النجاح الإخباري - قال رئيس الوزراء د.رامي الحمد الله: "ندرك أن صمام الأمان ومفتاح النجاح هو بصون وحدة الوطن ومنع تشتت هويته، لهذا نتطلع إلى الانتقال بعملنا المؤسسي والحكومي بكافة مكوناته إلى قطاع غزة، وهذا لا يتطلب تأخيرا، والتمكين الفاعل والشامل للحكومة بحيث تضطلع بمسؤولياتها في كافة مناحي الحياة وبلا أية استثناءات".
وجدد خلال كلمته في افتتاح مؤتمر النيابة العامة الثامن، اليوم الخميس، في مدينة بيت لحم، مطالبة الحكومة لحركة حماس بالتحلي بروح المسؤولية الوطنية، وتجنيب أهلنا في قطاع غزة المزيد من ويلات وتداعيات الانقسام المرير، وتسليم الحكومة كل المسؤوليات الأمنية والمالية والقانونية والإدارية، بحيث تنتهي إلى غير رجعة، سلطة الأمر الواقع التي فرضتها حماس، ونكرس وحدة وطنية فاعلة تنتشل شعبنا في غزة من معاناته المتفاقمة والممتدة عبر سنوات الانقسام والحصار".
وتابع الحمد الله: "لقد أكدنا مرارا أننا لن نتخلى عن أهلنا في قطاع غزة ولا عن واجباتنا ومسؤولياتنا في إنقاذ القطاع من الكارثة الإنسانية التي تتهدده، وقد نجحنا في إطار مؤتمر المانحين الذي عقد أول أمس في بروكسيل بجمع (565 مليون دولار) لاستكمال الدعم المالي لأضخم مشروع مائي في فلسطين، لصالح برنامج المحطة المركزية لتحلية مياه البحر، التي هي طوق النجاة لمليوني مواطن في غزة تحاصرهم إسرائيل بعقوباتها الجماعية، وبحصار جائر وظالم يصادر منها الحياة ويتركها فريسة للتلوث والمرض والفقر".
وأضاف رئيس الوزراء: "يشرفني أن أتواجد اليوم بين هذا الحضور المؤثر والملهم من كافة مكونات قطاعي العدالة والأمن، ومع الأفاضل ممثلي الدول الصديقة والمؤسسات المانحة، ممثلا عن الرئيس محمود عباس، لنفتتح معا أعمال مؤتمر النيابة العامة الثامن، هذا المؤتمر الحيوي الذي يزخر بمواضيع ومداولات مهمة ترفد عملنا الدؤوب في إرساء ركائز دولة الحق والمؤسسات وترسيخ مبادئ الحكم الصالح الرشيد".
وتابع: "أنقل لكم جميعا مباركة الرئيس لكافة الجهود التي تبذل لتكريس أولوية سيادة القانون والنظام العام، واجتثاث الفوضى والجريمة والفساد، اليوم تلتقي خبراتكم في المجال القضائي والقانوني والعدلي، لتعزيز دور النيابة العامة في حماية حقوق المواطن وتكريس أمنه وسلامته وكرامته".
وبيّن الحمد الله: "مصرون وماضون في معالجة كل ما يعانيه شعبنا ومجتمعنا، والتقدم نحو مرحلة متقدمة من البناء والمأسسة، نتمكن فيها من تعزيز صمود مشروعنا الوطني، كي تصبح دولتنا القوية ومؤسساتها الفاعلة منيعة في وجه كافة التحديات والممارسات والقيود الاحتلالية، وهذا لن يتحقق دون خطوات حقيقية راسخة في قطاع العدل، الذي يعتبر أبرز مقومات النظام السياسي الديمقراطي الذي ننشد ويستحقه شعبنا".
وأردف: "واظبت النيابة العامة على عقد هذا المؤتمر، دليلا على اهتمامها بمواكبة التطورات وسعيها الدائم إلى المزيد من التوسع والتطوير والتصويب لتكون كما نريدها حارسة العدالة والممثل القانوني للمجتمع، ونتمنى أن تخرج توصياته لتتكامل مع طريق طويل بدأناه منذ أعوام لتكريس العدالة وسيادة القانون واستقلال القضاء".
ورأى الحمد الله أن لقاء اليوم جاء في ظل ظروف استثنائية وبالغة الخطورة تعصف بقضيتنا الوطنية وبوحدتنا وتتهدد وجودنا وهويتنا وتاريخنا، إذ تتوسع إسرائيل في انتهاكاتها المتواصلة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتواصل الاعتداء على المواطن الفلسطيني وعلى ممتلكاته ومقدراته، في محاولة لاقتلاع مقومات ثباته في أرضه وتصفية وتشتيت قضيته من خلال سرقة ومصادرة المزيد من الأرض والموارد، وبناء المستوطنات وتشريع القوانين العنصرية وهدم البيوت والمنشآت، خاصة في القدس ومحيطها، وفي الأغوار وسائر المناطق المسماة (ج).
وقال: "لقد دفعت الإدارة الأميركية، بقراراتها الأحادية غير القانونية حول القدس وبابتزازها لشعبنا وقطع المساعدات عنه، المنطقة إلى المزيد من العنف والصراع، وأطلقت العنان لإسرائيل لتتمادى في تكريسها احتلالها العسكري على أرضنا".
وأضاف: "عملت مؤسسات دولتنا في خضم كل هذه التحديات، وأردنا لأجندة السياسات الوطنية أن تكون بوصلة العمل الحكومي تحت أعتى الصعاب، لنضع أمن وسلامة المواطن أولا، ونفرد تدخلاتنا لتوفير مقومات الصمود والتنمية والإصلاح، وتعزيز استجابة المؤسسات العامة لاحتياجات وتطلعات أبناء شعبنا في كل مكان، وضمان وصولهم للعدالة".
وأردف: "لقد كنا وما نزال نؤمن أن الأساس لكل هذه الجهود هو بتطبيق القانون وبسط الأمن والأمان، فالتقاعس أو التراجع في تطبيق القانون لا يؤدي فقط إلى ضياع الحقوق وإضعاف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة بل ويشتت قضيتنا وإنجازاتنا الوطنية، لهذا فإننا اليوم نتشارك مهمة واحدة موحدة، هي حماية المواطن الفلسطيني وتثبيته وتحسين ظروف حياته ومده بمقومات صموده".
واستطرد الحمد الله: "إننا ننظر إلى قطاع العدالة بوصفها أهم ركائز الدولة والمحرك لاستقرارها ونمائها، ولهذا تابعنا العمل، بتعليمات ومتابعة من فخامة الرئيس، لتطوير المنظومة القضائية وتحقيق مبدأ سيادة القانون الذي لن يتحقق إلا بجهاز قضائي فاعل ومستقل، ومؤسسة أمنية موحدة قوية تنحاز للمصلحة الوطنية العليا، وفي هذا الإطار، تم تشكيل اللجنة الوطنية لتطوير قطاع العدالة لتذليل الإشكاليات التي تواجه القضاة واعضاء النيابة العامة، وخلال الأسابيع القادمة ستقدم اللجنة رؤيتها في هذا الشأن".
واستدرك رئيس الوزراء: "في صلب هذه الجهود، كانت النيابة العامة الفلسطينية تحقق الانجازات للحفاظ على الأمن ومحاربة الجريمة واجتثاثها والتحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها، حيث تم انجاز ما نسبته 89% من مجموع القضايا الواردة والمدورة خلال العام الماضي، إضافة إلى تحسين الأداء وتعزيز التخصص في العمل بإنشاء نيابات متخصصة والعمل على رفع كفاءة أعضاء النيابة العامة المكلفين بالتحقيق والترافع في القضايا المتخصصة، وقد كان لانضمام فلسطين لمنظمة الشرطة الدولية (الانتربول) عظيم الأثر في محاربة الجريمة الدولية وملاحقة مرتكبيها، وتحسين التعاون الشرطي والدولي، كما وتبذل الجهود حاليا نحو إنشاء نيابات ومحكمة اقتصادية متخصصة لمعالجة القضايا ذات الطابع الاقتصادي والتجاري، كخطوة هامة لحماية المواطن وصون اقتصادنا الوطني".
وقال: "لنا أن نفخر بما تحقق من إنجازات، ولكن علينا أن نعمل نحو المزيد، فالنيابة العامة ومعها المحاكم، تحميان القانون من أي تعد أو تجاوز أو خلل يقع من المواطن أو من الدولة على حد سواء، ونحن ندرك تماما أن أي انجاز يتحقق في دور وفعالية النيابة العامة، هو تطوير وتمكين للسلطة القضائية ككل، وإرساء لمبادئ العدل والشفافية والمساواة التي نسعى لتكريسها في دولتنا".
وأضاف: "نؤكد أمامكم أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة التي نبنيها ونهيئها، ولأحكام هذا القانون، يخضع جميع الأفراد مثلما تخضع لها الدولة بكافة أجهزتها وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، كلي ثقة بأن مؤتمر النيابة، بكافة الخبرات والعقول والتجارب المنضوية في إطاره، سيكون مفصلا مهما في هذه الجهود ومكملا لها".
وحضر المؤتمر كل من: النائب العام المستشار أحمد براك، ورئيس القضاء الأعلى المستشار عماد سليم، ووزير العدل علي أبو دياك، ومستشار الرئيس للشؤون القانونية حسن العوري، ورئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة، وعدد من الوزراء والمحافظين وأعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، والقضاة ورجال دين، ومدراء المؤسسة الأمنية، وعدد من ممثلي الدول والمنظمات والوكالات الدولية.