وكالات - النجاح الإخباري - أحيت جامعة الدول العربية، اليوم الإثنين، الذكرى الـ75 للنكبة، ويوم الأسير، بحضور عدد من ممثلي الدول الأعضاء بالجامعة والسفراء العرب والأجانب المعتمدين لدى مصر، وعدد من الشخصيات الرسمية ورؤساء البعثات العربية والمنظمات الدولية.
وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط "إننا نحيي اليوم الذكرى الـ75 للنكبة، هذه الذكرى الأليمة للشعب الفلسطيني، بل وللأمّة العربية ولجميع أحرار العالم، التي تُعيد التذكير بالمأساة الفظيعة التي حلّت بالشعب الفلسطيني جراء إحتلال أرضه وتهجيره ظلماً وعدواناً وإرهاباً بارتكاب سلسلة من الجرائم والمجازر البشعة".
وأضاف أبو الغيط، في كلمته التي ألقاها الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة بالجامعة العربية سعيد أبو علي، "إنه في مثل هذه الأيام من عام 1948 شهد العالم واحدة من أبشع وأفظع المآسي التي تتعرّض لها الإنسانية، حيث تم تشريد أكثر من 800 ألف فلسطيني من قُراهم ومُدُنِهم وتم تدمير 531 بلدة وقرية بالكامل، مع ارتكاب جرائم التطهير العرقي باقتراف العصابات الصهيونية لأكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، أدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال تلك الفترة، فيما بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين والعرب منذ النكبة عام 1948 وحتى اليوم نحو 100 ألف شهيد جرّاء استمرار هذه النكبة وتتابع حلقاتها حتى يومنا الحاضر باستمرار الاحتلال الذي بدأ في عام 1967 وما يرتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني عبر الإستيطان وسلب الأرض والموارد واقتلاع السكّان وتهجيرهم، وتدمير كافة مناحي حياة الشعب الفلسطيني، في محاولة بائسة للنيل من عزيمته وإصراره على انتزاع حقوقه وحريته".
وقال إن "المجتمع الدولي يضطلع بمسؤولية كبيرة في ضرورة التصدي للتوجهات بالغة التطرف لحكومة اليمين الإسرائيلي، التي لا تُضيّع فرصة من أجل إشعال الموقف، وتأجيج المشاعر، ودفع الأمور إلى حافة الهاوية في الأراضي المحتلة، وترفض حل الدولتين وتعمل على تقويضه عبر مشاريعها الاستيطانية واقتحامات المسجد الأقصى المبارك والسعي إلى تقسيمه زمانياً ومكانياً، ويتعين على كافة القوى المحبة للسلام الوقوف صفاً واحداً لوضع حد لهذه النزعات المتطرفة والممارسات الخطيرة لحكومة الاحتلال".
وأكد "أن الجرائم التي ارتُكبت وما زالت، لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن، ويتعين تفعيل آليات العدالة الدولية في مُلاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم وتقديمهم للمُحاسبة، وهنا تقع المسؤولية على المحكمة الجنائية الدولية في ضرورة الإسراع بإجراءاتها لتحقيق هذه الغاية وإنهاء مرحلة الإفلات من العقاب، كما نؤكد على وجوب تحمّل المُجتمع الدولي وهيئاته ومُنظماته وفي مُقدمتها مجلس الأمن، لمسؤولياته الكاملة في مُتابعة وتطبيق قراراته، وإنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
من جانبه، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة اللاجئين أحمد أبو هولي إن إحياء الذكرى الـ75 للنكبة يحمل رسالة تأكيد أن الجامعة العربية ستبقى الحاضنة العربية لحماية حقوق الشعب الفلسطيني والدفاع عنها وعلى رأسها حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وإطلاق سراح أسرانا من سجون الإحتلال الإسرائيلي.
وأكد أبو هولي، في كلمة فلسطين، أن هذه الذكرى أقرت بالأمم المتحدة في انتصار سياسي ودبلوماسي فلسطيني وعربي، مشيرا إلى أن إحيائها في قاعة الجمعية العامة لأول مرة على مدار سبعة عقود ونصف يشكل اعترافاً من الأمم المتحدة بالنكبة والمأساة الفلسطينية التي حلت بالشعب الفلسطيني في عام 1948، وإقراراً بالرواية الفلسطينية القائمة على الحق أن الفلسطيني منذ الأزل هو صاحب هذه الأرض وأن اليهود المحتلين عابرون، وأن نضال شعبنا مستمر حتى استرداد حقوقه المشروعة.
وقال أبو هولي: "لقد مر 75 عاما على النكبة وما زالت المأساة الفلسطينية متواصلة وما زال شعبنا يتطلع للعودة إلى دياره وإلى مدنه وقراه، ليأخذ مكانته بين الأمم كباقي شعوب الأرض، ولا يزال الحل العادل للقضية الفلسطينية بعيداً، نتيجة إصرار إسرائيل منذ نشأتها على رفض الانصياع لقرارات الشرعية الدولية التي شكل بعضها أساسا وشرطا لقيامها ولاعتراف المجتمع الدولي بها، والاستمرار في سياساتها القائمة على فرض شرعية الأمر الواقع بديلا للشرعية الدولية، وتنصلها من مسؤولياتها التاريخية إزاء المأساة الفلسطينية وتنكرها للوجود الفلسطيني عبر تصريحات قادتها الفاشيين أمثال بن غفير وسموتريتش، ورفضها الاعتراف بحق العودة والاستمرار في جرائمها العنصرية من خلال هدم المنازل وبناء المستوطنات والاستيلاء على الأراضي، وتهويد القدس، والسعي إلى تمرير مخططهم بفرض التقسيم الزماني والمكاني".
وطالب الدول العربية والشقيقة والدول الإسلامية في هذه الظروف الصعبة مواصلة حشد الدعم الدولي لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، ومساندة نضال شعبنا ومقاومته الشعبية الباسلة، ودعم وكالة الغوث الدولية مالياً لتمكينها من التغلب على أزمتها المالية المركبة، لضمان استمرار خدماتها والحفاظ عليها لما تمثله من تجسيد للمسؤولية الدولية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وشاهدا حيا على النكبة والمأساة الخاصة بالقضية الفلسطينية .
من جانبه، طالب رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر بضرورة إبقاء قضية الأسرى والمعتقلين على أجندة الجامعة العربية، ومنحها الاهتمام الذي تستحقه، والمساهمة في تطوير توثيق الانتهاكات والجرائم الخاصة بهم، والعمل مع كل الأطراف المعنية لتوفير الحماية للأسرى والمعتقلين من البطش والظلم الاسرائيلي.
وأكد أبو بكر، في كلمته، ضرورة المساهمة في تدويل قضية الأسرى والمعتقلين، والتعريف بها في العالم أجمع، بهدف تشكيل حاضنة داعمة ومساندة لهم، ولقضاياهم العادلة في ظل التصعيد الإسرائيلي الخطير.
وطالب بعقد مؤتمر دولي برعاية جامعة الدول العربية على غرار مؤتمر جمهورية العراق عام 2012، وخلق ضغط على المؤسسات الدولية، لتحمل مسؤولياتها الاخلاقية والانسانية والقانونية والإرتقاء بدورها للعمل الفعلي.
وطالب أبو بكر بالمساهمة الإعلامية في إصدار مطبوعات ودراسات وأفلام وانتاجات مرئية، ومنحها مساحة أوسع في الإعلام العربي للتأثير على الرأي العام بما يخدم قضية أسرانا، وضرورة تشكيل لجنة من الخبراء والمختصين العرب، لدعم حقوق الأسرى وتعزيز مكانتهم القانونية كمناضلي حرية، وبحث سبل دعمهم عبر الآليات والأجسام الدولية المتاحة.
كما طالب بضرورة تناول قضية الأسرى والمعتقلين في الجامعات العربية ضمن مشاريع التخرج وبحوث الدراسات العليا، وإدراجها ضمن الأنشطة اللامنهجية خاصة في المناسبات الوطنية والعربية ذات الصلة بفلسطين، وتخصيص منح دراسية في الجامعات العربية خاصة للأسرى المحررين وأبنائهم، وبتفعيل صندوق الأسرى الذي أقر بمؤتمر جامعة الدول العربية بالعراق، وقد ساهمت به جمهورية العراق الشقيقة بمليوني دولار، خصصت لمشاريع إنتاجية للاسرى المحررين.
كذلك، طالب أبو بكر طالب بتخصيص منح دراسية في الجامعات العربية خاصة للأسرى المحررين وأبنائهم، مؤكدا ضرورة تفعيل صندوق الأسرى الذي أقر في مؤتمر جامعة الدول العربية بالعراق، وقد ساهمت به جمهورية العراق بمليوني دولار خصصت لمشاريع إنتاجية للأسرى المحررين، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع.
وأكد أن الاحتلال اعتقل منذ عام 1967 أكثر من مليون فلسطيني، ولا يزال نحو 4900 فلسطيني محتجزين في 23 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، وجميعها باستثناء سجن "عوفر" تقع في الأراضي المحتلة عام 1948، بينهم 31 فتاة وامرأة، و160 طفلا وما يقارب من 1000 معتقل إداري وما يزيد عن 700 أسير يعانون أمراضا مختلفة، بينهم 24 مريضا بالسرطان، وأخطرهم اليوم حالة الأسيرين وليد دقة المعتقل منذ أكثر من 37 عاماً، وعاصف الرفاعي الذي ما زال موقوفاً، ويوجد 554 أسيرا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد مدى الحياة، بالإضافة إلى كبار بالسن.
وقال أبو بكر إن الأسرى الفلسطينيين يتعرضون لجرائم منظمة، وتحارب نفسياتهم ومحتواهم الداخلي، ويحرمون من أبسط حقوقهم اليومية ويحاربون بالحرمان من الماء والغذاء، ويتركون فريسة للأمراض المتسللة إلى أجسادهم بجرائم طبية، ويتم التضييق على أسرهم واستهداف بيوتهم والاستيلاء على ممتلكاتهم، وتعمد إذلالهم خلال زيارة أبنائهم.
من جانبه، قال مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير محمد عرفي إن إحياء ذكرى النكبة ويوم الأسير الفلسطيني بالجامعة العربية في غاية الأهمية، "فحقيقة الأمر أن القضية الفلسطينية هي قضية الفطرة السوية التي جبل عليها عموم البشر، قضية الشرف والأخلاق، قضية رفض الظلم والضيم واستلاب الإنسان لحق أخيه الإنسان"
كما أكد سفير الأردن لدى مصر، مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية أمجد العضايلة، أن إحياء ذكرى النكبة يقدّم الدليل اليقين على مظلمة الشعب الفلسطيني وتمسّكه بحقه وبقاء قضيته العادلة حيّةً تتربع على رأس القضايا الدولية، والقضية المركزية للأمتين العربية والإسلامية، التي لا تنازل عن حلِها حلاً عادلاً وشاملا، ينهي الاحتلال ويلغي الفصل العنصري ويوقف الاستيطان ويعيد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وعدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة.
بدوره، أكد سفير الجزائر لدى مصر، مندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية حميد شبيرة تضامن بلاده المطلق مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، مطالبا المجتمع الدولي بتفعيل الآليات الدولية لحماية الأسرى والحفاظ على حقوقهم وفقا للاتفاقيات والمعاهدات ذات الصلة أمام الإنتهاكات الخطيرة لقوات الإحتلال في حقهم.
كما أكدت ممثلة مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في القاهرة سحر الجبوري، أن الوكالة ملتزمة بتقديم الخدمات للاجئين، لكن أوضاع اللاجئين المسجلين لديها تزداد سوءا في جميع مناطق العمليات الخمس، فهناك مليون لاجئ يعيشون على المعونة الغذائية ويعيشون تحت الاحتلال وويلات الحرب المتكررة.
وتخلل الفعالية تقديم شهادات حية من عدد من أهالي الأسرى حول ظروف اعتقالهم، وما يتعرضون له من ممارسات وتعذيب وحشي لا إنساني خلال اعتقالهم واستجوابهم، وسياسات الإهمال الطبي المتعمد، والحرمان من الزيارات والغذاء والدواء.