النجاح الإخباري - أكد وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، أن القرار الأميركي بشأن الاستيطان غير قانوني، ولا يعتمد على أية أسس قانونية، وإنما هو قرار سياسي بإمتياز، يؤكد على الإنحياز الأعمى وغير المسبوق لإدارة ترمب ودعمها لدولة الإحتلال، دولة الإرهاب، دولة الفساد، ودولة العنصرية والتطرف إسرائيل.
وقال المالكي في كلمته أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب الذي عقد، اليوم الاثنين، برئاسة العراق وبناء على طلب دولة فلسطين لبحث التطور الخطير لموقف الادارة الاميركية بشأن الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني في أرض دولة فلسطين المحتلة عام 1967، إن خطورة القرار تبرز فيما يمكن أن يتبعه أيضاً من نتائج وتجليات، وما يُمهد له من إجراءات وقرارات مدمرة للقضية ولحقوق الشعب الفلسطيني، لعملية السلام، للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
وتابع المالكي: إننا نلتقي هذا اليوم بُعيد التصريح المشؤوم الذي أدلى به وزير الخارجية الاميركي والذي اعتبر فيه ان الاستيطان الاستعماري لم يعد مخالفا للقانون الدولي، في اعلان جديد يضاف لتسعة قرارات اتخذتها الادارة الاميركية وفريقها المتصهين ضد شعبنا وحقوقه وقضيته العادلة، بشكلٍ منحاز بالكامل للإحتلال وسياساته ومخططاته، وفي اطار ما بات يُعرف بصفقة القرن الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية وازاحتها عن سلم الاهتمامات الدولية، لتسهيل مهمة الاحتلال في حسم قضايا الوضع النهائي التفاوضية بشكل ميداني ومن جانب واحد وبالقوة، بعيدا عن مرجعيات السلام الدولية والقانون الدولي وقرارات الامم المتحدة ذات الصلة.
وأضاف، "رغم وعينا بأهميته القانونية من عدمها فنحن نُحذر من أهميته التطبيقية العملية وآثارها الآنية وبعيدة المدى، فما امتنعت عن إتخاذه القيادات الإسرائيلية من إجراءات خلال سنوات الإحتلال الواحدة والخمسين، رغم كثرة ما أخذوهُ من إجراءات مخالفة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة، ما امتنعوا عن القيام به أو أجلوه إلى حين، أصبح متاحاً الآن بعد قرار الإدارة الأميركية الذي أعلنه وزير الخارجية بومبيو".
وأكد المالكي أن موقف الادارة الاميركية الذي اعلنه بومبيو بشأن الاستيطان يتناقض تماما مع مواقف جميع الادارات الأميركية السابقة بهذا الخصوص، وتماديا في الانقلاب الترامبي المتواصل على مرتكزات النظام العالمي واسس العلاقات والاتفاقيات التي تحكم العلاقة بين الدول، وفي مقدمتها ميثاق الامم الامتحدة ومبادئ حقوق الإنسان والشرعية الدولية وقراراتها عامة، واستخفافا مقصودا بالقرارات الأممية الخاصة بالاستيطان وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن 2334، والرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية الخاص بجدار الضم العنصري والاستيطان، واستهتاراً بالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة وغيرها، في عملية اميركية متدحرجة لتكريس الهيمنة الاميركية على المنظومة الدولية، عبر استبدال القانون الدولي والانظمة الاممية والاتفاقيات الدولية المختلفة بشريعة الغاب، الهدف منها هدم قواعد القانون الدولي واعادة بناء العلاقات الدولية بناءً على مفهوم القوة.
وأشار إلى أن نتنياهو سارع ليؤكد أن الطريق أصبحت معبدة لتفعيل وتحريك قرار ضم غور الأردن وأجزاء من الضفة الغربية لإسرائيل، وتطبيق العديد من الإجراءات التي كانت تنتظر الوقت المناسب لوضعها موضع التنفيذ الذي أصبح متوفراً بهذا القرار، فهل سيكتفي نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية بدلاً من ضمها بالكامل، وما الذي سيمنعه من ذلك؟ وهل سيمتنع عن قرار إنطباق القانون الإسرائيلي ليس فقط على المستوطنات وإنما على كامل الضفة الغربية؟ وهل سيكتفي بمنعنا كما جرت العادة من الوصول إلى القدس والأماكن المقدسة، وإنما سينطبق ذلك على بقية أراضي الضفة التي سيتم ضمها إلى إسرائيل؟ وماذا بخصوص الوجود الفلسطيني على تلك الأراضي؟ وهل تطبيق نظام الأبرتهايد على الضفة الغربية وعلى الوجود الفلسطيني سيشكل فارقا كبيرا الآن بعد هذا القرار؟ وما قد يلحقهُ من قرارات ستصدر تباعاً عن إدارة ترامب خدمة ًلأجندتها الداخلية أو خدمةً لنتنياهو؟ رغم عدم قانونيته، فخطورته بلا شك ستدمر المشروع الوطني الفلسطيني، مؤكدا إن ردنا يجب أن يكون على مستوى تلك الخطورة وتحركنا يجب أن يبدأ من الآن.
وقال المالكي: إنه رغم كل ذلك، وبجهود سياسية ودبلوماسية وقانونية جبارة عمادها التنسيق العربي المشترك في المحافل كافة، وبدعم سخي من الاصدقاء تتعمق يوماً بعد يوم الجبهة الدولية الرافضة للإنحياز الأميركي المطلق للاحتلال وسياساته، والمتمسكة بالقانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها، في اجماع دولي عريض بدأ واضحا في التصويت الأممي الذي حصل في الأيام القليلة الماضية بشأن عديد القرارات التي تخص القضية الفلسطينية، ومنها "الاونروا" وحق تقرير المصير وغيرها، وكذلك قرار محكمة العدل الاوروبية بوسم منتجات المستوطنات، وما شهدته جلسة مجلس الامن الاخيرة من تظاهره دولية حقيقية لصالح القضية الفلسطينية، عبرت عنها مواقف وبيانات الدول والمجموعات الاقليمية المختلفة، إضافة للتحرك الهام الذي بدأ في الكونجرس الأميركي من خلال توقيع أكثر من 135 عضو كونجرس على وثيقة لرفض إعلان بومبيو والمطالبة بالتراجع عنه فوراً بما يؤكد من جديد عمق العزلة التي تواجهها إدارة ترمب وسياساتها المنحازة للإحتلال وفشلها الذريع في اقناع الدول بروايتها ومواقفها المخادعة.
وتساءل وزير الخارجية، ما هي الخطوات الإستباقية الممكن إنجازها لمنع تلك الخطط الإسرائيلية من الإنتقال من مخططات إلى واقع على الأرض؟ وكيف نستطيع أن نستفيد من رسالة وتوقيع هذا العدد الكبير من أعضاء الكونجرس الأميركي ضد إعلان بومبيو؟ وكيف لنا أن نجعل تلك الإدارة واعية للموقف العربي الجماعي، ومتحسّبة منه؟ وكيف لنا حماية المشروع الوطني الفلسطيني وفي مقدمته الحق الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفي حماية الفلسطينيين القاطنين تحت الإحتلال؟ .
وقال: إنه في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها قضية العرب الأولى القضية الفلسطينية، نرى ضرورةً ملحة للتحرك الجاد من أجل تطوير وتعميق إنجازاتنا السياسية والدبلوماسية في محاصرة الإنحياز الاميركي للإحتلال والإنحراف عن الشرعية الدولية وقراراتها ورفضه من قبل الغالبية العظمى من دول العالم، والبناء على تلك الإنجازات وتعظيمها من خلال خطوات عملية على الساحة الدولية لوضع حدٍ للتغول الأميركي الإسرائيلي على حقوق شعبنا، بما في ذلك تعظيم الدعاوى القضائية والقانونية ضد القرارات الأمريكية المنحازة سواء على مستوى الجنائية الدولية، أو أمام المحاكم الوطنية بما فيها القضاء الأميركي نفسه، وتوظيف الثقل العربي للإفراج عن قائمة الشركات التي تعمل في المستعمرات الإسرائيلية، وتكثيف مطالبتنا بمقاطعة بضائع المستعمرات، والمطالبة بمنع المستوطنين القاطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة من الدخول إلى أراضي الدول التي تدعي الحرص على عملية السلام وفقاً لمبدأ حل الدولتين وعلى مبادئ حقوق الإنسان، والتمسك بإتفاقيات جنيف.
وتابع المالكي: إننا نرى ضرورةً ملحة للمطالبة بعقد اجتماع عاجل للدول الأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف لدراسة الخطوات الواجبة الإتباع ضد دولة الاحتلال وخروقاتها المتواصلة لتلك الإتفاقيات.
وأكد أن مطالبة المجتمع الدولي والدول بفرض عقوبات على دولة الإحتلال يُشكل ضرورةً ملحة لردعها وإجبارها على التراجع عن تنفيذ مخططاتها وجرائمها، وعليه لا بد من حشد الجهود العربية، على مستوى الحكومات والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص، للعمل مع الشركاء الدوليين لإتخاذ ما يلزم من الإجراءات لمساءلة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين على انتهاكاتهم الجسيمة للقانون الدولي، وفي مقدمتها الإستيطان بصفته جريمة حرب وفقاً للقوانين والإتفاقيات الدولية.
وشدد على أن القيادة الفلسطينية نجحت حتى الآن في مواجهة هذا العدوان الأميركي وفي التصدي له بدعم عربي ودولي، وفي إفشال ما يُسمى صفقة القرن أو في إفشال محاولات تعطيل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، أو في التصدي لمحاولات تركيع القيادة الفلسطينية وإبتزازها مالياً وسياسياً عبر وقف كافة المساعدات المالية، وإغلاق مكتب المنظمة في واشنطن، وتمرير مشاريع القرارات في الكونجرس التي حولتنا إلى إرهابيين، وحرف الأنظار عن كون القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى والمركزية، فنحن على يقين أننا جميعاً وبعملنا المشترك سنتمكن أيضاً من مواجهة هذا القرار وهزيمته، وعزله دوليا.