ايناس أحمد - النجاح الإخباري - ما بين بيوت الشعر و الصفيح، وحظائر الأغنام وألواح الطاقة الشمسية يلعب الاطفال حفاة، وتسرح هي في تفكيرها وعيونها ناظرة للشارع السريع الواصل بين القدس وأريحا، فيما يغلي إبريق على النار، وصلت عيناها القدس وهي واقفة بمكانها غير قادرة على اجتياز الحاجز، لتبيع ما صنعته من جبن ولبن كما في السابق، وأزعجها الذباب الذي يعتبر من أهل البيت عندما استراح على وجهها، ليقطع حبل تفكيرها الذي أوصلها لصحراء النقب بلحظة وأعادها للقدس وإلى خيمتها، وأعادها لتجمعها البدوي في الخان الأحمر.
يعيش بالتجمعات البدوية في الخان الأحمر حوالي الف وستمئة نسمة، تعاني من تضييقات الاحتلال ومستوطنيه المتكررة، كان اخرها تسليمهم أومر هدم لبيوت الصفيح والشعر التي تأويهم.
تعد قبيلة الجهالين من أكبر القبائل في التجمع البدوي في الخان الاحمر وجميع أفرادها تلقتوا أوامر هدم لخيامهم، أكثر من مئة وسبعين أمر هدم وزعت على أهالي التجمع، حتى المدرسة الوحيدة بالخان علق على أبوابها أمر هدم.
استيلاء على الأراضي:
صادرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أراض من عرب الجهالين عام 1977 لصالح بناء مستوطنة "معالي أدوميم"، وفي التسعينات صادرت الأراضي التي يقيمون عليها لصالح بناء مستوطنة "كيدار" ووضعت يدها على الأراضي المتبقية وسيطرت عليها أمنيا وإدارياً بتحويلها إلى منطقة ج.
بإمكانك الرحيل:
يتعرض الخان سكان الخان الأحمر لسرقات ومضايقات بهدف تهجيرهم عن الأرض، كان اخرها إرسال طائرة بدون طيار أقلعت من مستوطنة معالي ادوميم لتجمع الجهالين، كاشفة لحرمات البيوت، عدا عن إقامة الحفلات الصاخبة ما بين الخيام بساعات الليل المتأخرة وإلقاء زجاجات الخمور على ابوابها، وبهذا الصدد قال المتحدث باسم التاجمعات البدوية عيد جهالين: عندما اعترضا وابلغنا االدارة المدنية بأن المستوطنون يراقبونا و يكشفوا حرماتنا، أجبتنا الادارة اذا كان الوضع لا يعجبك فبامكانك الرحيل.
لا ترميم ولا توسيع ولا بناء:
يتبع الاحتلال سياسية تهجيرية وترحيلية لإجلاء السكان عن الأرض، حيث يُمنع سكان التجمعات من بناء أي منشأة جديدة ومن توسيع المقام منها ولا ترميمها، سليمان داهوك أضاف "عريشة" أمام خيمته ليستظل بها بالصيف، فهدمت قوات الاحتلال المنزل بأكمله، فأعاد بناءه وتسلم أمر هدم جديد.
وتفرض سلطات الاحتلال على كل من يقوم بأي عملية بناء أو ترميم العودة من حيث أتى، معتبرة إياه لا ينتمي لعرب، مستغلة بذلك عدم حيازة البدو على طابو أرض ولا رخصة بناء ولا حتى تصريح إقامة.
الهدم مستمر:
هدمت قوات الاحتلال في عام 1997 المئات من بيوت الشعر في الخان الاحمر، ويقول المواطن أبو خميس جهالين: "هدم بيتي بالـ97 ولم تكتفي القوات بانها جردتني من بيتي بل قامت بوضع ردم من التراب فوق البيت لكي لا أُعيد بناءه أو استخدام ما تبقى منه، واحتميت وأطفالي بأغطية من الجيران حينها، وأعدت بناء خيمتي واليوم بعد عشرون عاماُ تلقيت أمر هدم اخر".
تهجير عن الأرض:
يقول عيد جهالين، عرضوا علينا بإن نرحل من التجمعات إلى النعويمة بأريحا وتعويضنا بمبالغ مالية تصل للمليون ولكننا رفضنا، أخرجوا أجدادنا من النقب لكن لن يستطيعوا إخراجنا من الخان ولن نترك القدس.
وشدد قائلا: " انا بدوي و لا اعرف كيف اعيش إلا بخيمة، وسأبقى هنا حتى لو تلقيت مئة أمر هدم، وهم يعلموا بأننا لا نملك المال لاستئناف حكم أمر الهدم".
أوامر الهدم:
تقول أمل داهوك:" عندما تسلمت أمر الهدم لخيمتي، صدمت وأصبحت أفكر بحالنا بعد تنفيذ الهدم، وسألت من سلمني الأمر، هل فعلاً سيتم الهدم؟ فرد علي: هذه الأرض ليست لكِ!!
زأضافت متسائلة اذا أرادوا هدم تجمع الجهالين والتجمعات الأخرى أين سنذهب بحالنا؟
المدرسة على أبواب الهدم:
كون المدرسة بنيت على أراضي (ج) فإنها تخضع ميدانياً وامنياً للإدارة المدنية الإسرائيلية التي تمنع إقامة بناء جديد بحجة البناء دون ترخيص والبناء على أرض دولة لأن الأرض غير مسجلة بالطابو، والمدرسة التي تضم 170 طالباً تقف على باب الانهيار.
بيت من الشعر والصفيح ورأسين من الماشية هي كل ما يملكه البدوي الذي يتحدى بصدره العاري الاحتلال معلناً ثباته وصموده بالدفاع عن خيمةٍ تكاد ان تنهال على رأسه شتاءاً، لكنه يراها أملا بالوصول الى القدس، فإن لم يصلها وقف على باب خيمته و رآها.