رام الله - النجاح الإخباري - أكد رئيس دولة فلسطين محمود عباس "إننا ضد ما يجري في المنامة وضد صفقة العصر وسنبقى في أرضنا صامدين، ونحارب الإرهاب أينما كان".
جاء ذلك في كلمة له أثناء لقائه الصحافة الأجنبية، في مقر الرئاسة بمدينة رام الله.
وقال، "إن الأموال مهمة والاقتصاد مهم، لكن الحل السياسي أهم، وعندما يتم حل سياسي على أساس الشرعية الدولية ورؤية الدولتين، وقتها نقول مرحبا بكل من يريد أن يساعدنا"، معربا عن رفضه المطلق أن تحول أميركا القضية الفلسطينية من سياسية إلى اقتصادية.
وحول خصم إسرائيل لأموال المقاصة الفلسطينية، جدد التأكيد عدم القبول باستلام الأموال منقوصة، مؤكدا أن الشهداء والجرحى والأسرى هم أقدس ما لدينا، ولا يمكن حرمانهم من الرواتب.
وفيما يلي كلمة سيادته:
في البداية سأتحدث عن موضوع ربما سمعتم به أو لم تسمعوا، ولكن بالنسبة لنا في منتهى الأهمية وهو الحدث الذي حصل قبل اسبوعين في طرابلس شمال لبنان، حدث قد يعتبره البعض أمنيا ولكنه بالنسبة لنا حدث سياسي بامتياز، وهو على النحو التالي: شاب فلسطيني من مواليد طرابلس فلسطيني لا يحمل إلا جنسية فلسطينية كان راكبا بسيارته وشاهد شخصا يركب دراجة نارية، يطلق النار على الناس ويحمل على وسطه حزاما ناسفا، فهجم عليه ومنعه من استكمال إطلاق النار أو تفجير نفسه، لكن ذلك الشخص قبل أن يصدمه الفلسطيني أطلق 11 رصاصة عليه، فأصابه بثلاث رصاصات إحداها خطيرة جدا برأسه والشاب الذي كان يحمل حزاما لبناني من طرابلس، إذن المفارقة هنا أن فلسطيني من طرابلس يمنع لبناني من طرابلس أن يقتل لبنانيين، ونجح نجاحا كبيرا ومنعه من تفجير نفسه ومنع وقوع كارثة كانت ستحصد عددا كبيرا من الأرواح اللبنانية.
النقطة الثانية هي صفقة العصر، قبل أن تعلن صفقة العصر، أو قبل أن يبدأ الرئيس ترمب بتوضيح موقفه من نقاط كثيرة تتعلق بصفقة العصر أنا التقيت به 4 مرات، والوفد الذي يعمل معي التقى معهم 34 مرة (مع الوفد الذي يرافق ترمب)، وكل هذه اللقاءات كانت من أجل الحديث عن الحل السياسي لقضية الشرق الأوسط.
وفي اللقاء الأخير الذي تم بيني وبين الرئيس ترمب في صيف 2017 في نيويورك، تحدثنا بصراحة عن رؤية الدولتين، وعن تطبيق القرارات الأممية، وعن أراضي الـ67، وكان موقف الرئيس ترمب كما يلي: نحن أنا حل سياسي، أنا مع رؤية الدولتين ولا أقبل دولة واحدة لأنها ستكون (ابرتايد) ونحن مع حدود 67 مع تبادلية، مع أن تتولى الولايات المتحدة الأمن، أي أننا تحدثنا بكل شيء سياسي وكنا متفقين تماما على هذه الرؤية واستغربت جدا، وشعرت أننا في اللقاء القادم قد نجد حلا سريعا لقضية الشرق الأوسط، القضية الفلسطينية، وهذا الكلام كان في سبتمبر 2017، وبعد أسبوعين من ذلك فاجأنا الرئيس ترمب أنه أولا أبلغ مكتبنا التمثيلي في واشنطن أن مدته قد انتهت وعليه أن يغادر، وثم أعلن أن سفارته ستنقل من تل أبيب إلى القدس، وأن القدس هي عاصمة لإسرائيل، ثم بدأت إجراءات أخرى حول موضوع الأونروا والاستيطان، إلى أن وصل بسفيره في إسرائيل فريدمان ليقول إنه لا توجد هناك أرض محتلة أي أن إسرائيل من حقها أن تبني مستوطناتها في الأراضي الفلسطينية، وهنا فهمنا أن الرئيس ترمب ابتعد كثيرا ولم يعد هناك حل سياسي، ومع ذلك استمر يتكلم عن صفقة القرن، وأنا أستغرب حتى الآن ما هي الصفقة التي بقيت عنده بعد أن تحدث عن كل هذه القضايا (القدس، والأراضي، واللاجئين، والحدود والمستوطنات) وهي كلها مواضيع موجودة في المفاوضات بيننا وبين الإسرائيليين باتفاق أوسلو، طبعا في هذه الحالة نحن رفضنا رفضا قاطعا كل ما قاله الرئيس ترمب، بل أكثر من ذلك عندما قاموا بهذه الإجراءات أوفقنا الاتصالات مع الإدارة الأميركية، وقالوا لماذا؟ قلنا لأنكم قمتم بكل هذه الأفعال وبالتالي أقفلتم الباب على الحل السياسي، ماذا تريدون قالوا لنا؟ قلنا لهم أن تتراجعوا عن هذا الكلام وأن تقولوا إن القدس الشرقية أرض محتلة، وحل الدولتين، وعندها نعود للحديث معكم.
وبالمناسبة، عندما ذكرت للرئيس ترمب في لقائنا الأخير حل الدولتين، قال لي بالحرف الواحد أنا الآن سأعلن عن حل الدولتين، فرد عليه أحد أعضاء وفده وقال له ليس وقته الآن سيادة الرئيس فتوقف، أقول لكم إنه كان مستعدا لكل هذا لكن مع الأسف الشديد غير كلامه وموقفه، وبدأ يسير فيما يسمى صفقة قرن، ويقولون لنا هناك صفقة القرن، ونقول لهم انتهت صفقة القرن بالذي أعلنتموه ولم يبق شيء نتحدث عنه، إذا كانت القدس والاراضي واللاجئين انتهت، بالإضافة لكل هذا كل المعونات التي كانت تقدمها لنا الإدارة الأميركية عن طريق الـundp، أو مباشرة إلى السلطة وهي بحدود الـ800 مليون دولار كلها أوقفتها الإدارة الأميركية، أقول هذا في الوقت الذي يتحدثون فيه الآن في المنامة عن مساعدة السلطة الفلسطينية، هنا يقطعون كل شيء وهنا يقولون تعالوا سنعطيكم قليلا من النقود.
بالنسبة لصفقة القرن هذا ما جرى بالضبط بيننا وبين الأميركان، ونقول لهم نحن مستعدون للحديث معكم إذا تراجعتم عن هذا الكلام، إذا قلتم برؤية الدولتين وقبلتم بالشرعية الدولية، لأنه بصراحة عندما يتخذون مثل هذه الإجراءات يضربون بعرض الحائط كل الشرعيات الدولية بما فيها قرارات مجلس الأمن التي كانت توافق عليها أميركا وآخرها القرار2334 الذي أخذناه وترمب في البيت الأبيض، أنا أريد هذا القرار، ومع ذلك أنكر كل هذه القرارات وأصبحت لا قيمة لها.
إذا لا يوجد شرعية دولية إلى من نحتكم؟ وإذا لا يوجد محاكم دولية إلى من نحتكم؟، وإذا لا يوجد أمم متحدة إلى من نحتكم؟ إذا كانت أميركا هي الحكم، نحن نرفض هذا الحكم ولا نقبل التعامل معه.
كما قلت لكم، لن نتعامل مع الإدارة الأميركية على هذا الأمر ما لم تتراجع عن القرارات التي اتخذتها، ومن ثم تطبيق الشرعية الدولية، أنا أريد تطبيق الشرعية الدولية، أنا جزء من الشرعية الدولية، لا أريد أكثر، أنا لست خارجا عن الشرعية الدولية، نحن الآن أعضاء مراقبين في الأمم المتحدة، وبالتالي نحن نهتم جدا بأن الشرعية الدولية يجب أن تطبق، ويجب أن يكون لها الأولوية في التعامل الدولي، وإلا فهناك فوضى من الذي يحكم من؟ إذا كانت أميركا لا تريد الشرعية الدولية فماذا نفعل نحن كدول وشعوب صغيرة، وماذا تفعل بقية دول العالم؟
النقطة الثانية، الآن هناك قضية المنامة، مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، قالوا نريد أن نقدم قضايا اقتصادية لكم، نحن بحاجة لاقتصاد، وبحاجة إلى مال، وفعلا بحاجة لمساعدات، ولكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، عندما يكون هناك حل سياسي وعندما تطبق رؤية الدولتين، وعندما نرى دولة فلسطين على حدود 67 حسب ما هو وارد بقرارات الشرعية الدولية، عند ذلك نقول أيها العالم تعال لمساعدتنا نحن مستعدون للمساعدة، أما أن تحول أميركا القضية كلها من سياسية إلى اقتصادية فنحن لن نقبل هذا ولذلك قلنا لن نحضر المنامة بكل وضوح وصراحة، ولا نشجع أحدا أن يذهب لحضور المنامة، ونحن متأكدون أن ورشة المنامة لن يكتب لها النجاح.
العلاقة مع إسرائيل، نحن بيننا وبين إسرائيل اتفاق أوسلو، والاتفاقات الملحقة بأوسلو والتي تصل إلى اتفاق باريس، وأقول لكم بصراحة منذ أكثر من 15 عاما إسرائيل أيضا نقضت كل هذه الاتفاقات وهي مكتوبة كلها بيننا وبينهم ووقعناها في حديقة البيت الأبيض برعاية الرئيس كلينتون، ثم بعد ذلك في باريس برعاية الحكومة الفرنسية، كل هذه الاتفاقيات ألغيت ولم تبق إسرائيل أيا منها ونحن صابرون، ولكن في الفترة الأخيرة قررت إسرائيل أن تخصم أموالنا، طبعا هي تجمع لنا الأموال من الموانئ والبضائع التي تصل البلاد باعتبار أنه لا تواجد لنا على الحدود وتقدم لنا كل شهر هذه الأموال بعد أن تخصم أجرتها 3% دون حساب، ويرفضون التعامل معنا لكي لا نسألهم عن كيفية الخصم..الخ، إلى أن جاء وقت وقرر الكنيست الإسرائيلي أن يخصم أموال الشهداء والأسرى والجرحى من أموال المقاصة، نحن رفضنا هذا، فقالوا هذه الأموال ناقصة أموال الشهداء فرفضناها وقلنا لن نقبل بها وأعيدت لهم، ومنذ 4 أشهر ونحن ننتظر لكي نجد حلا بيننا وبينهم، إنما أن نقبل أن نستلم الأموال منقوصة فهذا لا يمكن أن نقبل به إطلاقا. بعض الدول حاولت أن تقول لنا خذوا الأموال وتفاوضوا قلنا لا، إما أن نأخذها كلها أو لا، نحن مستعدون للحوار مع الإسرائيليين لماذا تخصمون هذه الأموال؟ بالنسبة لي كيف أقبل قرارا يمس حقوقي ويمس الشهداء وهم أقدس ما لدينا، والجرحى وهم أقدس ما لدينا، والأسرى وهم أقدس ما لدينا، فلا يمكن أن أحرمهم من الرواتب من اجل أن إسرائيل تريد أن تسميهم إرهابيين، فهذا كلام لا يقبل به أحد ولا نقبله إطلاقا.
ذهبنا لمجلس الأمن وقدمنا مشروعا وقلنا فيه نريد مؤتمرا دوليا كما عقد في أنابوليس من أجل حل القضية على أساس الشرعية الدولية ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن ونحن ننتظر ولا أحد يسمع وبالذات أميركا، لأنه أميركا إذا وافقت بطبيعة الحال ممكن أن يعقد مؤتمرا دوليا، نحن لا نستطيع أن نتعامل مع العالم خارج إطار الشرعية الدولية، فإذا لم أتمسك بالشرعية بماذا أتمسك؟ بفرض الأمر الواقع لم يعد يجد إطلاقا، بالقوة لم تعد تجدي إطلاقا، وهو يجربون الآن التهديد بالقوة بينهم وبين إيران وهذا ليس شأننا، لكن أقول حل القضايا بالطرق السلمية والشرعية وطرق الاتفاقات أفضل بكثير من التهديد بالصواريخ وغيرها ووضع العالم على شفير حرب كبيرة.
هنا نقطة أخرى وهي المصالحة بيننا وبين حماس، منذ عام 2007 ونحن نتفاوض مع حماس من أجل المصالحة، وأخيرا اتفقنا مع المصريين على اتفاق اسمه اتفاق 2017 الذي يقضي بالحل، بحيث أنه الحكومة الحالية هي التي تتولى المسؤولية كاملة في غزة كما هي مسؤولة عنها في الضفة الغربية، وبعد ذلك نجري الانتخابات ثم حكومة وحدة وطنية ونوحد البلد مع بعضها البعض، هذا ما عرضه المصريون علينا ووافقت عليه حماس ونحن وافقنا عليه وإلى الآن مع الأسف لم يطبق، ونحن ملتزمون بهذا الاتفاق.
يخرج كوشنير او جريبنلات ويقول إن السلطة الفلسطينية فاسدة، يستطيع قول ما يريد، أنا اتحدى أي إنسان يقول لي فلان في السلطة الفلسطينية فاسد ولم نذهب به إلى القضاء، نحن منذ 10 سنوات أسسنا مؤسسة مكافحة الفساد وهي مؤسسة مستقلة ولها حرية كاملة لتناقش وتفاوض وتحقق مع من يأتيها تقرير عنه وتذهب به إلى القضاء، اذا جاء أي شخص من أي بلد وقال لي فلان أو أنت أيها الرئيس فاسد في كذا وكذا، أنا أضع نفسي تحت تصرف هيئة مكافحة الفساد، لأنه من 10 سنوات ونحن نتابع كل فاسد، ولكن مع الأسف كثير منهم محمي بالدول، لأنه عنما يهرب إلى دولة فلا تسلمه، ونحن نحاكمه لكنه يحتمي بدولة ما، إنما لا نترك أحدا قال عنه فاسد أو يتهم أنه فاسد ويثبت ذلك ولا نعاقبه، هذه هي سياستنا منذ 10 سنوات وإلى الآن، وهذا ما نقوم به، بحيث ننشئ دولة فلسطينية عصرية تلتزم بالقانون والنظام الدولي والأخلاق وبحقوق الإنسان، تحدث أخطاء نعم ومستعدون فورا لتصحيح الخطأ، لأننا لا نقبل أن يتم أي تصرف عندنا ضد حقوق الإنسان.
خلاصة القول، الأموال مهمة والاقتصاد مهم، لكن الحل السياسي أهم، عندما يتم حل سياسي على أساس الشرعية الدولية ورؤية الدولتين وقتها نقول مرحبا بكل من يريد أن يساعدنا، سواء من المنامة أو من غير المنامة، إنما الآن نحن ضد ما يجري في المنامة وضد صفقة العصر وسنبقى في أرضنا صامدين ونحارب الإرهاب أينما كان.