القدس - النجاح الإخباري - ذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، أن "قوات الاحتلال استخدمت القوة المفرطة لتفريق تظاهرات سلمية للفلسطينيين في مدينة اللد" داخل أراضي الـ48، خلال الهبة الشعبية في شهر أيار/مايو الماضي، والتي جاءت التحامًا مع القدس المحتلة التي شهدت اعتداءات من الاحتلال على المسجد الأقصى المبارك والمصلين خلال شهر رمضان المبارك، ومحاولات التهجير القسري للفلسطينيين من حي الشيخ جرّاح، إلى جانب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وارتقى خلال الهبة الشعبية في اللد الشهيد موسى حسونة برصاص المستوطنين، وأصيب عدد آخر جراء قمع شرطة الاحتلال للمتظاهرين السلميين، في حين اعتقل أكثر من 200 فلسطيني من المدينة بعد مداهمة عشرات البيوت العربية والاعتداء على سكانها.
ونبهت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته، اليوم الثلاثاء، إلى أن شرطة الاحتلال بدت وكأنها تتصرف بفتور وبشكل غير متساوٍ تجاه العنف الذي يرتكبه اليهود المتطرفون ضد المواطنين الفلسطينيين في أراضي الـ48.
وأضاف التقرير: "بدا أن التصريحات العلنية لكبار المسؤولين في حكومة الاحتلال تشجّع ردود الفعل التمييزية من قبل السلطات والقضاء. وجاء رد شرطة الاحتلال في اللد وسط تمييز ممنهج تمارسه حكومة الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين في مناطق الـ48 في كثير من جوانب حياتهم".
وقال مدير "هيومن رايتس ووتش" في فلسطين ودولة الاحتلال عمر شاكر، "ردت سلطات الاحتلال على أحداث مايو/أيار في اللد من خلال تفريق الفلسطينيين المتظاهرين سلميًا بالقوة، واستخدمت الخطاب التحريضي، ولم تتصرف بمساواة عندما هاجم القوميون اليهود المتطرفون الفلسطينيين. هذا الرد، الذي يبدو أنه تمييزي، يبرز الحقيقة أن جهاز الدولة الإسرائيلي يمنح امتيازات لليهود المستوطنين الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، أينما كانوا ومهما كان وضعهم القانوني".
وأضاف: على "لجنة التحقيق بشأن دولة الاحتلال والأراضي الفلسطينية المحتلة" التي أنشأها "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" في مايو/أيار التحقيق في هذه الممارسات التي تبدو تمييزية، وما إذا كانت التعليقات التحريضية التي أدلى بها كبار المسؤولين في حكومة الاحتلال حرّضت على العنف.
واستنادًا لمقابلات أجرتها "هيومن رايتس ووتش" مع سكان من مدينة اللد، وتحليل عدة مقاطع فيديو صوّرت خلال الهبة ونشرت على منصات التواصل الاجتماعي، فإن الأدلة تشير إلى أن "سلطات الاحتلال استجابت للأحداث بطريقة تمييزية على ما يبدو"، وفقًا لما جاء في التقرير.
ولفت التقرير إلى أن "سلطات الاحتلال فرّقت بالقوة العديد من التظاهرات التي نظمها الفلسطينيون داخل أراضي الـ48 والضفة الغربية خلال تلك الفترة".
ويستعرض التقرير تسلسلًا زمنيًا للأحداث، بدءًا من 10 أيار/مايو الماضي، والذي شهد قمع شرطة الاحتلال لتظاهرة سلمية أمام المسجد العمري في اللد، حيث أطلقت الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية تجاه المتظاهرين.
وأشار التقرير إلى أنه "في بعض الحالات، التي وثقتها "هيومن رايتس ووتش"، اكتفت القوات الأمنية المنتشرة في اللد بالتفرج أو لم تتدخل في الوقت المناسب لحماية السكان الفلسطينيين في اللد من عنف القوميين اليهود المتطرفين المتواجدين قرب هذه القوات أو تحت أنظارها.
وأضاف التقرير أن "شهود عيان قالوا إنه كان بينهم أعضاء في جماعات يهودية قومية متطرفة جاؤوا من خارج اللد. في إحدى الحالات، أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن البلدية وفرت أماكن إقامة لأعضاء هذه المجموعات".
كما أشار التقرير إلى أنه في أعقاب الأحداث التي شهدها شهر أيار/مايو، وعلى مدار أسبوعين تقريبًا، اعتقلت قوات الاحتلال 2,142 شخصا من مناطق الـ48 والقدس الشرقية، 90% منهم من الفلسطينيين.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن الفلسطينيين في مناطق الـ48 يواجهون تمييزا ممنهجًا في العديد من جوانب الحياة الأخرى، منها الوضع القانوني، وسياسات الأراضي، والحصول على الموارد والخدمات، حيث يعكس هذا التمييز السياسة العامة للحكومة الإسرائيلية القاضية بتفضيل اليهود الإسرائيليين على حساب الفلسطينيين.
وبحسب التقرير، توصلت "هيومن رايتس ووتش" إلى أن سلطات الاحتلال ترتكب جريمتين ضد الإنسانية متمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد، بناء على سياسة حكومة الاحتلال، للحفاظ على هيمنة الإسرائيليين اليهود على الفلسطينيين أينما كانوا، وانتهاكات جسيمة ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتُرتكب جريمة الفصل العنصري عندما تجتمع هذه العناصر.
وأكد أن "القانون الدولي لحقوق الإنسان يلزم سلطات الاحتلال بتوفير المساواة للجميع أمام القانون، دون تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الأصل القومي أو الإثني. ويقع على عاتق السلطات واجب حماية حق كل فرد في الحياة، دون تمييز، الأمر الذي يتطلب اتخاذ إجراءات معقولة لمنع الهجمات التي تهدد الحياة، والتحقيق مع المرتكبين ومقاضاتهم. كما يُلزِم القانون الدولي لحقوق الإنسان قوات الأمن بحماية الحق في التجمع السلمي، بغض النظر عن الآراء السياسية للمتظاهرين أو هويتهم، دون استخدام القوة المفرطة. في الوقت نفسه، على القوى الأمنية الرد على أعمال العنف بطريقة متناسبة تقلل من استخدام القوة وتحمي الأشخاص والممتلكات دون تمييز".
ودعت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها، سلطات الاحتلال إلى التحقيق في الطريقة التي ردت بها على الهبة الأخيرة في أيار/مايو الماضي في اللد وكافة مناطق الـ48، مؤكدةً في الوقت نفسه أن على المفوضين في لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي شكّلها مجلس حقوق الإنسان للنظر في الانتهاكات التي ارتكبت في أيار/مايو الماضي، التحقيق في تصرفات حكومة الاحتلال في اللد وتعاملها مع الفلسطينيين في جميع مناطق الـ48 والأراضي المحتلة.
وقال مدير "هيومن رايتس ووتش" في فلسطين ودولة الاحتلال: يبدو أن شرطة وسلطات الاحتلال في اللد تعامل المواطنين بشكل مختلف بحسب ما إذا كانوا يهودا أو فلسطينيين. على لجنة التحقيق الأممية اغتنام الفرصة غير المسبوقة لمعالجة التمييز وغيره من الانتهاكات التي يواجهها الفلسطينيون داخل أراضي الـ48 فقط بسبب هويتهم.