الإعمار، التي تواجهها الآن مشاكل عدم التزام بعض الدول المانحة للوعود المقدمة.

معاناة الأسر في غزة لا زالت مستمرة في انتظار  ايفاء الدوله المانحة بوعودها في مؤتمر القاهرة، الذي عقد بعد انتهاء الحرب الأخيرة على قطاع غزة في بداية شهر تموز/يوليو من العام 2014.