وكالات - النجاح الإخباري - بينما تدرس الحكومة الألمانية، في هذه الأيام، ما إذا كانت ستتبنى قرار البرلمان (البوندستاغ) الذي اعتبر حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) معادية للسامية، وبالتالي عدم السماح لها باستخدام مبان عامة في ألمانيا، ودراسة الأبعاد المحتملة للقرار على التمويل الألماني لهيئات داعمة لحركة المقاطعة، فإن إسرائيل تضغط على الحكومة الألمانية لتبني هذا القرار.
وكان البرلمان الألماني قد قرر، الشهر الماضي، للمرة الأولى في برلمان أوروبي، بشكل رسمي اعتبار حركة المقاطعة معادية للسامية، علما أن القرار، وهو ليس قانونا وإنما دعوة للحكومة، قد حظي بدعم واسع من قبل كتلة الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) والحزب الديمقراطي الحر (FPD)، وأيده عدد من أعضاء الخضر بينما امتنع آخرون.
ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مصادر في وزارة الداخلية الألمانية أن الوزارة تميل إلى دعم الاقتراح، في حين تعارض وزارة الخارجية ذلك. وكان مسؤولون في الخارجية قد قالوا لصحافيين، مؤخرا، إنهم يعارضون مقاطعة إسرائيل، ولكن “يوجد في الحركة أطياف واسعة من المواقف، يوجب فحص كل حالة أو منظمة بذاتها من أجل الحسم فيما إذا كانت تحمل خصائص معادية للسامية”.
يذكر في هذا السياق أن نحو 240 مثقفا يهوديا نشروا عريضة، الأسبوع الماضي، ضد قرار البوندستاع، واعتبروا أن المقاطعة هي سلاح احتجاج مشروع وغير عنيف. ودعا الموقعون الحكومة الألمانية إلى عدم تبني القرار، وإنما دعم حرية التعبير، ومواصلة دعم الجمعيات الإسرائيلية والفلسطينية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي بطرق سلمية والتي تكشف الخروقات الخطيرة للقانون الدولي وتعزز المجتمع المدني.
وكان المتحف اليهودي في برلين قد نشر العريضة في حسابه على “تويتر”، الأمر الذي عرضه لهجمات، بينهم سفير إسرائيل في برلين، جيرمي يسسخاروف، والذي اعتبر نشرها “عارا”.
وكانت تقارير ألمانية قد أشارت، نهاية العام الماضي، إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قد طلب من المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، وقف تمويل المتحف بادعاء أنه “يعرض القدس من وجهة نظر إسلامية عربية”. كما طلب منها العمل ضد تمويل منظمات أخرى بادعاء أنها معادية لإسرائيل.
يشار إلى أن نتنياهو لم ينف ذلك، وقال مكتبه إنه “طرح أمام زعماء مختلفين قضية تمويل المنظمات والجمعيات الفلسطينية والإسرائيلية التي تعرض جنود الجيش الإسرائيلي كمجرمي حرب، وتدعم الإرهاب الفلسطيني، وتدعو إلى مقاطعة إسرائيل”.
وفي ذات السياق عمد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد إردان، إلى الاستعانة بجهاز الموساد من أجل مكافحة نشاط حركة المقاطعة العالمية، وذلك من خلال جلسات التشاور والتنسيق التي عقدها مع العديد من المسؤولين بالجهاز وبضمنهم رئيس الموساد يوسي كوهين.
وكشفت صحيفة “هآرتس” النقاب عن هذا الدور والتوجه لوزير الأمن الداخلي من خلال دفتر اليوميات الشخصي لإردان، حيث أظهرت التسجيلات في العام 2018، التعاون مع الموساد من أجل مكافحة نشاط حركة المقاطعة العالمية (BDS).
وذكرت الصحيفة أنه تم الكشف عن هذا التعاون الموثق بدفاتر اليوميات، بعد طلب حركة “هتسلحاه”، بحرية المعلومات عن جميع الوزراء ونواب الوزراء ومديري الوزارات، حيث أظهر دفتر يوميات إردان توثيق لقاء مع رئيس الموساد يوسي كوهين حول موضوع محاربة المقاطعة.
وأوضحت الصحيفة أن وزارة الشؤون الإستراتيجية غالبا ما تفاخرت بتعاونها المتنوع مع مختلف الأجهزة الأمنية في البلاد، ولكنها تخفي المحتوى والنطاق الكامل للنشاط والتعاون، مدعية أنه إذا تم الكشف عنها، فإنها ستضر بالجهود السرية ضد حركة المقاطعة وقادتها.
وعقب مكتب إردان ردا على ذلك الاجتماع بالقول إن “الاجتماع كان مجرد استعراض للأمور”، ولكن مصادر مطلعة على أنشطة الوزارة قالت للصحيفة إن “الوزارة تتعاون مع الموساد”.
ووفقا للتسجيلات بدفتر اليوميات، التقى إردان أيضا مع رئيس مجلس الأمن القومي، مئير بن شبات، ومع رئيس الاستخبارات في مجلس الأمن القومي وممثلي العديد من المنظمات اليهودية، بما في ذلك اللجنة اليهودية الأميركية “AJC”، والمنظمة الجامعة ليهود فرنسا، والحركة الإصلاحية بأميركا وحركات ومجتمعات أخرى في جميع أنحاء العالم.
كما تحدث مع الزعماء والدبلوماسيين الأجانب، بالإضافة إلى لقاءات مع قادة المستوطنين، بمن فيهم رئيس المجلس الاستيطاني الإقليمي “شومرون” ورئيس المجلس الاستيطاني الإقليمي “هار حبرون”.
وخصصت العديد من اجتماعات إردان في عام 2018، على الأقل تلك المسجلة في اليوميات، من أجل إنشاء شركة خاصة لصالح الجمهور، المعروفة سابقا باسم “كيلاع شلومو (مقلاع سليمان)”، ولكن تم تغيير اسمها إلى “كونسيرت”، وهدف إقامة هذه الشركة الترويج سرا لأنشطة التوعية الجماهيرية في إطار محاربة حملة نزع الشرعية عن إسرائيل حول العالم.
ويستدل أن الحكومة الإسرائيلية قررت تحويل 128 مليون شيكل لهذه الشركة ونشاطاتها، وتضاف هذه الميزانيات الحكومية إلى مبالغ بقيمة 128 مليون تقرر جمعها من جهات خاصة حول العالم، علما أن الشركة المذكورة لا تخضع لقانون حرية المعلومات.
ومنذ توليه منصب وزير الشؤون الإستراتيجية، ركز إردان نشاط الوزارة ضد حركة المقاطعة العالمية، وحاول المسؤولون في الوزارة، وبضمنهم الرقيب العسكري السابق سيما فاكنين-جيل، استبعاد الوزارة من قانون حرية المعلومات، حيث يميلون للتستر وإلى إخفاء أجزاء كبيرة من ميزانياتهم وأنشطتهم.