النجاح الإخباري - شدد مجلس الوزراء، خلال جلسته الأسبوعية برئاسة رامي الحمد الله، في مدينة رام الله اليوم الثلاثاء، على أهمية التحركات التي يقوم بها الرئيس محمود عباس، معتبراً أن ما ورد في خطابه خلال اجتماعه مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، هو الطريق الوحيد للوصول إلى السلام، وذلك من خلال المفاوضات، بإشراف ومرجعية دولية، ومؤكداً أن الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء الذين يساهمون في بناء مؤسسات دولة فلسطين.
وأعرب المجلس عن ترحيبه بعزم سلوفينيا بحث إجراءاتها فيما يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطين، واتخاذ قرارها النهائي خلال الأسابيع المقبلة بهذا الصدد، وجدد دعوته لدول الاتحاد الأوروبي كافة، وخاصة فرنسا، وإيرلندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، بضرورة الإسراع بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، حيث أشاد المجلس بدعوة وزير خارجية لوكسمبورغ إلى تشكيل جسم أوروبي مكون من مجموعة دول تعترف بدولة بفلسطين، وعبّر المجلس عن امتنانه لهذه المواقف الشجاعة والمتماشية مع القانون الدولي.
ورفض المجلس ما ورد في خطاب نائب الرئيس الأميركي مايك بينس أمام الكنيست الإسرائيلية، بشأن نقل السفارة الأميركية إلى القدس قبل نهاية العام المقبل، وذلك بعد إعلان الرئيس دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وشدد المجلس على أن الولايات المتحدة ما تزال مصرة على الوقوف مع الجانب الخاطئ من التاريخ، وخرق قواعد القانون والاجماع الدولي.
وأكد المجلس أن حقوقنا الوطنية الفلسطينية هي حقوق ثابتة ومشروعة، وأن الكل الفلسطيني مطالب، في هذه المرحلة الفارقة والخطيرة، بالمزيد من الوحدة والالتفاف حول قيادتنا الشرعية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس في موقفها الحازم والحاسم بالحفاظ على استقلالية القرار الوطني، وصون الإنجازات والمكتسبات الداخلية والدولية التي حققناها، والتمسك بالثوابت الوطنية وفي القلب منها، صون القدس ومكانتها وتاريخها ومقدساتها، مطالباً المجتمع الدولي بكافة أطرافه وهيئاته وقواه المؤثرة، بإلزام إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" بوضع حد لسياساتها الاستيطانية وممارساتها، مشيراً إلى أن الحل القائم على مبدأ الدولتين على حدود العام 1967 بات في خطر حقيقي وداهم، تحت وطأة القرارات الأميركية الأحادية غير المسؤولة، وما نتج، وينتج عنها من تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية ضد أرضنا وشعبنا ومقدساتنا.
وشدد على أن على بعض أطراف المجتمع الدولي التوقف عن الانتقاد الخجول لممارسات ومخططات حكومة الاحتلال الإسرائيلي وإجراءاتها التعسفية، ومن التهرب من الإقرار بأن استمرار الاحتلال الإسرائيلي هو ليس جذر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فحسب، وإنما مصدر العنف في المنطقة، بل وترفض إدانة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته عنها، وتقف مساندة وداعمة لممارساته، في الوقت الذي تطالب فيه بإدانة المقاومة الفلسطينية السلمية للاحتلال والتي أقرتها الشرعية الدولية، داعياً دول العالم الحر إلى دعم حق شعبنا الفلسطيني في إنهاء الاحتلال وفقاً لقواعد الشرعية الدولية، ووضع الأسس المرجعية للعملية السلمية، وإزالة الاستيطان، وحل جميع قضايا الوضع النهائي وعلى رأسها قضية اللاجئين، استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194)، والإفراج عن الأسرى، وتجسيد إقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس.
وأدان المجلس بشدة، شن قوات الاحتلال عملية عسكرية واسعة النطاق في جنين، أدت إلى استشهاد الشاب أحمد إسماعيل جرار (22 عاماً)، وإصابة العشرات من المواطنين، بالإضافة إلى هدم عدد من منازل المواطنين. كما أدان سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي أدت إلى استشهاد الأسير حسين حسني عطا الله، بعد معاناة من مرض السرطان.
وحمّل المجلس سلطات الاحتلال وإدارة مصلحة سجونها، المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع الصّحي للمعتقل عطا الله واستشهاده، ورفض الإفراج عنه لتلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينية، مناشداً كافة الهيئات الدولية التدخل العاجل لوضع حد لمعاناة الأسرى في معتقلات الاحتلال، وإجبار سلطات الاحتلال على تطبيق القانون الدولي والإنساني والمعاهدات الدولية بالخصوص.
وفي سياقٍ آخر، حيّا المجلس موقف وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، الرافض للابتزاز والتهديد الأميركي، وإصرارها على المضي قدماً في تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين في الوطن وبلدان الشتات، رغم القرار الأميركي بتجميد مبلغ 65 مليون دولار من أموال المساعدات الأميركية المخصصة للوكالة.
وفي هذا السياق، شدد المجلس على ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته لضمان استمرار عمل الوكالة، داعياً دول العالم إلى سرعة تقديم الأموال اللازمة، وضرورة إطلاق حملة عالمية لجمع الأموال لتغطية العجز حتى تتمكن من مواصلة تقديم خدماتها لأبناء شعبنا اللاجئين في مختلف أماكن تواجدهم، وذلك إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها الشاهد الحي على استمرار مأساتهم.
وجدد المجلس التأكيد على موقف القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية المبدئي والثابت تجاه حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بتطبيق القرار (194)، ورفض كافة أشكال التوطين، وأكد ضرورة استمرار عمل وكالة الغوث في تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وفق التفويض الممنوح لها بموجب القرار (302) الصادر عن الأمم المتحدة.
وأوضح أن واقع المخيمات وما رافقها طوال عقود النكبة والتشرد من معاناة وحرمان، تستصرخ الضمير الإنساني لتحمل المسؤولية في استمرار تمويل ودعم الوكالة وتمكينها من الوفاء بالتزاماتها الأخلاقية والقانونية في دعم صمود اللاجئين الفلسطينيين وتجنيبهم المزيد من الويلات والألم والمعاناة.
وأضاف إن قضية اللاجئين هي جوهر الصراع العربي - الإسرائيلي، وأن حلّها يتطلب تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وخاصة القرار (194) وهو المدخل الرئيس نحو إنهاء الصراع، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وأشاد المجلس بما تحلت به مملكة بلجيكا من مسؤولية أخلاقية وإنسانية وسياسية، بتقديم مبلغ 19 مليون يورو للأعوام الثلاثة القادمة لوكالة الأونروا، بزيادة مليوني دولار عن قيمة مساهمتها المالية، وكذلك دفع مساهمتها البالغة 6.3 مليون يورو للعام 2018 بشكل مستعجل.
واستنكر المجلس قرار وزارة المالية الإسرائيلية، حجز مبلغ نصف مليون شيقل من أموال السلطة الفلسطينية، لصالح تنفيذ قرار المحكمة اللوائية، التي قررت إلزام السلطة الفلسطينية بتعويض من قالت إنهم تعرضوا للتعذيب والأضرار من قبل السلطة بتهمة التجسس لإسرائيل، مع الإشارة الى أن هذا المبلغ هو الدفعة الأولى من سلسلة دفعات قد تصل إلى ملايين الشواقل ستقوم الحكومة الإسرائيلية بحجزها لهذه الحجة الواهية.
وأكد مجلس الوزراء أن هذا الإجراء ما هو إلا قرصنة إسرائيلية على الأموال الفلسطينية، ضمن سياسة احتجاز عائدات الضرائب الفلسطينية التي اتبعتها الحكومة الإسرائيلية مرات عديدة، ورفض الحكومة الإسرائيلية إطلاع الجانب الفلسطيني على تفاصيل ما يتم اقتطاعه من هذه العائدات، وإصرارها على التصرف بالأموال الفلسطينية بإرادتها المنفردة، ورفضها تدقيق كل الفواتير منذ قيام السلطة الوطنية، ورفضها حل الملفات المالية العالقة. وشدد على أن الحكومة ستتخذ كل ما يلزم من إجراءات لاسترداد الحقوق المالية الفلسطينية.
وعلى صعيدٍ آخر، أشاد المجلس بنتائج أعمال مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، والمواقف التي عبر عنها في بيانه الختامي، والذي رفض فيه قرارات الإدارة الأميركية الأخيرة رفضاً قاطعاً، وشدد على أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة والتي يجب العمل الجاد على إعلانها رسمياً والاعتراف الدولي بها وقبول عضويتها الفاعلة في كافة المنظمات والهيئات الدولية.
وشدد المجلس على أهمية هذا المؤتمر لوضع القدس في المكانة التي تستحقها في صدارة الوعي والاهتمام العربي والإسلامي، وأكد أهمية تقديم الدعم لتعزيز صمود أهلنا في القدس، والانتصار لدعوات الرئيس للأشقاء العرب والمسلمين والمؤمنين من كل أنحاء العالم لزيارة القدس العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية للتأكيد على عروبة القدس وصلة جذورها بتاريخ وحاضر ومستقبل شعبنا والأمتين العربية والإسلامية.
واستعرض رئيس الوزراء أمام المجلس، نتائج مباحثاته مع البنك الدولي برئاسة ممثلة البنك في فلسطين مارينا ويس، وذلك عشية مشاركته في اجتماع لجنة تنسيق مساعدات الدول المانحة الذي سيعقد في بروكسيل نهاية الشهر الجاري، لبحث سبل دعم عدد من المشاريع التنموية في فلسطين، للمساهمة في التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل، ودعم مشاريع الطاقة الشمسية والمياه خاصة في قطاع غزة، بالإضافة إلى الاستثمار في المناطق المسماة "ج"، لا سيما في قطاعات الإسكان والزراعة، وأهمية استمرار البنك الدولي في دعم فلسطين والمشاريع التنموية فيها، بالإضافة إلى التأكيد على تطور الأداء الحكومي رغم انخفاض نسبة المساعدات الدولية لفلسطين، والمعيقات التي تواجه عمل الحكومة بسبب انخفاض نسبة التمويل للمشاريع المقدمة، والقرار بخفض المساعدات الأمريكية للأونروا، وسياسة الإدارة الأميركية تجاه الفلسطينيين، لا سيما المساس بحقوقهم الثابتة التي أقرتها الشرعية الدولية.
وتقدم المجلس بالتهنئة لأبناء الشعب الفلسطيني لمناسبة تشغيل خدمات الجيل الثالث وإطلاق الحملات التجارية لشركات الهاتف النقال الفلسطينية، وذلك بعد اثني عشر عاماً من مطالبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي برفع القيود المفروضة على تقديم هذه الخدمات.
وأشار إلى حرص الحكومة وجهودها الحثيثة للحصول على هذه الخدمات كحق وحاجة ماسة للمواطنين والشركات، وكضرورة لمواكبة التطورات العالمية والتي ستعود بالفائدة على المجتمع الفلسطيني وعلى الاقتصاد الوطني، لا سيما دعم الشباب الفلسطيني المليء بالطاقة والأفكار الخلاقة والريادية التي تمكنه من الانطلاق بمشروعه الناشئ وخلق فرص عمل.
كما تقدم المجلس بالشكر إلى طواقم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على الجهود الحثيثة التي بذلتها لإطلاق هذه الخدمات، وشكر المؤسسات والشركات الدولية التي ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز الوطني الهام.
ودعا المجلس الشركات الفلسطينية ذات العلاقة إلى توفير الخدمة بجودة عالية تستجيب لتوقعات أبناء شعبنا الذي انتظر طويلاً للحصول على هذه الخدمة. وأكد أن قطاع غزة يستحق أن يتمتع بهذه الخدمات التي حرمه منها الاحتلال الإسرائيلي، وأن الحكومة ستبذل أقصى جهودها لتوفير هذه الخدمات في غزة، ووجه المجلس وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتوظيف كل إمكانياتها لحشد الدعم الدولي اللازم من خلال مؤسسات دولية مؤثرة، كالاتحاد الدولي للاتصالات، للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لرفع القيود عن إدخال الأجهزة والمعدات اللازمة لبناء شبكات الجيل الثالث في غزة، وبناء شبكات تكنولوجيا حديثة في جميع أراضي دولة فلسطين.
وهنأ المجلس وزير الصحة الدكتور جواد عواد لمناسبة منحه جائزة "الشخصية العربية الصحية في الوقاية من الأمراض لعام 2018"، وذلك تقديراً لجهوده في تعزيز الصحة في الوطن العربي، وأشار المجلس إلى أن مثل هذا الإنجاز هو تأكيد على أن العمل الصحي الفلسطيني قد أثبت نفسه في كافة الميادين من خلال الخبرات الفلسطينية المتميزة.
وعلى صعيد آخر، قرر المجلس إحالة كل من مشروع قرار بقانون معدل لقانون ضريبة الأبنية والأراضي داخل مناطق البلديات، ومشروع نظام ترخيص المحطات الإذاعية والتلفزيونية الأرضية والفضائية وشركات خدمات البث الفضائي ومكاتب المحطات الفضائية، وتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية بشأن القضايا الجزائية المقامة ضد الموظفين، إلى أعضاء مجلس الوزراء لدراستها وإبداء الملاحظات بشأنها، تمهيداً لاتخاذ المقتضى القانوني المناسب في جلسة مقبلة.